دبلوماسي أمريكي سابق: اليمن يواجه "انحداراً مأساوياً" وسط فوضى داخلية وصراع إقليمي متشابك

منذ 3 ساعات

قال نائب السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن، نبيل خوري، إن ما وصفه بـالانحدار المأساوي الذي يشهده اليمن نحو الفوضى والفقر والكوارث الإنسانية، هو نتيجة مباشرة لتورط جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية في حربٍ عبثية أكلت الأخضر واليابس

وفي مقال تحليلي بعنوان «اليمن بين التفكك الداخلي والتوترات الإقليمية» نشره المركز العربي في واشنطن دي سي، أشار خوري إلى أن الصراع الدائر في اليمن لا يمكن فصله عن التنافس الإقليمي بين السعودية والإمارات، إذ يدعم كلٌّ منهما فصائل متباينة ضمن معسكر مناهض لجماعة الحوثيين، مما أدى إلى تفكك الجبهة الحكومية وإضعاف قدرتها على تحقيق أي اختراق عسكري أو سياسي

وأوضح خوري أن اليمن، بعد أكثر من عقد على اندلاع الحرب الأهلية، لا يلوح في الأفق أي مخرج قريب للصراع، إذ إن خطوط السيطرة بين أطراف النزاع تكاد تكون ثابتة، فيما تتدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية بصورة مأساوية

وأضاف أن مجلس القيادة الرئاسي، الذي يمثل الحكومة المعترف بها دوليًا، يعاني هشاشةً داخلية عميقة، إذ يضم قوى سياسية وعسكرية متنافرة مدعومة على نحو متفاوت من الرياض وأبوظبي، في مواجهة جماعة الحوثيين المتحالفة مع طهران، والتي تسيطر على معظم المناطق ذات الكثافة السكانية العالية بما فيها العاصمة صنعاء

ووصف خوري المجلس الرئاسي بأنه متشرذم وغير قادر على توحيد القرار السياسي أو العسكري، مشيراً إلى فشله في هزيمة الحوثيين أو تقديم الخدمات الأساسية للسكان، فضلاً عن عجزه عن بلورة رؤية واقعية لتسوية سلمية دائمة

وتابع قائلاً: يعيش اليمنيون اليوم تحت وطأة اقتصادٍ منهار، وأزمة إنسانية خانقة، وبيروقراطية فاشلة في كلٍ من مناطق الحوثيين والمجلس الرئاسي على السواء، مضيفاً أن ولاءات الفصائل المسلحة والجماعات المحلية تدور في فلك رعاةٍ إقليميين متنافسين، تتجسد خلافاتهم في صراع النفوذ داخل هذا البلد الواقع على ممراتٍ بحرية استراتيجية

وفي ما يخص الجهود الأممية، رأى خوري أن الأمم المتحدة تواجه ضعفاً في الدعم الدولي، ما يجعل قدرتها على تحريك عملية السلام محدودة للغاية، مؤكداً أن مصير اليمن أصبح رهينة الانقسامات الداخلية والتجاذبات الجيوسياسية الإقليمية

ولفت خوري إلى أن انخراط الحوثيين في الحرب المعلنة دعماً للفلسطينيين تحت مبررات أخلاقية وإنسانية ودينية أضاف طبقة جديدة من التعقيد إلى الأزمة اليمنية، موضحاً أن هجمات الجماعة على السفن في البحر الأحمر ثم استهداف إسرائيل بعد حرب غزة في أكتوبر 2023 أدت إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين ردّتا بشنّ غاراتٍ جوية متكررة على الأراضي اليمنية

وأشار خوري إلى أن أهداف الضربات الأمريكية والإسرائيلية لا تزال غامضة، موضحاً أنه إذا كان الهدف إسقاط الحوثيين أو تغيير النظام في صنعاء، فإن التجربة تُثبت استحالة ذلك

أما إذا كان الهدف إضعاف الحوثيين أو تقليص نفوذهم الإقليمي، فإن الهدوء النسبي الحالي يمكن اعتباره نجاحاً جزئياً – لكنه مرتبط أكثر بوقف إطلاق النار في غزة وبقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق الغارات، لا بنتائج ميدانية ملموسة

واختتم خوري تحليله بالتأكيد على أنه رغم تعقيدات المشهد اليمني، لا يملك المجتمع الدولي خياراً آخر سوى مواصلة مساعي الوساطة المبدعة، في محاولةٍ لنسج خيوط تسويةٍ محتملة من بين تشابكات الأزمة اليمنية والإقليمية