د.عمرو ياسين : لايدن !

منذ سنة

د

عمرو ياسين من أين يأتي الناس والمطر؟الناس راحلون، ذاهبون، عائدون يرتبون شوارع المدينة بالهدوء و بالسكينةكانت الساعات تمضي، و كنت انا البعيد عن الازقة و الشوارع، و القريب من الصدى و الاغنياتكنت ادري انني امضي الى مدن بعيدةسماؤها كالماس، تفتح للضوء ابوابه، و تمزج تاريخها بالحداثةكنت ارسم بالشعر للطيبين ابنية من طراز الروح، و اجعل في كل ارصفة المدينة دفقة حب، و ذاكرة لا تشيخكم مر فوق ترابك المعجون بالثلج و رائحة البنفسج أنبياء؟و كم وضع الإله على سمائك من نجوم؟ و اسرج في فضائك من حنين؟ و كم عصور غادرت؟ و بقيتِ انتِ!و مازال الندى متوهجا يحكي لمن مروا عن الصباحات المليئة بالضباب و بالضياء و عن المساءات التي سكنت جوانحنا، و اثقلت الفؤاد برائحة الحنين الى عينين مثل البحر

ان همست، تتساقط الافلاك في أحداقها، و تذوب الوان السماء على امتداد حقولها

 من اين يأتي المجد؟هل من المدن التي امتلأت بها تفاصيل العصور؟ أم من ثقافة البشر، و من تنوع من أتوا و تداولوا الذكرى مع الغرباء؟يتناوبون الذكريات على الشوارع، و يخلقون لكل ذاكرة وطننهيم على هذه البسيطة، لا الذكريات تغيب و لا نعود الى دروب الذكرياتلكنه و تر الحنين، يجيء متى يريد و يرحل تاركا مدنا تعيش بنا، و نعيش بهاو نعيش فيها تفاصيل التأمل …خطى القادمين من المحطات البعيدة، يتبعون مدى احلامهم الى اسوار (لايدن) القادمون، الذاهبون، العائدون ليدركوا احلامهم على ابواب (لايدن)في قلب (لايدن)، يدرك الاتون معنى الحب للإنسان، و دفئ الورد في كل نافذة و طريق، و معنى ان يعيش المرء في مدن لا تغيب بقلب الغريب هل انتهى الطريق عند محطات (لايدن)، ام ابتدى الطريق للأرض و الإنسان؟ يا أول المدن التي يزهو بها الإنسانيا اجمل المدن التي ينسى بها الإنسان أعوام الرحيل يا زهرة الأرض الوحيدة، و ذاكرة الندى و الزهور كيف انتهى الدرب الأخير اليك؟ و كيف يبتدى الكلام و رائحة العصور تضج في كل منعطف و رصيف؟ كاني اتيت من زمن، كنت امشي هاهنا قبل المجيء، و كنت ارتب للورد الوانه، و للفراشات ما تيسر من ربيع الذكرياتكنت افتح للضوء ذاكرة الوقت و اصبغ للثلج ذاكرة من بياض الحياة كنت امشي هاهنا، و كانت الأرض تفتح لي تفاصيل الفصول؛ بهجة الصيف، ذاكرة الريح، و اغنية من مطر

كيف انتهى الدرب الأخير اليك، و كيف جئتك بغتة، كيف جئتك لهفة، كيف جئتك ماثلا للأرض و الإنسان؟كان تفاصيل السواقي فيك تسري في عروقي كأن فضائك الممتد من زمن يزين أبعاد روحيو ها أنا فيك، اسمع الخطوات في كل اتجاه، و اجراس الكنائس و قرءان المساجداتملى تفاصيل الرياح و ايقاع المطرأرى تأريخك الممهور بالشجعان و الوديان و الجسر المعلق بين ذاكرتي و الطريق اليككأنني أتيت من زمن، و كأنني كونت روحي في فضائك في لحظة يتماهى بها الوقت و الأرض و الانسان ادركتُ نفسي في ترابك، و امطرتُ ذاكرتي بالتفاصيل؛ الوان الحجارة، رائحة الشوارع، كحل الفراشات في كل ذاكرة و طريق، بياض الروح للإنسان، الزخارف في اعمدة المباني في قلب المدينة، الجسور بين الارض و الانسان، و ما تبقى من حياة تضج بها الشوراع و المقاهي و الحقولانتهى الدرب الأخير إليك، و جئتك لا تحمل الروح غير البياضفامنحيني بعض السكينة، و امنحيني ما تقول الأم للطفل الشريد، و ما يقول الله للإنسان: كن بشرا لترى سواك كما تراك، و اختزل الضياء في الكلمات عن الارض و الإنسان، و امنح كل من مروا ذهابا او ايابا فوق اغصان السنين ذاكرة للندى، و ابذل من بياض العمر ما سيضيء لمن سيأتي، كن كفا لمن يخشى السقوط، و ابذل دون ان ترجو، كن شجرا يظلل الدرب الأخير لكل العابرين، و كن قمرا يضيء لمن سيأتي لحظة انكسرت أمامهم الدروب، و اترك في فراغ الأرض بعض الضوء لمن فقدت خيال حبيبها، و كن بشري الملامح إنسان الخطى، وترا يشد الريح من اطرافها لتضيء افئدةً و أحلاماً و بعض الاغنيات، و اكتب عن الإنسان للإنسان كي يبنى وطن