د. عبدالقادر الجنيد : صراع سعودي- إماراتي في اليمن؟ أم عدم اكتراث؟ … رسائل لليمنيين والشرعية والرئيس العليمي

منذ 4 ساعات

د

عبدالقادر الجنيد تغيرات حادة في اليمن، تبدأ بسقوط المُسلمَّات، ثم توحش الإمارات، ثم تواري السعودية ثم تهاوي اليمن

**أولا: سقوط المُسلمَّات السعودية-اليمنية**نحن نرى بوضوح نهاية المسلمات القديمة بأن :أمن السعودية من أمن اليمن… وأن امن اليمن من أمن السعوديةالتي أطلقها الملك سلمان عند انطلاق عاصفة الحزم

تسمية الحرب نفسها ب عاصفة الحزم، هي من ابتكار الملك سلمان نفسه، تيمنا من استعمال والده مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز، والتي جاءت في بيت شعر عندما حزم أمره للقيام بمهمة جليلة حينها

هذه الأيام، نحن نرى انتهاء المسلمات السعودية ونهاية الحزم السعودي

هل قد تناقص اهتمام السعودية بمصير اليمن؟هل هناك تصدعات داخل مركز صناعة القرار السعودي تجاه اليمن؟هل اليمن عبء استراتيجي على السعودية؟هل الحفاظ على الشرعية يخدم مصالح السعودية الاستراتيجية؟هل اليمنيون لايزالون يرون أن حماية الشرعية هي مسألة تلقائية عند السعودية؟**ثانيا: تناقضات سعودية إماراتية، هذا اليوم**خبران هامان جديدان، اليوم:١- الملك سلمان يجدد تأكيد سياسة السعودية الخارجية تجدد حل النزاعات سلمياً، في اجتماع مجلس الوزراء، أمس الثلاثاء

٢- وفد إماراتي يصل إلى عدن ويضع حجر أساس مشروع محطة طاقة شمسية في أبين، هذا اليوم

تأملات في خلافات الرياض وأبو ظبي*١- بينما الإمارات تقوم فعلا وعمليا بحل النزاعات عسكريا في اليمن،فإن السعودية تقول أن أي نزاع يجب حله سلميا

٢- وصول وفد إماراتي ليتصور مع عيدروس الزبيدي، رسالة دعم وتحذير واضحة بأن الامارات مصممة على تثبيت استيلائه على حضرموت عسكريا

٣- الإمارات، إما أنها تقرأ السعودية أفضل من اليمنيين،… أو أنها لا تكترث برأي السعودية،… أو أن السعودية لا تكترث بمصير اليمن

٤- السعودية، قد أوضحت بقوة أنها ترفض زحف قوات المجلس الانتقالي على حضرموت، لكنها لم تذكر رسميا الامارات بأي كلمة

هذا بالرغم من أن أبو ظبي هي الكُل بالكُل في هذه العملية بالتخطيط والمال والسلاح وتجنيد كل الكانتونات التابعة لها في شمال وجنوب اليمن لتأييد عيدروس والانتقالي والانفصال

٥- هناك مشكلة مستعصية؟كيف ستقوم السعودية بحل المشكلة سلميا، بينما الإمارات مصممة على استمرار المشكلة عسكريا؟٦- هناك غموض سعودي، فهل هناك ارتباك أيضا؟*لا شك بأن السعودية متضايقة من عيدروس والإمارات

وحتى أن هناك شعورا بالإهانة داخل الرياض

والسعودية تعطي الإشارات بأنها سوف تغير هذا الوضع وحتى تتخذ اجراءات مضادة، ولكن كلها تنتهي في المساء، تحت باب أنني أسمع جعجعة ولا أرى طحينا

بينما الإمارات ترسل أطنانا من الطحين بدون أي جعجعة

هل تريد السعودية القضاء على تمرد المجلس الانتقالي، ولكن لا تريد تحمل التبعات والعواقب والالتزامات؟هل المملكة، مرتبكة؟**ثالثا: العوامل المحركة للتحول السعودي**١- السعودية لم تعد تتحمّل كلفة “الحسم” ولا الحزم*الفضول، يشتي ضمار والسعودية لم تعد مستعدة لتحمل تكاليف الحسم

الانتصار، يحتاج اجتهاد لمدة طويلة،والسعودية اكتشفت أن الحزم كلمة مفتوحة بلا نهاية

٢- تجربة الحرب الطويلة*— إذا قررت أي بلد بأن الحرب التي تخوضها، ليست معركة وجودية، فإنها تتخلص من أي حرب طويلة

بالنسبة للسعودية، فإن اليمن قد تحولت من معركة وجودية الى ملف استنزاف

٣- ضيق السعودية من تهافت نخب اليمن*— إذا كنا نحن اليمنيون قرفانون ومشمئزون من مسؤولينا ونخبنا ورؤساءنا، فكيف سيكون حال السعوديين

السعودية، ترى أحزاب، قبائل، عسكريين، نخب مدنية، مجالس، وهيئات، وشرعيات، وكلهم من عينة: من طعم الحالي دلدَل مشفره

… ولكن لا ترى أي مسؤول مستعد أن يدفع ثمنا حقيقيا للذود عن وطنه

الجميع ينتظر السعودية لتدفع عنه وتخلصه من صاحبه الذي كان أو مازال يجلس معه على نفس الطاولة

وهذا يولّد: السخط والتبرُّم وفي النهاية الانسحاب النفسي من الملف، وهذا هو ما نراه بوضوح الآن

٤- ذنب اليمني أمام ذنب السعودي والإماراتي*— حتى لو كان  السعوديون والإماراتيون مذنبون بعملية إفساد اليمنيين، وتحويل النخب والمناصب إلى شخصيات خنوعة ومتهافتة وهلوعة وجشعة، فان هذا لا يعفي المسؤول اليمني من الذنب الأكبر، لأن وطنهم وشعبهم هو الخاسر

السعودية، قد تيقنت أن المسؤول اليمني لا يمكن الاعتماد عليه وقت المحنة ولا الركون اليه لتنفيذ أي مهمة

المسؤول اليمني، يؤمِّن حياته ونفسه وينتظر من السعودية أن تقوم بالمهمة

المسؤول اليمني هو صاحب الخيانة الأثقللأنه فرّط بشعبه قبل أن يفرّط به الآخرون

٥- الصورة الدولية*— قد أعجبها أن ينظر العالم للمملكة على أنها عضو في مجموعة ال ٢٠، أصحاب أعظم اقتصادات العالم، وانها الأولى في إغاثة المنكوبين من الكوارث والاضطرابات

ولا تريد أن تكون طرفا في أي صراع مسلح ولو حتى على حدودها

هذا عكس الامارات التي تثير النزاعات وتشارك في الحروب حتى في أماكن بعيدة عنها

٦- نفوذ السعودية في اليمن*— السعودية لا تهتم بالنفوذ داخل اليمن

ما الذي سوف تستفيده السعودية إذا كانت صاحب النفوذ الأول في اليمن؟مبدأ السديري بالاعتماد على القبائل الشمالية، قد أصبح غير قابل للاستعمال

حماية حدود السعودية من اليمن، قد أصبح مؤمنا بطبقات من الحماية سواء بالسلفيين، أو شراء اليمنيين، أو باتفاقات سلام مع الإيرانيين، أو بدفاع مشترك مع الباكستانيين، أو بمظلة من الأمريكيين

السعودية قد أمّنت نفسها… ولم تعد بحاجة لليمن كمنطقة نفوذ

**سابعا: عملاقان خليجيان يتناقضان في اليمن**١- التحوّل في العقل السعودي: من “الوصاية” إلى “التخلّي المنظّم”*السعودية لم تعد تريد: تربية النخب، ولا إصلاح اليمن، ولا هندسة مستقبله في مجلس التعاون الخليجي

كل ما تريده السعودية، هو تقليل الخسائر… والخروج بأقل ضجيج

٢- العقل الإماراتي ناشف ولا يتزحزح*السعودية ترى أن الإمارات تحسم وتبدو منتصرة، لكنها تتحمّل الكلفة الأخلاقية وهذا لا يمكن أن يستمر بدون دفع الثمن

حركات الإمارات لن تؤدي لاستقرار اليمن

الإدانات والاستهجانات للإمارات سوف تتزايد وقد يتم طردها في النهاية أو تتحمّل العزلة لاحقا

والرياض تقول ضمنيا:“دَعهم يندفعون… ونحن سوف نتفرج وفي النهاية سنكون وحدنا الذي يبقىاليمنيون، دائما يعودون إلينا، وهذا هو سحر الجغرافيا**ثامنا: رسالة لعموم اليمنيين**١- لا منقذ خارجي*توقّفوا عن انتظار “المنقذ الخارجي”… وابدؤوا بمعركة استعادة المعنى قبل استعادة الدولة

لماذا؟لأن الخارج لم يعد يرى فيكم مشروع دولة، بل ساحة نزاع قابلة للتدوير داخل دوامة وكل ما تحتاجه هو إدارة الصراع لا إنهائه

وكل طرف يتعامل معكم كـ تكلفة أو أداة لا كشريك

٢- اكسروا وهم التمثيل*لا يوجد حزب يمثّلكم، لا مجلس رئاسي، ولا قائد، لا شرعية كاملةالاعتراف بهذا مؤلم… لكنه يحررنا من الأوهام

٣- اسحبوا الشرعية الأخلاقية من الفاسدين*الدولة لا تبدأ بالدبابة ولا بالبيان الأول… بل بالرفض الجمعي

٤- وحّدوا خطابكم لا سلاحكم*هل تستطيعون كلكم قول نفس الكلام، بشأن المساواة وسيادة القانون وضرورة الرئيس الواحد والقائد الواحد والجيش الواحد ووحدة اليمن واستقلالها وسلامة أراضيها؟هل تستطيعون كلكم في الشمال والجنوب والشرق والغرب، قول نفس الكلام؟السلاح يزيد التشظي، وهذا كما قد اختبرنا طوال العشر السنين هو أكبر أعدائنا

الخطاب الواضح، يربك المغامرين المقامرين في الداخل، ويقلق الخارج الذي يربك اليمن

قولوا جملة واحدة واضحة:“نريد دولة… لا وكلاء

”**تاسعا: رسالة للشرعية اليمنية**١- اعترفوا بالحقيقة*اعترفوا أنكم فقدتم ثقة الداخل قبل أن تفقدوا دعم الخارج

الواقع كما هو وكما نحن نراكم: لا توجد معكم عملية صناعة قرار، ولا حس مبادرة، ولا مشروع، ولا استعداد لبذل التضحية الشخصية ولا تحمُّل تكاليف أي خيار

والأسوأ:تتصرّفون كأن الوقت يعمل لصالحكم… وهو يعمل ضدكم

ماذا عليكم أن تفعلوا؟ … هذا إن أردتم البقاء

٢- سمّوا الأشياء بأسمائها*— الإمارات ليست “شريكا ملتبسا”، قد ظل الطريق ولكنها عدو

— الانتقالي ليس “خلافا سياسيا”، ولكنه حركة تمرد

— هذا كله تفكيك منظم للدولة

— صمتكم عن كل هذا، إنما هو شراكة وتواطؤ

٤- تخلّوا عن وهم الرضا السعودي*السعودية: لم تعد تراهن عليكم، ولا تثق بقدرتكم، ولا تريد تحمل فشلكم

إن لم تقفوا الآن معنا ومع اليمن، فلن تقف لأجلكم لاحقا

٥- قدّموا تضحية سياسية واحدة على الأقل*من غير المعقول أن تضطرب اليمن هكذا، بدون أي تضحية:  استقالات أو إعادة تشكيل حكومة أو مجلس، أو طرد وإدانة مسؤولين كبار، أو مصارحة الأمة، أو حتى مواجهة خاسرة بشرف

ما نراه منكم، هو اللاشيء

اللاشيء… أسوأ من الخسارة

**عاشرا: رسالة مباشرة لرشاد العليمي**انت رئيسنا ومن الواجب علينا أن نرسل لك الرسائل

وليس من العيب أن نقسو عليك، بل ربما هو أيضا من الواجب

ربما حتى أنه يجب عليك انت أن تطلب هذا منا

قلب وروح الرسالة:إمّا أن تصبح رئيسا في لحظة انهيار… أو ستُذكر في التاريخ كمدير مرحلة تفكيك١- الحقيقة القاسية*أنت لست ضعيفا شخصيا

لكنك محاط بـشركاء لا يريدون دولة وحلفاء لا يريدون صانع قرار وداعمين يريدون الهدوء لا السيادةهل تدرك أنك الآن وحدك معزولا، في العَراء؟ما الذي يمكنك فعله؟ … وحدك تقريبا بأظافرك وأسنانك

٢- اخرج من لغة “التوازن”*التوازن اليوم، هو مجرد شلل

… والشلل، هو تفويض غير معلن للآخرين: المتقاعسين من زملائك وحكومتك والمتمردين من أعضاء المجلس المتمردين الإماراتيين

أنت تسميهم إخوانك

إذا كان هؤلاء هم إخوانك، فكيف سيكون أعداءك؟تبدو كأنك تحرص على أشياء غير موجودة بل وقد أصبحت حتى ضارة

اذكر أسماء الأربعة أعضاء مجلس رئاسة التابعون للإمارات ويؤيدون الانفصال

وطلب من العضو الذي يسمي الانفصال بالمعارك الجانبية أن يسميها بإسمها

واذكر اسم العضو الصامت الذي لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم

٣- واجه الإمارات سياسيا… لا عسكريا*ما الذي سوف تعمله الإمارات بك أو بنا أو باليمن، بعد كل ما قد فعلت؟لماذا لا أنت ولا أي أحد يذكر إسم الإمارات؟من الضروري خطاب رسمي واضح بوثائق ورسائل تحميل مسؤولية علنية

حتى لو خسرت، فإنك ستربح التاريخ… وتحرج الجميع

٤- توجّه لليمنيين لا للسفراء*قل لهم: ما تستطيع، وما لا تستطيع، ومن يعرقلك، وماذا تريد منا

الرئيس الذي يصارح شعبه أقوى من رئيس تؤيده السفارات

خاتمة*هل هذا الكلام قسوة؟ … أم صراحة في محلها؟أين اليمن؟انظر إلى الخريطة واخبرني أين اليمن؟هل مازالت توجد يمن؟ألا تستحق اليمن أن نتكلم عنها هكذا… وبصراحة… وبدون مجاملة؟