د-ثابت الأحمدي : وقفة مع الشيخ السّلامي حول مفهوم الموالاة

منذ 5 أشهر

‏اطلعتُ على منشورٍ للشيخ الفاضل عبدالرب السّلامي يقول فيه: موالاة صالحي آل بيت رسول الله، بمعنى محبتهم وتقديرهم فريضة واجبة

وموالاتهم، بمعنى الاعتقاد بحقهم الإلهي في الحكم بدعة كاذبة

فلا يجحد الأولى إلا زنديق غليظ القلب، ولا يوجب الثانية إلا ضال سفيه العقل، والحق وسط بين المغضوب عليهم والضالين

ا

هـ

‏ولي معه هذه الوقفات العجلى:‏1ــ الحقيقة التي أراها أنّ الشيخ الكريم قد وقع في التناقض من حيث لا يدري، وعبرت تأثيرات العقل الباطن لديه عن نفسها أكثر مما أراد العقل الواعي أن يقوله؛ لأنّ الرجلَ ذو خلفية سلفيّةٍ تقليديّةٍ، وإن كان على قدر عالٍ من الاطلاع وصاحب منطق مرتب في الحديث

بمعنى أن فكرة الآل لا تزال مسيطرة، أو حاضرة في ذهنه بقوة، على الأقل

!‏2ــ لسائلٍ أن يسأل: كيف وقعَ في التناقض؟ ونقول: أثبت ــ أولا ــ موالاة آل البيت، مشترطا الصلاح، مع أن الصلاح مسألة نسبيّة في الأساس؛ إذ ليس هناك ميزان نزنُ به الصّلاح لهذا الشخص أو ذاك

ولا يمكن أن يكون ثمة مقياس محددٌ يُقاس به الصلاح لا لآل البيت، ولا لغيرهم؛ بل إنّ من هو صالح في نظر فلان، فإنه مجرم في نظر آخر

وبين يدينا نموذج واضح اليوم، عبدالملك الحوثي نفسه، فإنه في نظر أتباعه صالح، مصلح، بل مقدس في نظرهم؛ بينما هو لدينا مجرم سفاح قاتل

وهذا خلل منهجي في التفكير، ما كان ينبغي للشيخ الكريم أن يقع فيه

‏3ــ على افتراض صحة نسب عبدالملك الحوثي لآل بيت النبي، وعلى افتراض أن عبدالملك الحوثي يصلي ويصوم ويزكي ويحج

فإنّ محبته وتقديره ــ وفقًا لفتوى الشيخ ــ فريضة واجبة علينا

!! بمعنى إذا لم نحبه ونقدره لزمنا الإثم؛ لأن هذا واجب شرعي، كما تقررُ فتوى الشيخ، أو حتى رأيه

‏دعك من عبدالملك الحوثي نفسه

لنأخذ نموذجًا آخر

هل تلزمني محبة الحبيب الجفري مثلا وتقديره؛ لأنه من آل البيت؟! علما أنه على الصّعيد الشخصي رجل صالح، يصلي ويصوم ويزكي ويحج، ورجل خلوق، ولا يقرب المحرمات، أو هكذا نراه

إذا قلت: نعم، فلا فرق الآن بينك وبين عبدالملك الحوثي نفسه، أو محمد عبدالعظيم، أو حتى حمود عباد؛ لأن هذه عقيدتهم، وهكذا يرون

وما ذا يريدون منك أكثر من هذا؟! ثم ما هي مظاهر الموالاة والمحبة والتقدير؟ وإن قلت لا، فقد وقعت في التناقض؛ لأنك ساويته بالنهاية مع صالحي عامة الناس، وانتفى ــ من ثم ــ مفهوم الموالاة؟! وما أغناك عن هذا التناقض!!‏4ــ كلامك أعلاه ــ وبمفهوم المخالفة الأصولي ــ يقرر: إذا تقدم للترشح لرئاسة الدولة يمنيان اثنان: صالحان، زاهدان، عابدان، كفؤان، على قدرٍ متساوٍ في كل شيء؛ لكن أحدهما من آل البيت، والآخر ليس من آل البيت، فإنه يلزمنا جميعًا أن نرشح العلوي الهاشمي؛ لأنه زادَ على منافسه بامتياز خاص: أنه من صالحي آل البيت؛ لأن من مظاهر المحبة والتقدير موالاته سياسيا، وتقديمه على غيره

وإذا لم يفعل اليمني ذلك فقد وقع في الإثم

! هذا حاصل منطوق كلامك الذي لم يتضمن ألفاظا مجازيّة حتى نبحثَ عن قرينةٍ للتأويل، تصرف المعنى عن ظاهره الحقيقي إلى معناه الباطني

‏5ـ وفقا لقاعدة المنطوق والمفهوم الأصولية، فإنّ حاصل منطوق حديثك الآنف الذكر يستبطن ضمنًا، وبوضوح: أنّ صالحي آل البيت أفضلُ من صالحي غيرهم

وهذا خلل آخر في منهجيّة التفكير نفسها؛ لأن مسألة التفاضل على أساسِ العرق لا تزال قائمة لديك

ومسألة التفاضل على أساس العرق هو جوهر قضيتنا التي نناضل من أجلها اليوم

فمعتقدنا أنه لا فرق بين ما يسمى آل بيت النبي أو آل بيت القيرعي، أو آل بيت السلامي أو آل بيت العليمي

جميعُهم سواسيّة

ولو كنا نعتقد أنّ لما يُسمى آل البيت فريضة دينية واجبة علينا، هي: الموالاة والمحبة والتقدير، كما ذكرتم، لما قاومناهم أساسًا، ولسلّمنا لهم الجمل بما حمل من أول يوم

!‏6ــ موالاةُ أيّ إنسانٍ كان وتقديره لهما مظاهر وملامح عملية سلوكيّة على أرض الواقع، وليست مجرد شعار مفرغ المحتوى، منها: محبة من يحب، وكراهية من يكره؛ بل وقتال من يقاتل

وإلا فلا معنى للموالاة وللمحبة والتقدير من الأساس

‏7ــ ليت الشيخ عبدالرب توقف عند هذا واكتفى به؛ بل لقد زاد إلى الحشف سوء كيلة، كما يُقال، باستعارته مصطلحاتٍ تنتمي إلى العصر الأموي، وذلك بقوله: فلا يجحد الأولى موالاة صالحي آل بيت رسول الله إلا زنديقٌ غليظُ القلب؛ إذ الزندقة التي أخذت من اللفظ الفارسي زنده/ زندو، بقدر ما اعتبرت مفهومًا دينيًا، بقدر ما انطوت على أبعادٍ سياسيةٍ أيضا آنذاك، ولو غاصَ كثيرًا في ملابساتها وتاريخها لعرف ذلك

وتكاد تقترب من مصطلح الهرطقة أو التجديف عند المسيحيين

! بمعنى أنّ من لم يُوالِ صالحي آل بيت رسول الله ويحبهم ويقدرهم فهو زنديقٌ غليظُ القلب

! إذن فالموالاة/ الولاية عند شيخنا الفاضل أصلٌ من أصولِ الدين، كما يقررُ الحوثي نفسه؛ لأنّ جاحدَها زنديقٌ غليظ القلب

! وأغلبية الشعب اليمني جاحدٌ بالولاية وبالحق الإلهي في الحكم أساسًا

فهل يصح القول: أنّ اليمنيين زنادقة غلاظ القلوب؛ لأنهم لا يوالون ما يسمى بصالحي آل بيت رسول الله؟! هذه حقيقة مفهوم كلام الشيخ عبدالرب، وإن نفى في الشق الثاني من حديثه مسألة الحق الإلهي في الحكم لهم؛ لكنه يثبته في الجزء الأول من حديثه؛ لأنّ من مقتضى الموالاة ألا تسير على عكس اتجاه صالحي آل البيت

فكيف تجمعُ بين الشّيءِ ونقيضه معًا في آنٍ واحد؟ بين موالاة صالحي آل البيت ومحبتهم وتقديرهم من جهة، ومنعهم من حقهم الإلهي في الحكم، كما يعتقدون، من جهة أخرى؟!‏أخيرًا

أدعو الشيخ الكريم أن يعيدَ النظر في رأيه هذا؛ لأنّ نصَّ كلامه هنا لم يدع لنا مخرجًا واحدًا نحمله على حُسن ظن، وإن كنا نحسنُ الظن به سلفًا، ونحترمه كثيرًا

ونأملُ أن يظل الود قائمًا، ولكن على فكرةٍ واضحةٍ، وموقفٍ بيّنٍ من قضية الوطن الكبرى، فالموالاةُ اليوم ــ كل الموالاة ــ للدستورِ اليمني، ولرئيسِ الدولة فقط لا غير

وما دونَ ذلك أفكارٍ كهنوتيّةٍ عتيقةٍ لا تعنينا في شيء

والله المستعان

‏اطلعتُ على منشورٍ للشيخ الفاضل عبدالرب السّلامي يقول فيه: موالاة صالحي آل بيت رسول الله، بمعنى محبتهم وتقديرهم فريضة واجبة

وموالاتهم، بمعنى الاعتقاد بحقهم الإلهي في الحكم بدعة كاذبة

فلا يجحد الأولى إلا زنديق غليظ القلب، ولا يوجب الثانية إلا ضال سفيه العقل، والحق وسط بين المغضوب عليهم والضالين

ا

هـ

‏ولي معه هذه الوقفات العجلى:‏1ــ الحقيقة التي أراها أنّ الشيخ الكريم قد وقع في التناقض من حيث لا يدري، وعبرت تأثيرات العقل الباطن لديه عن نفسها أكثر مما أراد العقل الواعي أن يقوله؛ لأنّ الرجلَ ذو خلفية سلفيّةٍ تقليديّةٍ، وإن كان على قدر عالٍ من الاطلاع وصاحب منطق مرتب في الحديث

بمعنى أن فكرة الآل لا تزال مسيطرة، أو حاضرة في ذهنه بقوة، على الأقل

!‏2ــ لسائلٍ أن يسأل: كيف وقعَ في التناقض؟ ونقول: أثبت ــ أولا ــ موالاة آل البيت، مشترطا الصلاح، مع أن الصلاح مسألة نسبيّة في الأساس؛ إذ ليس هناك ميزان نزنُ به الصّلاح لهذا الشخص أو ذاك

ولا يمكن أن يكون ثمة مقياس محددٌ يُقاس به الصلاح لا لآل البيت، ولا لغيرهم؛ بل إنّ من هو صالح في نظر فلان، فإنه مجرم في نظر آخر

وبين يدينا نموذج واضح اليوم، عبدالملك الحوثي نفسه، فإنه في نظر أتباعه صالح، مصلح، بل مقدس في نظرهم؛ بينما هو لدينا مجرم سفاح قاتل

وهذا خلل منهجي في التفكير، ما كان ينبغي للشيخ الكريم أن يقع فيه

‏3ــ على افتراض صحة نسب عبدالملك الحوثي لآل بيت النبي، وعلى افتراض أن عبدالملك الحوثي يصلي ويصوم ويزكي ويحج

فإنّ محبته وتقديره ــ وفقًا لفتوى الشيخ ــ فريضة واجبة علينا

!! بمعنى إذا لم نحبه ونقدره لزمنا الإثم؛ لأن هذا واجب شرعي، كما تقررُ فتوى الشيخ، أو حتى رأيه

‏دعك من عبدالملك الحوثي نفسه

لنأخذ نموذجًا آخر

هل تلزمني محبة الحبيب الجفري مثلا وتقديره؛ لأنه من آل البيت؟! علما أنه على الصّعيد الشخصي رجل صالح، يصلي ويصوم ويزكي ويحج، ورجل خلوق، ولا يقرب المحرمات، أو هكذا نراه

إذا قلت: نعم، فلا فرق الآن بينك وبين عبدالملك الحوثي نفسه، أو محمد عبدالعظيم، أو حتى حمود عباد؛ لأن هذه عقيدتهم، وهكذا يرون

وما ذا يريدون منك أكثر من هذا؟! ثم ما هي مظاهر الموالاة والمحبة والتقدير؟ وإن قلت لا، فقد وقعت في التناقض؛ لأنك ساويته بالنهاية مع صالحي عامة الناس، وانتفى ــ من ثم ــ مفهوم الموالاة؟! وما أغناك عن هذا التناقض!!‏4ــ كلامك أعلاه ــ وبمفهوم المخالفة الأصولي ــ يقرر: إذا تقدم للترشح لرئاسة الدولة يمنيان اثنان: صالحان، زاهدان، عابدان، كفؤان، على قدرٍ متساوٍ في كل شيء؛ لكن أحدهما من آل البيت، والآخر ليس من آل البيت، فإنه يلزمنا جميعًا أن نرشح العلوي الهاشمي؛ لأنه زادَ على منافسه بامتياز خاص: أنه من صالحي آل البيت؛ لأن من مظاهر المحبة والتقدير موالاته سياسيا، وتقديمه على غيره

وإذا لم يفعل اليمني ذلك فقد وقع في الإثم

! هذا حاصل منطوق كلامك الذي لم يتضمن ألفاظا مجازيّة حتى نبحثَ عن قرينةٍ للتأويل، تصرف المعنى عن ظاهره الحقيقي إلى معناه الباطني

‏5ـ وفقا لقاعدة المنطوق والمفهوم الأصولية، فإنّ حاصل منطوق حديثك الآنف الذكر يستبطن ضمنًا، وبوضوح: أنّ صالحي آل البيت أفضلُ من صالحي غيرهم

وهذا خلل آخر في منهجيّة التفكير نفسها؛ لأن مسألة التفاضل على أساسِ العرق لا تزال قائمة لديك

ومسألة التفاضل على أساس العرق هو جوهر قضيتنا التي نناضل من أجلها اليوم

فمعتقدنا أنه لا فرق بين ما يسمى آل بيت النبي أو آل بيت القيرعي، أو آل بيت السلامي أو آل بيت العليمي

جميعُهم سواسيّة

ولو كنا نعتقد أنّ لما يُسمى آل البيت فريضة دينية واجبة علينا، هي: الموالاة والمحبة والتقدير، كما ذكرتم، لما قاومناهم أساسًا، ولسلّمنا لهم الجمل بما حمل من أول يوم

!‏6ــ موالاةُ أيّ إنسانٍ كان وتقديره لهما مظاهر وملامح عملية سلوكيّة على أرض الواقع، وليست مجرد شعار مفرغ المحتوى، منها: محبة من يحب، وكراهية من يكره؛ بل وقتال من يقاتل

وإلا فلا معنى للموالاة وللمحبة والتقدير من الأساس

‏7ــ ليت الشيخ عبدالرب توقف عند هذا واكتفى به؛ بل لقد زاد إلى الحشف سوء كيلة، كما يُقال، باستعارته مصطلحاتٍ تنتمي إلى العصر الأموي، وذلك بقوله: فلا يجحد الأولى موالاة صالحي آل بيت رسول الله إلا زنديقٌ غليظُ القلب؛ إذ الزندقة التي أخذت من اللفظ الفارسي زنده/ زندو، بقدر ما اعتبرت مفهومًا دينيًا، بقدر ما انطوت على أبعادٍ سياسيةٍ أيضا آنذاك، ولو غاصَ كثيرًا في ملابساتها وتاريخها لعرف ذلك

وتكاد تقترب من مصطلح الهرطقة أو التجديف عند المسيحيين

! بمعنى أنّ من لم يُوالِ صالحي آل بيت رسول الله ويحبهم ويقدرهم فهو زنديقٌ غليظُ القلب

! إذن فالموالاة/ الولاية عند شيخنا الفاضل أصلٌ من أصولِ الدين، كما يقررُ الحوثي نفسه؛ لأنّ جاحدَها زنديقٌ غليظ القلب

! وأغلبية الشعب اليمني جاحدٌ بالولاية وبالحق الإلهي في الحكم أساسًا

فهل يصح القول: أنّ اليمنيين زنادقة غلاظ القلوب؛ لأنهم لا يوالون ما يسمى بصالحي آل بيت رسول الله؟! هذه حقيقة مفهوم كلام الشيخ عبدالرب، وإن نفى في الشق الثاني من حديثه مسألة الحق الإلهي في الحكم لهم؛ لكنه يثبته في الجزء الأول من حديثه؛ لأنّ من مقتضى الموالاة ألا تسير على عكس اتجاه صالحي آل البيت

فكيف تجمعُ بين الشّيءِ ونقيضه معًا في آنٍ واحد؟ بين موالاة صالحي آل البيت ومحبتهم وتقديرهم من جهة، ومنعهم من حقهم الإلهي في الحكم، كما يعتقدون، من جهة أخرى؟!‏أخيرًا

أدعو الشيخ الكريم أن يعيدَ النظر في رأيه هذا؛ لأنّ نصَّ كلامه هنا لم يدع لنا مخرجًا واحدًا نحمله على حُسن ظن، وإن كنا نحسنُ الظن به سلفًا، ونحترمه كثيرًا

ونأملُ أن يظل الود قائمًا، ولكن على فكرةٍ واضحةٍ، وموقفٍ بيّنٍ من قضية الوطن الكبرى، فالموالاةُ اليوم ــ كل الموالاة ــ للدستورِ اليمني، ولرئيسِ الدولة فقط لا غير

وما دونَ ذلك أفكارٍ كهنوتيّةٍ عتيقةٍ لا تعنينا في شيء

والله المستعان