د. عبدالقادر الجنيد : اليمن بين الطرق المسدودة … من ديك نافش إلى دجاجة خاسع

منذ 8 ساعات

د

عبدالقادر الجنيد اليمن تعيش الآن داخل طرق مسدودة عديدة — Standoffs : عناد متبادل— قضايا بدون حل— احتمال التصعيد

اليمن لا تعاني من “حرب واحدة” بل من سلسلة متداخلة من الطرق المسدودة على مستويات مختلفة

وكل انسداد جديد يولد من رحم انسداد سابق

أولا: الطريق المسدودفي علوم السياسة والاقتصاد والمفاوضات والصراعات، يستعملون هذه المسميات

Standoff—  توتر شديد غير محسومStalemate— جمود أو تعادلDeadlock—طريق مسدودتاريخ اليمن بعد الوحدة اليمنية، هو عبارة عن سلسلة من الطرق المسدودة

الطريق المسدود يحدث عند الخلاف بين قوتين متخاصمتين داخل البلد الواحد لم تستطع إحداهما القضاء على الأخرى

خلاف- خصام- عناد- احتجاج- انفجار- إنهاك- انسداد*مظاهرات واحتجاجات واعتصامات، تتطور إلى استعمال السلاح والدخول في صراع دموي عنيف يتوقف عندما يشعر الطرفان بالإنهاك في نفس الوقت وينتهي بلا غالب ولا مغلوب

بعد فترة من الراحة، يستعيد الطرفان بعدها العناد ودورة جديدة من القتال ثم الإنهاك ثم حالة جديدة من انسداد الطريق

ثانيا: قبل الوحدة اليمنية١- شمال اليمناستولى الرئيس صالح على الحكم المطلق لليمن بعد مقتل رئيسين— الحمدي والغشمي— في ظروف لم يتم التحقيق الجدي بشأنهما لا في حينها ولا حتى الآن

الموضوع طويل وذو شجون وآلام وأحزان وغدر وخيانات

ولم يكترث الرئيس الجديد بإخبار الشعب اليمني بمن هو القاتل ولا عن الدافع إلى قتل رئيسي جمهورية

واليمنيون، يعرفون كل التفاصيل بأنفسهم ويقولونها صراحة وعلنا

الطريق المسدود: deadlock- stalemate- standoff- لا تحدث إلا بين خصمين أنداد

لا يمكن أن يحدث stalemate في الشطرنج إلا في حالة تعادل خصمين أنداد

العسكرتاريا القبلية: بلا أندادالرئيس صالح، فنان

جعل من القبائل المحيطة بصنعاء قادة للجيش وجعل الجيش جزءا من قبائل صنعاء وكان هو نفسه أول قبيلي ضابط يتولى منصب رئيس الجمهورية

(الغشمي، حكم فقط لعدة شهور)لم يعاني الرئيس صالح من أي طريق مسدود في فترة استيلائه على الحكم قبل الوحدة

فالطريق المسدود يحتاج إلى قوتين متكافئتين، بينما في الشمال كان صالح هو الخصم والحكم

الديك النافش ريشهكانت هذه أيام السعد والهناء للرئيس صالح:حكم مطلق بلا أنداد ولا خصوم ولا أي طريق مسدود

فترة ذهبية كان فيها صالح الديك النافش ريشه

٢- جنوب اليمنكانت هناك سلطة مطلقة للحزب الاشتراكي الماركسي

وانتماء للمعسكر الشرقي ودعم من الاتحاد السوفييتي

وفي ظل هذه السلطة المركزية المطلقة للحزب تم سجن الرئيس قحطان الشعبي، وتم قتل سكرتير الحزب العام عبدالفتاح اسماعيل، وقتل رئيس الجمهورية سالمين، واندلعت حرب مروعة بين القبائل الماركسية في محافظتي الضالع وأبين

الوحدةبانهيار الاتحاد السوفييتي وبعد انهاك الجيش في حرب القبائل الماركسية، تمت الوحدة اليمنية في ١٩٩٠

ودخلت اليمن، لأول مرة في التاريخ عالم التعددية الحزبية والديموقراطية وحرية التعبير

بهذه الوحدة اليمنية، اعتقد اليمنيون أنهم حصلوا على الوصفة السحرية التي تلم شمل اليمنيين وتنجيهم من سيطرة القبائل والجيش والحزب الواحد ويتفرغوا للعمل والتنمية والتقدم

ثالثا: بعد الوحدة اليمنيةالفترة من ١٩٩٠- ١٩٩٤، كانت سلسلة من الخصام بين الحزب الاشتراكي الجنوبي برئاسة البيض والعسكرتاريا القبلية الشمالية برئاسة صالح

الخصام، يتطور إلى عناد ثم إلى عزوف وعزلة وقطيعة وانعدام اتصال ثم إلى مظاهرات واحتجاجات ثم إلى اغتيالات ثم إلى طريق مسدود أصاب البلاد بالشلل ثم انتهى بانفجار كبير في الحرب الأهلية عام ١٩٩٤

عانت اليمن من انتصار مذهل للرئيس صالح والعسكرتاريا القبلية الشمالية

استمتع الرئيس صالح بفترة ذهبية قصيرة أخرى من السعد والهناء وحالة الديك النافش ريشه

آلام الرئيس صالح مع سلسلاته من الطرق المسدودة*بعد انتصار صالح المذهل، ابتدأت آلامه

تعذَّب صالح داخل سلسلة من الطرق المسدودة، هو الذي جلبها لنفسه بنفسه:طريق مسدود مع الحراك الجنوبيطريق مسدود مع تجمع أحزاب اللقاء المشتركطريق مسدود مع حروب صعدة الستةطريق مسدود مع تصفير العدادطريق مسدود مع  الرئاسة المفتوحةطريق مسدود مع برلمان عجوز بدون انتخاباتطريق مسدود مع احتجاجات ٢٠١١طريق مسدود مع العملية السياسية الانتقاليةطريق مسدود مع الحوثيينالدجاجة الخاسعةتحول الديك النافش ريشه بعد كل هذه السلاسل من الطرق المسدودة التي ورط نفسه بنفسه داخلها إلى دجاجة خاسعة تحت المطر وحيدة— بين قبائل صنعاء— وفريسة سهلة التهمها عبدالملك الحوثي

رابعا: انسداد طرق السعودية والإمارات وإيرانطرق الرئيس صالح المسدودة العديدة، هي التي جلبت الحوثي وإيران والسعودية والإمارات إلى اليمن

انسداد السعودية وإيران والحوثيالسعودية، ثرية للغاية ولا يناسبها العيش بين الفقراء الغُبر غير المهندمين داخل طريق مسدود بلا غالب ولا مغلوب مع خصم إيراني عنيد، فتمت المصالحة بين البلدين على يد الصين

من الذي انتصر في مصالحة البلدين  بعد أن وصلتا إلى طريق مسدود في حرب اليمن؟… الإجابة معروفة

ثم بعد انفراج الانسداد السعودي الإيراني، تولد منها خارطة الطريق وانفراج الطريق المسدود السعودي مع الحوثيين

إذا كانت السعودية، قد ربحت الهدوء مع الغُبْر الشُّعْث فإن هذا لا يعني بأي حال أنها قد ربحت الحرب

الحوثي ديك نافش ريشه*أصبح معنا في اليمن ديك نافش ريشه من جديد

وتعذبت اليمن مع ديك نافش ريشه من جديد بخارطة طريق

تهور أو غباء أو بطولة الحوثي في قفل الملاحة وقصف اسرائيل، ضيَّع على نفسه الخارطة والطريق

كثيرون يعتقدون أن اليمن سوف تشاهد دجاجة خاسعة حوثية من جديد، في صعدة

خامسا: انسداد السعودية والإمارات والانفصالالانسداد، لا يكون إلا بين خصمين متناقضين

هل السعودية والإمارات والانفصال في حالة تناقض؟الإمارات، معها كانتونان مؤكدان في عدن والمخاء

وكانتون عدن يريد الانفصال عن االيمن تحت رئاسة عيدروس الزبيدي الذي يقيم في الإمارات

السعودية، سدت الطريق وأنشأت قوات الحماية الحضرمية برئاسة بن حتروش الذي لا يقبل برئاسة عيدروس الزبيدي

نستطيع أن نقول أن هناك طريق مسدود وانحباس بين السعودية والإمارات في الجنوب وفي مسألة الانفصال على هذه الخطوط

لا توجد ديوك منفوشة ولا دجاج خاسع حتى الآن في هذا الطريق المسدود بين السعودية والإمارات من جهة ولا بين عيدروس وبن حتروش من جهة أخرى

الإمارات وكانتون المخاء وتعزهذا الانحباس المحلي هو أحد فروع الطريق المسدود الإقليمي بين الرياض وأبوظبي

الإمارات، تسيطر على مضيق باب المندب البحري على مدخل البحر الأحمر بقوات طارق صالح من جهة الشمال وقوات العمالقة السلفية- وكلهم تابعون لها- ويعملون لحسابها

ما يحدث بين المخاء وتعز لا يصل حاليا إلى درجة الانحباس والطريق المسدود، لكن المهاترات الإعلامية تتزايد بين الأم التي فقدت ميناءها وساحلها والقوى الجديدة المسيطرة عليها

والجانبان يتهيبان الدخول في انحباس وطريق مسدود

لا أحد يرى في الأفق ديكا نافشا ولا دجاجة خاسعة بين تعز والمخاء

سادسا: سيرك انسدادات المجلس الرئاسيهذا سيرك من الانسدادات وألعاب البهلوانات والأكروبات

بداخله رئيس وسبعة أعضاء وسعودية وإمارات

ونحتار كل يوم في تصنيف الانحباسات والطرق المسدودة

بالتأكيد أن الثمانية هم خصوم أنداد ومن خلفهم دولتان متخاصمتان قويتان

سوف يصيبنا الإرهاق والحيرة ونحن نتتبع الخصومات والانحباسات والطرق المسدودة داخل المجلس الرئاسي، منذ ٧ ابريل ٢٠٢٣لعل العائق الوحيد لرؤية الانحباسات والانسدادات داخل مجلس الرئاسة، هو إصرار الرئيس على أنه هو و إخوانه متوافقون ومتفقون ويجتمعون ب الزووم ويتخذون القرارات بدون أي انحباسات ولا انسدادات وأيضا بدعم كبير من حليفاته السعودية والإمارات اللاتي يقولون أنه لا توجد بينهن أيضا أي انحباسات ولا انسدادات

سابعا: السعودية والإمارات مانعات انفجار انسداداتهناك انحباسات وانسدادات بلا عدد داخل المجلس الرئاسي والكانتونات والمناطق المحررة

لكنها تظل محبوسة ولا تنفجر

القوة الجمعية للسعودية والإمارات داخل اليمن، هائلة

بتراجع إيران عن الدور الناشط في الأمور اليومية داخل الحركة الحوثية، أصبح أمر الانسداد أو الانفجار امتيازا حصريا للسعودية والإمارات

أبو ظبي والرياض، ليستا في حالة مزاجية لأية انفجارات داخل اليمن في الوقت الحاضر

سوف تستمر الانحباسات والانسدادات داخل اليمن في حالة فوران دافئ داخل قدر تنجرة الضغط لا يسخن لدرجة الانفجار لأن مفاتيح صماماتها بيد الإمارات والسعودية

لا أحد يتوقع ديوكا نافشة  ولا دجاجات خاسعة قريبا بين السعودية والإمارات داخل اليمن،ولا في عالم الانفصاليين،ولا بين رجال المجلس الرئاسي الثمانية

الذي سيظل وحيدا بين المطر، هو نفسه الذي كان وحيدا مبلولا طوال ال ٤٥ سنة الماضية:الوطن اليمني

الإنسان اليمني