د. محمد صادق : بين تصريحات أبو قصرة وعبدي.. مؤشرات حول خلاف تركي-أمريكي بسوريا يهدد بتصعيد عسكري

منذ 15 أيام

د

محمد صادق أصبحت القضية الكردية في سوريا إحدى القضايا الشائكة التي تثير كثير من التساؤلات والقلق لدى كثيرين في ظل التغيرات السياسية الكبيرة التي شهدتها البلاد بعد سقوط نظام الأسد المخلوع في ديسمبر الماضي

فمع تغير اللاعبين على الساحة السورية، يجد الأكراد أنفسهم عالقين بين أمن تركيا القومي ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى فاعلة في الملف السوري، وضمان وحدة الأراضي السورية، مما يعقد موقفهم في ظل الصراع الإقليمي والدولي

حيث لا يزال الملف الكردي يحتل الصدارة في أولويات الإدارة السورية الجديدة وداعميها، وسط تجاذبات سياسية كبيرة تهدد بصدام مسلح بين قوات الإدارة السورية الجديدة المدعومة تركياً، وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً يعود بالمنطقة لنقطة صفر

قسد: لن نسلم سلاحنا

القيادة العسكرية السورية: نرفض ذلكفي سياق ذو صلة، صرّح وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة مرهف أبو قصرة، لوكالة رويترز، في 19 ديسمبر الجاري، بأن الإدارة السورية الجديدة ترفض احتفاظ القوات الكردية بسلاحهم والبقاء كتكتل خاص منفصل داخل القوات المسلحة السورية

مشيراً إلى أن قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي يماطل في تعامله مع المسألة

من جهة أخرى، أكد قائد قوات قسد، مظلوم عبدي، في مقابلة خاصة مع العربية/الحدث، أن قواته لم تقرر تسليم السلاح ولا حل نفسها، ولكن تريد الانخراط في جيش سوريا المستقبل، محذرا من أن أي طريق غير التفاوض في مسألة دمج القوات بوزارة الدفاع سيؤدي إلى مشاكل كبيرة

وأضاف عبدي أنه لم يتم دعوتهم في اجتماع دمج الفصائل بوزارة الدفاع، وأن نتائج الاجتماع القائد أحمد الشرع، بالفصائل لا تعنيهم

مشيراً، إلى أنه ضد فكرة وجود جيشين في سوريا

وقال إن العلاقة مع قائد الإدارة الجديدة الشرع تحددها الأفعال لا الأقوال

وشن عبدي خلال اللقاء هجوما على تركيا، وذكر أنها تريد احتلال مدينة عين العرب لتوحيد مناطق سيطرتها في شمال شرق سوريا

مؤكداً على استمرار المعارك في سد تشرين

وبشأن القوات الأميركية في سوريا، أوضح أن وجودها مهم لتقريب وجهات النظر

وقال: نحن مع بقاء القوات الأميركية في سوريا

وجاءت تصريحات عبدي وأبو قصرة، بعد اجتماع سابق بين قيادتي قسد والسلطة الجديدة في سوريا نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي في دمشق، والذي أكد فيه الطرفان اتفاقهم على وحدة الأراضي السورية ورفض أي مشاريع تقسيم تهدد وحدة البلاد

وبحسب الباحث المتخصص في الشؤون التركية والسورية محمد خليفة العبد فإن تصريحات وزير الدفاع السوري أبو قصرة وقائد قسد مظلوم عبدي تشير إلى عدم اهتمام تركي بأي اتفاقات أو تفاهمات بين قسد والإدارة السورية الجديدة، وبالوقت ذاته تشير لضغوط تركية على الإدارة الجديدة حتى تحقق الهدف التركي بالتخلص من قسد، على الضفة الأخرى تشير أيضاً إلى تمسك قسد بسلاحها بدعم أمريكي مباشر، إلى جانب استعدادها لمواجهة تركيا نفسها وليس فقط قوات الإدارة الجديدة

كما أنها تشير إلى فشل المفاوضات بين قسد والإدارة السورية الجديدة وتعقد الحل، وتزيد من احتمالية المواجهة العسكرية بين الطرفين

من خلال قسد وملفات أخرى

واشنطن تخطط لإضعاف النفوذ التركي في سورياوفقاً للباحث بشؤون الشرق الأوسط سعيد العلي، فإن واشنطن تملك كثيراً من أوراق القوة في سوريا مما يسمح لها ليس فقط بالضغط على تركيا بل حتى إزاحتها من المشهد بشكل كامل، حيث أن واشنطن لديها أكراد سوريا وتركيا، المعارضة التركية، العلويين في تركيا، النفط السوري، وإسرائيل

كل هذه أوراق قوة أمريكية ضد تركيا

 وأشار العلي، إلى أنه حالياً تستخدم واشنطن وسيلتان للضغط على الحكومة السورية الجديدة المدعومة تركياً، وهما ملف النفط وملف العقوبات الاقتصادية والأمنية على سوريا، والذين يشكلان أهم الملفات التي يسعى قائد الإدارة السورية الجديد أحمد الشرع المعروف بـ أبو محمد الجولاني لحلهما

فحكومته بحاجة ماسة للنفط، وللتخلص من العقوبات من أجل النهوض باقتصاد البلاد واستمرارية حياة الناس وتركيا لا تستطيع أن تقدمهم له، بينما واشنطن يمكنها ضمان تبادل النفط والحبوب بين مناطق سيطرة الأكراد والمحرر، وبالتالي سوف يكون من المفيد له الاتفاق مع الكرد والأمريكان، بل حتى سوف يضطر لذلك

إلى جانب ذلك، أكد العلي بأنه يمكن لواشنطن أن تضغط على إسرائيل، بل يمكنها أن توعد الشرع بإيقاف التوغل الإسرائيلي في عمق الأراضي السورية، والذي يعتبر مشكلة كبيرة يصعب على الحكومة السورية الجديدة التعامل معها

ووفقاً لـ العلي، بناءً على كل المعطيات المذكورة، وبعد زيارة الوفد الأمريكي للإدارة السورية الجديدة في ديسمبر الماضي، مقترحاً إجراء مفاوضات مع قسد، يشير لرغبة أمريكية واضحة بدعم قسد وحمايتها، والسيطرة على الملف السوري برمته وتهميش تركيا وابعادها عن هذه المفاوضات

وبالتالي، فإن اختلاف الأهداف والمصالح بين التركي والأمريكي في سوريا يمثل تهديد فعلي استراتيجي لاستقرار ووحدة سوريا كبلد من المفترض أنه يمر الآن بمرحلة انتقالية حسّاسة

 الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية