د. يوسف الشراعي : أيلول المجد

منذ سنة

أيامنا كثيرة، لا شكّ في ذلك

لكن: هذا اليوم يظل درّة الأيام حتى بعد ستين عاماً !!  قد يختلف كثيرون حول ما تحقق وما لم يتحقق من أهداف ثورة ال ٢٦ من سبتمبر, لكن: ما لا يمكن إنكاره إن هذه الثورة - كانت وما زالت - بوابة التغيير الكبرى صوب العصر ومتطلباته, والزمان الجديد ومتغيراته,

إنها على وجه التأكيد البوابة التي عبَرَتْ من تحتها بعد ذلك كل قوافل الأحلام والآمال في التغيير والتحديث والتثوير والتنوير

تعتبر ثورة الـ ٢٦ سبتمبر محطة تحول جوهري في تاريخ الشعب اليمني ، حيث عبرت عن الإرادة الواعية للشعب ورفضه للمشاريع السلالية التي احتكرت المال والسلطة في فئة معينة مدعيةً حقها الإلهي في امتلاك رقاب اليمنيين، وانتصرت لمبادئ وقيم الحرية والعدالة والمساواة، وعززت السيادة والاستقلال الوطني

ونقلت الشعب من كهوف الولاية والولاءات الضيقة، إلى رحاب المشروع الوطني الجامع الذي لا إرادة فيه إلا إرادة الشعب ، ولا سلطة إلا لسلطة القانون والدستور

وبقدر عظمة هذا المنجز، كان حجم المؤامرات الهادفة الى وئده، لكنها فشلت واستمر النضال، الى أن تمّ دحر فلول الإمامة

وبعد أن أدرك المتأمرون أنّ سبتمبرَ حقيقةُ الحقائق لَبِسوا لَبُوسها من أجل تقويضها من الداخل، وإفراغها من جوهرها من خلال النفخ في الولاءات العشائرية والجهوية وإفسادِ الحياة السياسية، والوقيعةِ بين رفاق السلاح والنضال الجمهوري، والتسللِ الى مفاصل الدولة ونخرِ جسدها

محاولين إعادة انتاج الإمامة بثوب جمهوري

وأصبح زمن ما بعد الثورة زمناً مختطفاً مخطوفا!  مختطفا بمعنى أن تلك السنوات ذهبت لمن لا يستحق!  ومخطوفا! بمعنى أنها مخطوفة عن وعيها, وإرادتها, فهي موجودة وغير موجودة! تائهة لا تعرف ماذا تريد! أو إلى أين هي ذاهبة! وما حدث قبل ثمانية أعوام من انقلاب أحفاد الإمامة والسلالة الغابرة على النظام الجمهوري والمشروعية الدستورية والسيطرة على مؤسسات الدولة ونهب الخزينة العامة، والغاء الحياة السياسية إلاّ نتاجاً لهذه التراكمات

ويبقى السؤال: ما الذي بقي من ثورة سبتمبر إذن؟ ولا سبتمبر إلا السادس والعشرين !  يبقى أنها كانت وستظل البوابة التي عَبَرَ منها اليمنيون إلى العصر الحديث, ويبقى أنها الحدث الأهم خلال ألف سنةٍ مضت على الأقل, فبعدَها تغيّرت اليمن, وتكسّرت الأغلال!  يبقى من ثورة سبتمبر أنها أيقظت كل أحلام التغيير, وآمال المساواة, والديمقراطية, والتقدم, والوحدة,

يبقى أنها أخرجة المارد من القمقم, وهيهات أن يعود إليه!  إن عظمة وأهمية ثورة الـ ٢٦ من سبتمبر هو أنها كانت فتحاً سياسياً واجتماعياً ووطنياً

كانت فاصلاً سياسياً بين زمنيين، وتاريخيين : بين تاريخ وزمن الإمامة ، وتأريخ وزمن الجمهورية

‎#سبتمبر_مجيد