د. عبدالقادر الجنيد : أوراق الضغط عند الصيني تشي والأمريكي ترامب… وعند اليمني رشاد العليمي - (2)
منذ 3 أيام
د
عبدالقادر الجنيد هذا هو الجزء الثاني من موضوعنا وسوف نبدأ فيه بتناول مفهوم أوراق الضغط، وبعدها نطبقه على المشاركين في صراعات اليمن
في الجزء السابق، تناولنا أوراق الضغط بين أمريكا والصين كمثال لتكريس فهم أن هذا ما يحدث في كل الدنيا وأيضا لتسهيل شرح الموضوع في صراعات اليمن
كل المتصارعين في اليمن معهم روافع، ماعدا الشرعية
الشرعية تملك الاسم ولا تملك العصا
**سادسا: أوراق الضغط في العلوم والتاريخ والسياسةالآن، سوف نغطس في كل العلوم disciplines لنعرف ما تقوله عن : الروافع أو أوراق الضغط —LEVERAGE الروافع في علم الفيزياءالروافع، هي leverage — أصل الكلمة والجوهر
من الدروس التي بهرتني وأنا طفل صغير في الصف الثاني الإعدادي (الثامن) هي فصل الروافع، ومازلت أتذكر كيف أن الفأس، والبَكَرّة، والعربة اليدوية على عجلة، وأشياء كثيرة أخرى كلها روافع، تمكننا من القيام بمهمة ثقيلة أو كبيرة بمجهود بسيط أو قوة صغيرة
هناك ذراع قوة وذراع مقاومة ونقطة ارتكاز
ليس المهم مقدار القوة، بل موضعها واتجاهها
إذا وضعت نقطة الارتكاز في المكان المناسب، فإن أرشميدس اليوناني قد قال: “أعطني نقطة ارتكاز، وسأحرّك العالم
”
{{ رئيس اليمن يحتاج نقطة ارتكاز
}}{{رئيس اليمن يحتاج مؤسسة رئاسة
}}الذكاء في معرفة أين تضغط، لا كم تضغط
وهذا هو لبّ كل أشكال “أوراق الضغط” في السياسة والاقتصاد
**سابعا: أوراق ضغط اللاعبين في اليمنجوهر الخلل في معادلة القوة اليمنية:الشرعية بلا أوراق ضغط، بينما كلّ من حولها — من الخصوم والحلفاء — يملك شيئا يُمسك به الآخرين
في اليمن، لا أحد يتصرف بعفوية
كل طرفٍ يمسك شيئا بيد، ويخفي شيئا باليد الأخرى
الكل يملك “ورقة ضغط” — إلا صاحب الشرعية نفسه
١- الحوثي: ورقة الضغط بالسلاح والخوفالحوثي يملك السلاح، والجباية، والموقع، والرهائن
قد أحكم قبضته على قبائل طوق صنعاء وجيش ومخابرات الرئيس صالح
يتحكم باسطوانة غاز الطهي لكل مواطن عن طريق عاقل القرية وعاقل السوق وعاقل الحارة
لا يحتاج الحوثي ليافطة الشرعية، فهو يستمدها من الأمر الواقع، ومن التحكم في الألم والمعيشة
كل من يتحكم في الخوف، يملك ورقة ضغط أقوى من أي توقيع
٢- الإمارات: فنون وبراعة أوراق الضغط— كانتونات وقوات وأذرع ميدانية فعّالة في الجنوب والساحل
— نفوذ على موانئ، وقبائل، وتشكيلات عسكرية
— قدرة على التأثير داخل المجلس الرئاسي نفسه
الإمارات، لا تحكم اليمن، لكنها تملك فيه مفاتيح التعطيل والتشغيل — وهذا أحيانا أهم من الحكم
الإمارات، قوة جبارة في اليمن تستطيع أن تخرب كل شيئ ولكن لا يمكن الركون عليها في الوصول لأهم شيئ وهو : استقرار اليمن
٣- ضغط أعضاء المجلس الرئاسي على اليمنيينلا أحد يعرف ما يضغطون؟ ولا لماذا يضغطون؟ ولا ماذا يريد من يستعملهم للضغط علينا؟كل عضو رئاسي، معه ورقة ضغط— مناطقية أو من دولة خليجية— يستعملها ضد زملائه
هم كلهم - مجتمعون وفرادى- ورقة ضغط علينا نحن
من المحتمل أن يكونوا أشخاص مهذبون كأشخاص
المشكلة، ليست فقط فيهم ك أشخاص
المشكلة، هي في الفكرة… فكرة المجلس الرئاسي
معنا في اليمن رؤساء سبعة وفوقهم رئيس لا يعترفون به ، والرئيس لا يستطيع عمل أي شيئ بهم، أو ضدهم ، أو بسببهم
هذه الفكرة وهذه المسألة- وحدها- هي ورقة ضغط تكبس على أنفاس اليمنيين كلهم وتضغط على صدورهم حتى تكاد تكسر ضلوعهم
{{ عضو مجلس الرئاسة عيدروس الزبيدي - الآن- في موسكو يفاوض روسيا على أشياء لا نعلم بها، وبدون علمنا ولا موافقتنا، ولا علم أو موافقة زملائه أعضاء مجلس الرئاسة اليمنيين الآخرين، ولا علم أو موافقة رئيسه
بالتأكيد، يوجد خلفه من يخطط له بأن العلاقة مع روسيا، هي تقديم ورقة إغراء لصالح روسيا مقابل ورقة ضغط لصالح الانفصال
}} ٤- الرئيس رشاد العليمي: الشرعية بلا أوراقأما الرئيس الشرعي، فهو رئيس بلا رافعة
لا جيش يطيعه، ولا قبيلة تحميه، ولا مال يُغري أحدا بالبقاء حوله
حتى التحالف الذي دعمه، يرى فيه واجهة هادئة لا أداة ضغط
وهو أيضا رئيس بلا أدوات أي بلا مؤسسة رئاسية فاعلة تدير نظام الحكم
إنه رئيس يملك الصفة القانونية، لا الوسيلة التنفيذية ولا القوة العسكرية الميدانية لفرض قرار وسيادة الدولة
الرئيس، هو الشرعية بلا رافعة
**ثامنا: السعودية: الرافعة الكبرى الصامتةنحتاج لأن نفرد للسعودية مساحة خاصة بين الضاغطين على اليمن
المملكة، هي ملِكة و مالكة أوراق ضغط اليمن
السعودية هي الطرف الذي لا يلوّح كثيرا بأوراقه، لكنها تملك أكثرها حساسية وتأثيرا
هي ليست داخل الطاولة فقط، بل الطاولة نفسها التي يجلس عليها الجميع
أوراق ضغطها متشعبة، تمتد من السماء إلى الجيوب التي تحشيها بالفلوس، ومن القرار الدولي إلى الرغيف اليمني
وهذه هي أوراق الضغط الملكية السعودية:**١- المال والتمويل*— كل طرف يمني، في السلطة أو المعارضة، يحتاج المال السعودي ليبقى واقفا
— وهذا المال لا يُعطى بلا شروط، ولا يُقطع بلا رسالة
— في اليمن، كل شيك سعودي هو بيان سياسي
٢- الغطاء الدولي— السعودية هي “الممر الإلزامي” لأي تفاهم دولي بشأن اليمن، من مجلس الأمن إلى واشنطن
— لا أحد يوقّع اتفاقا كبيرا دون رضاها
— هي الراعي المعترف به دوليا للحل، حتى لو لم تعد المملكة نفسها راغبة في إدارته
٣- الجرأة والقدرة على الصدمة— المملكة السعودية، هي الوحيدة التي تملك الجرأة والمبادرة الصادمة المفاجئة كما فعلت في عاصفة الحزم ضد الحوثيين ثم الصدمة المعاكسة خارطة الطريق بعد ثمان سنوات لصالح الحوثيين، وجرجرت أمريكا واليمن خلفها في الحالتين
٤- التحكم في المجال الجوي والمعابرالرياض تملك القرار غير المعلن حول من يُسافر ومن لا، وماذا يدخل وماذا يُمنع
بذلك، فهي تتحكم في الإيقاع الداخلي: تُبطئ، تُسرّع، تُوقف
٥- العلاقة مع الحوثيالمفارقة الكبرى، paradoxically، السعودية تملك ورقة ضغط حتى مع عدوها:خطوط تواصل، تفاهمات أمنية، وهدنات اقتصادية
وهذا ما يجعلها تمسك بخيوط اللعبة من الطرفين
٦- النفوذ على المجلس الرئاسيكل عضو في المجلس يحتاج “الهواء السعودي” ليبقى في المشهد
حتى الرئيس رشاد العليمي نفسه يعيش ويعمل من الرياض — وهذا بحد ذاته ورقة ضغط معنوية ومكانية
٧- السعودية تقلد الإمارات والكانتوناتاهتدت السعودية مؤخرا إلى أن أفكار الإمارات في اليمن الكانتونات و الميليشيات و لوردات الحرب، هي أدوات مفيدة ولا بأس بها
أنشأت السعودية: الألوية العسكرية العديدة تحت قيادة رداد الهاشمي
أنشأت السعودية: الألوية العسكرية العديدة الغامضة القيادة تحت إسم درع الوطن
أنشأت السعودية: الألوية العسكرية تحت إسم قوات الحماية الحضرمية تحت قيادة بن عتروش
كل هذه الألوية العسكرية، تجعل السعودية، مطمئنة لعدم انفجار اليمن بأحداث درامية مفاجئة لا ترغب بها
**تاسعا: اكتساب أوراق الضغط عند رئيس ضعيفالثقة، والرأي العام، والتفاعل اليومي مع الناس، والتواجد على الأرض، ومؤسسة رئاسة، واستعمال العلوم؛ يمكن أن تكون كلها مجتمعة محاور ارتكاز للرئيس
— القائد يمتلك رافعة ذاتية leverage حين يملك الثقة لا السلاح فقط
(هذا هو ما يمكن أن يمتلكه رئيس اليمن، إذا هو اجتهد وعمل)— والمجتمع يمتلك رافعة leverage حين يملك الرأي العام
(هذا هو- أيضا- ما يمكن أن يمتلكه رئيس اليمن، إذا هو اجتهد وعمل)— النفوذ، قد لا يحتاج أن يُفرض بالقوة، بل يُكتسب بالتفاعل والثقة
(هذا هو- أيضا- ما يمكن أن يمتلكه رئيس اليمن، إذا هو اجتهد وعمل)— معرفة ما يريده الطرف الآخر وما يشتهيه، والتأثير عليه وممارسة النفوذ هو من أبجديات علم النفس
(كل العلوم، يمكن أن يستعملها الرئيس
)— الغاية تبرر الوسيلة، هي براجماتية نفعية مكياڤيلية، يستعملها كل الأطراف، وهذا النوع من “ورق الضغط” قد تكون أداة حكيمة أو ابتزازا مقنّعا— الفارق في النية والغاية
(ويمكن أن يجرب الرئيس حظه بعقل وحكمة في هذه الحارة
)— الحضارات وأنظمة الحكم والرؤساء، لا تسقط حين تُهزم عسكريا، بل حين تفقد أوراق الضغط التي كانت تمنحها النفوذ
هذا ما حدث للإتحاد السوفييتي وللرئيس المصري مبارك والرئيس اليمني صالح والرئيس اليمني هادي،…
(والرئيس الحالي يمكن أن يأخذ العبر ويفهم علم الروافع ونقاط الإرتكاز
)— إجتماعات رئيس المجلس الرئاسي مع إخوانه أعضاء المجلس الرئاسي، ولجنة التشاور والمصالحة، ليست عمل ولكنه مجرد تزيين وإدعاء ببذل الجهد والقيام بعمل
(طلاء جدران البيت بينما السقف يسرب ماء المطر، هو نوع من الغَفَلة والتغفيل والإهدار وليس عمل
)**عاشرا: المطلوب: الرئيس والسعودية والناس والأرضلن تخرج اليمن من كارثتها إلا إذا تخلصت من أوراق الضغط المكبلة لها والحابسة لأنفاسها
لكن من الذي واجبه محاولة كسر قيود اليمن وتحطيم الأغلال: هل هو الشعب؟هل هو الأحزاب؟هل هو النخب والوجاهات والأعيان؟هل هو خيام اعتصامات الشوارع والاحتجاجات؟هل هو الكانتونات والميليشيات الإماراتية والسعودية؟هل هو أعظم جنرال الذي هو الزمن؟سوف نختار- اليوم وعلى مضض- أن يكون هذا الواجب، هو مهمة رشاد العليمي١- الرئيس، هو الوحيد الذي يجب أن يتحركهو الأقرب للسعودية وعموم الناس إذا اقترب منهم
ولكنه بعيد عن الأرض
معه رخصة قيادة الشرعية
هو الوحيد الذي إذا اجتهد وتواجد على الأرض، قد يتمكن من كسب ثقة الناس
وإذا اكتسب الرئيس ثقة الناس، قد ترى السعودية احتمال حصول الفائدة من إنقاذ اليمن
بصراحة{{ بصراحة مُحرِجة، وبعد كل ما شرحنا، فإن اليمن تحتاج للسعودية
}}{{ بصراحة ثانية، الانغماس في نظرية المؤامرة و الكراهية و فش الغل بالملاعنة، لا ينفعنا
}}{{ وبصراحة ثالثة، لا يوجد مع السعودية- هذه الأيام- ما يحفزها لتخليص اليمن من محنتها
}} ٢- الرئيس لن يخسر شيئا إذا تحركإذا استمر الرئيس على هذا الوضع، فلا فائدة له، ولا منه، ولا لنا، ولا للسعودية، ولا لليمن
الذكاء، هو في معرفة أين تضغط، لا كم تضغط
٣- الرئيس قد يفشل وقد ينجحإذا تحرك الرئيس، فيمكن أن يفشل ولكن هذا لن يصيبنا بأفدح مما نحن عليه
ويمكن أن ينجح
ويمكن أن ينجو الرئيس ونحن وعموم الناس والأرض والسعودية واليمن
هناك احتمال ضئيل بأن ننجو