د. عبدالقادر الجنيد : ترامب يريد العَظَمَة مجانا من حرب أوكرانيا … مأزق اليمن بين السعودية والإمارات
منذ 5 ساعات
د
عبدالقادر الجنيد ترامب، سوف يجتمع مع زيلنسكي، اليوم الإثنين الساعة الواحدة بعد الظهر بتوقيت واشنطن
ترامب، يريد إقناع زيلنسكي بأن أوكرانيا قد خسرت الحرب وأنه يجب أن يقبل بما يوافق الرئيس بوتين على تقديمه وبدون ضمانات لتنفيذ أي إتفاق
**أولا: منطق ترامب:**يقول الرئيس الأمريكي أن:١- الرئيس الأوكراني ليست معه أي أوراق ضغط وأن روسيا سوف تنتصر عسكريا في النهاية، ولا داعي للاستمرار بالقتل والدمار والغرامة
٢- هذه الحرب لا تهم أمريكا
٣- أمريكا غير مستعدة لمساعدة أوكرانيا مجانا، وحتى يريد ترامب أيضا ثرواتها المعدنية مجانا مقابل المساعدات السابقة أيام الرئيس بايدن
٤- إذا أرادت أوروبا مساعدة أوكرانيا، فهذا شأنها
٥- يقول ترامب أنه يتدخل فقط لأنه شخص طيب ورائع ومن باب محاولة إيقاف قتل الجنود والضحايا الأبرياء
٦- يقول ترامب بأنه يمكن أن يترك المتحاربين أن يستمروا كما يشاؤون
ولكنه ينشغل بخلق زوبعة داخلية أو خارجية أخرى ثم يعود لأوكرانيا بدون أي مناسبة
لا يستطيع ترامب أن يعيش بعيدا عن الأضواء
ولا يستطيع ترامب البحث عن أي فرصة للعَظَمَة المجانية
**ثانيا: أوراق زيلنسكي**١- الرئيس الأوكراني- شخصيا- غير موافق على رأي ترامب، وهناك جيش وطني لن يوافق على هذا التنازل المجاني
٢- الرأي العام الأوكراني، يكره ترامب ويسأله إذا كان يريد هذه النهاية، فلماذا قد حارب الشعب الأوكراني وقاوم وضحى كل هذه السنين
٣- زيلنسكي، يتمتع بتأييد معنوي واقتصادي وعسكري أوروبي كبير جدا
لكن تأييد أوروبا لا يكفي
لا أحد يعتقد أن أوروبا وحدها يمكن أن تخفف من بؤس مصير أوكرانيا
**ثالثا: شطارة بوتين**١- الرئيس الروسي، أقنع ترامب أن روسيا، هي دولة عظمى مثلها مثل أمريكا ولا بد أن يقررا معا مصير العالم مثلما فعل روزفلت مع ستالين في يالتا في ١٩٤٥٢- قال بوتين أيضا، نحن دولتان عظيمتان وأن حرب أوكراني هي مجرد ملف جانبي مقارنة بمصالحنا بالاستثمارات وبجانب تجديد الحد من انتشار الأسلحة النووية
٣- مَدَحَ ترامب، وقال أنه لو كان هو رئيس أمريكا في عام ٢٠٢٢ لما قامت الحرب حينها وأن هذه الحرب إنما هي حرب الرئيس بايدن
٤- أكبر شطارات بوتين، هي أنه قد سيطر على فم ترامب وجعله يقول أن زيلنسكي هو الذي ابتدأ الحرب وأن روسيا معها مصالح عليا لا يمكنها التخلي عنها
٥- مازال بوتين يأمل بإكمال شطارته بزيادة خلافات أوروبا مع أمريكا وشرخ حلف الناتو
**رابعا: ضغط مخيف على زيلنسكي**١-هذا ضغط مخيف على زيلنسكي لأن ترامب قد قرر ضرورة إجباره على قبول طلبات بوتين بالإنسحاب من الأراضي الجيدة التحصينات في ولايتين مقابل موافقة بوتين على تجميد الحرب في أراضي ولايتين أخريتين كلها أنهار ومستنقعات في شرق أوكرانيا
٢- زيلنسكي، أيضا متوجس من أن يقوم ترامب بإهانته مرة أمام الصحفيين وكل العالم لأنه لا يسمع الكلام ولا يعترف بالجميل لأمريكا
زيلنسكي قد يشعر بالرعب أيضا من احتمال أن يكرر ترامب طرده من عزومة الغداء التي قد كانوا قربوها على طاولة السفرة في غرفة الضيافة
٣- لكن رؤساء الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو ورؤساء ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وفنلندا قد وصلوا أيضا إلى واشنطن
وسوف ينضم قادة أوروبا لزيلنسكي لدعمه بعد اجتماعه مع ترامب، لمنع الإهانة ولمحاولة غسل مخ ترامب لإبعاد غسيل المخ الذي قد نجح به الرئيس الروسي بوتين
٤- لا أحد يعتقد بأن زيلنسكي وكل قادة أوروبا، يمكن أن يغيروا مواقف ترامب
ولا يمكن أن تساعد أمريكا الأوكرانيين تحت رئاسة ترامب بنفس طريقة مساندة الرئيس السابق بايدن
٥- قد يكون هدف الأوروبيين فقط هو تقليل انصياع الرئيس الأمريكي ترامب للرئيس الروسي بوتين
**خامسا: حروب أهلية وتدخل خارجي**اليمن، تشترك مع أوكرانيا في مسألة أن هناك حرب تتحكم بها قوى خارجية
يمكن للبعض أن يقول أن أغلبية سكان شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا يميلون لروسيا بينما وسط وغرب أوكرانيا يكرهون كل ما هو روسي وبينهم حروب وعدوات تاريخية، وعلى هذا هناك حربا أهلية أيضا في أوكرانيا
في اليمن، صورة الحرب قد اكتملت بأنها حرب أهلية بين الحوثيين وكل اليمنيين،… وحرب بالنيابة بين إيران والسعودية،… وقد كانت حربا إقليمية مباشرة بين إيران والسعودية ولكنهما اتفقتا على تجميد الحرب على هيئة صراع بين اليمنيين تحت إشرافهما وعنايتهما
ثم انهارت إيران على يد اسرائيل
ولكن لا يبدو أن السعودية تريد استغلال فرصة انهيار إيران
**سادسا: مأزق اليمن: داخلي؟ أم خارجي؟**أبحث دائما عن أي فرصة لإلقاء الضوء على مشكلة اليمن
يقولون أنها غامضة ومعقدة
أنا أقول أن مشكلة واضحة، ولكن اللاعبون الكبار يجعلونها تبدو غامضة
أحاول استغلال اللحظة الأوكرانية الساخنة لتسليط الضوء على مأساة اليمن
الفرق ليس في طبيعة الحرب، بل في إرادة اللاعبين الكبار
هناك اختلاف معيب في الحالة اليمنية مقارنة بالحالة الأوكرانية
١- لا مأزق عند الحوثي*الحوثية، حركة تمرد واضحة ولا تعيش حالة مأزق داخلي
٢- مأزق اليمن*لكن هناك مأزق جانب الشرعية، وهو مأزق اليمن
لو خرجت الشرعية من تفككها، تستطيع أن تتخلص من التمرد الحوثي وتخلص نفسها من عفنها وتخلص اليمن من مأزقها
إذا اعتبرنا أن شرق أوكرانيا هم الحوثيون بينما وسط وغرب أوكرانيا هم أغلبية اليمنيين (حكومة الشرعية) ولكن بدون رئيس واحد مثل زيلنسكي، سوف يبدأ الفرق الواضح بين الحربين وسوف تظهر مسألة المأزق اليمني— الإماراتي— السعودي
المأزق اليمني، هو أن معهم حكومة مناصفة مشلولة بين انفصاليين ووحدويين بأهداف متناقضة
المأزق اليمني، هو أن الشرعية تفككت إلى كانتونات عسكرية كان للسعودية والإمارات دور مباشر في صناعتها ورعايتها
المأزق اليمني، هو أن السعودية/الإمارات قد حولوا قادة كانتوناتهم إلى أعضاء مجلس رئاسة
المأزق اليمني، هو أن معهم مجلس رئاسة من ثمانية أعضاء بقوات عسكرية وإيرادات وضرائب وجمارك وموانئ ولا يملك رئيسهم أي سلطة عليهم
٣- مأزق السعودية/الإمارات يغذي المأزق اليمني*المأزق اليمني، يتغذى بالسعودية والإمارات
وكل من الإمارات والسعودية قد تأقلمت على التعايش مع مع مآزقها داخل اليمن ومع مآزق اليمنيين وتمزقاتهم التي هي السبب بها
٤- تشابه مآزق دول الخليج ودول أوروبا*كما تواجه أوروبا معضلة صعبة بين التزاماتها تجاه أوكرانيا وضغوطها السياسية والاقتصادية، يواجه الخليج وضعا مشابها مع الشرعية اليمنية: فهو لا يستطيع التخلي عنها خشية سقوطها الكامل بيد الحوثيين، وفي الوقت نفسه لا يقدم الدعم الكافي لإعادة تماسكها
هذا التردد يترك مساحات مفتوحة أمام الخصوم ويضعف موقف الحلفاء
خاتمة*بينما يراقب العالم لقاء ترامب وزيلنسكي، لا يزال اليمن غائبا عن الأضواء
ومع أن المأساة أوضح من أن تُخفى، إلا أن تجاهل اللاعبين الكبار يجعلها تبدو بلا حل