رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لـ”المشاهد”: لا يوجد حل عسكري للنزاع في اليمن
منذ يوم
في أول لقاء إعلامي مع السفير باتريك سيمونيه، رئيس بعثة الاتحاد الأوربي في اليمن منذ تعيينه، دعا إلى إعادة زخم الجهود السياسية ودعم جهود المبعوث الأممي إلى اليمن، محذرًا من التصعيد العسكري
وقال في مقابلةٍ حصرية مع “المشاهد”: نؤمن أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع في اليمن، والدعوات لحربٍ شاملةٍ لن تكون كارثية على الشعب اليمني؛ بل ستتعدى أثارها السلبية إلى المنطقة بأسرها
ووصف السفير سيمونيه دور الاتحاد الأوروبي تجاه تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر بأنه “دفاعي خالص”
ولا يقتصر على توفير الحماية للسفن التجارية العابرة للبحر الأحمر وخليج عدن، بل يشمل المساعدة في الاستجابة للأزمات في البحر
وتحدث السفير سيمونيه عن مشاركة الاتحاد الأوروبي في المجالات السياسية والتنموية والإنسانية لدعم اليمن
وقال: “خصصنا 251 مليون يورو للفترة من 2015 إلي 2027 لدعم تلك الأولويات، خاصةً المساعدات الإنسانية لتخفيف معاناة الشعب اليمني”
مبررًا تقليص المساعدات الإنسانية والتنموية لليمن بأنه انخفاض عالمي وليس اليمن استثناءً من ذلك، بحسب قوله
كما تطرق رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن إلى الحديث عن أولويات الاتحاد الحالية والمستقبلية تجاه اليمن
وتوقعاته في إمكانية التسوية السياسية للأزمة اليمنية، مع الحديث عن لقائه رئيس الوزراء وأعضاء حكومته المعترف بها دوليًا
ودور الاتحاد الأوروبي في دعم جهود شركاء محليين كالشباب والنساء في بناء السلام، وغيرها من القضايا التي تضمنها الحوار التالي:حاوره: وهيب النصاريالمشاهد: ما طبيعة الجهود التي تقوم بها بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن في كافة الجوانب السياسية والتنموية والإغاثية وغيرها؟ وما أولوياتكم في الوقت الراهن ومستقبلًا؟سيمونيه: الاتحاد الأوروبي شريك عريق لليمن، ومشارك فاعل في المجالات السياسية والتنموية والإنسانية لدعم اليمن وشعبه
ومنذ عام 2015، قدم الاتحاد الأوروبي قرابة ملياري يورو من إجمالي الدعم الكلي لليمن يشمل الجانب الانساني والتنموي وجهود السلام والاستقرار ؛ مما يجسد الالتزام العميق والمستمر للاتحاد تجاه اليمنيين
على المستوى السياسي، لدينا أولويتان: أولًا، ندعو إلى تجديد الزخم للجهود السياسية في اليمن
ونؤمن وبقوة أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع
فالدعوات إلى حربٍ شاملة لن تكون كارثية على الشعب اليمني فحسب، بل ستتعدى أثارها السلبية اليمن لتشمل المنطقة بأسرها
ولن يتحقق السلام الدائم إلا من خلال الحوار والتفاهم
ندرك هذا جيدًا في أوروبا، حيث تمكن الأعداء القدامى من التصالح من أجل شعوبهم
لذلك سنواصل دعم المبعوث الخاص للأمم المتحدة وفريقه، وأيضًا الشركاء الإقليميين والدوليين في جهودهم الرامية للتوصل إلى تسويةٍ سياسية شاملة تضع حدًا لهذا النزاع
ويعتزم الاتحاد الأوروبي زيادة جهوده في تسهيل عودة مختلف الأطراف إلى الحوار للوصول إلى هذا الهدف
ثانيًا، نقوم بزيادة دعمنا للحكومة المعترف بها دوليًا في عدن
فأثناء لقاءاتي مع الرئيس العليمي ورئيس الوزراء بن بريك والوزير الزنداني ومع محاورين آخرين؛ أكدت على عزم الاتحاد الأوروبي على مساعدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية لتعزيز وحدتهم الداخلية والقيام بإصلاحات أساسية
وتهدف مساعداتنا التنموية إلى دعم التنمية الاقتصادية، بما في ذلك الشراكة مع القطاع الخاص، وخلق فرص عمل، وتعزيز صمود المجتمعات اليمنية معيشيًا
وتحسين سبل كسب العيش في قطاعات هامة كالأمن الغذائي، وخدمات الكهرباء والمياه
وخصصنا 251 مليون يورو للفترة من 2025 إلى 2027 لدعم هذه الأولويات
ونهدف لمساعدة السلطات في تقديم الخدمات الأساسية للشعب اليمني
ومستعدون لتقديم الدعم في مكافحة الفساد، وتعزيز المساءلة وتحسين تحصيل الإيرادات والدفع بإعادة توحيد القطاع المصرفي
ونؤكد، من خلال مشاريعنا، على الحكم الرشيد، والمبادرات الشبابية، وحقوق الإنسان، وتمكين المجتمع المدني اليمني
يظل الدعم الإنساني حجر الزاوية لعملنا في اليمن
الاتحاد الأوروبي هو أحد كبار المانحين لليمن
خصصنا الشهر الماضي قرابة 40 مليون يورو؛ مما يرفع إجمالي الدعم الإنساني المقدم من الاتحاد لليمن إلى 120 مليون يورو في 2025، وإلى قرابة مليار يورو منذ 2015 اجمالي المساعدات الإنسانية
وسيوفر دعم الاتحاد الأوروبي مساعداتٍ عاجلة في مجالات الغذاء والتغذية والصحة، مع إعطاء الأولوية للمناطق الأكثر عرضة لخطر المجاعة
كما استكملنا للتو جسرًا جويًا إنسانيًا إلى اليمن، قدمنا خلاله أكثر من 432 طنًا من الأدوية والمستلزمات الطبية المنقذة للأرواح
وبفضل التعاون مع 11 شريكًا إنسانيًا، وصل هذا العون إلى أُسرٍ في جميع أنحاء البلد
ويُعد الاتحاد الأوروبي أكبر داعم لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، ويظل شريكًا أساسيًا في الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للحفاظ على القانون الدولي والاستقرار في المنطقة
المشاهد: اليمن لم يعد ملفًا محليًا فحسب، ولكنه أصبح جزءًا من معادلات إقليمية تشمل البحر الأحمر والطاقة
كيف سيتعامل الاتحاد الأوروبي مع هذه التشابكات؟ وهل سيبقى دوره إنسانيًا فقط أم سيتحول إلى لاعبٍ سياسي فعّال؟سيمونيه: لطالما كانت مشاركة الاتحاد الأوروبي في اليمن دائمًا متعددة الجوانب، وتشمل الجوانب السياسية والتنموية والإنسانية
والاتحاد الأوروبي فاعل سياسي نشط، بما في ذلك على المستوى الإقليمي، في إطار جهودنا لدعم جهود السلام الرامية الى التوصل إلى حلٍ سياسي للنزاع
كما أننا نشطون للغاية في إظهار دعمنا السياسي للحكومة اليمنية
وزرتُ عدن بعد ثلاثة أيام فقط من تولي منصبي، وأعتزم زياتها بشكلٍ متكرر للتواصل مع نظرائنا اليمنيين بهدف تعزيز علاقاتنا الثنائية
لسوء الحظ، ارتبط النزاع في اليمن بالتطورات في البحر الأحمر
وأدان الاتحاد الأوروبي بشكل متكرر هجمات الحوثيين على السفن التجارية، ودعا إلى احترام القانون الدولي، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2722 (2024)، الذي يؤكد على الحاجة لحماية حرية الملاحة
وفي الحقيقة، أدى التصعيد في البحر الأحمر إلى تعقيد جهود السلام، وحوَّل مسار التركيز على الحاجة لحل الأزمة اليمنية نحو اعتبارات إقليمية
يجب ألا يرتبط مستقبل اليمنيين ورفاهيتهم بحل نزاعاتٍ أخرى في المنطقة
المشاهد: في 19 فبراير 2024 أطلق الاتحاد الأوروبي عمليةً عسكريةً لحماية السفن التجارية من الهجمات التي يشنها الحوثيون
إذ أن عددا من السفن المستهدفة تتبع بعض الدول الأعضاء في الاتحاد، كيف تنظرون لهذه المسألة؟سيمونيه: الاتحاد الأوروبي ملتزم بحرية الملاحة البحرية وسلامة السفن التجارية في البحر الأحمر
أطلقنا في فبراير 2024 عمليتنا البحرية “أسبيدس“
الدور المناط بهذه العملية، وهو دور دفاعي خالص، لا يقتصر فقط على توفير الحماية للسفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر وخليج عدن، بل يمتد ليشمل المساعدة في الاستجابة للأزمات في البحر
رافقت “أسبيدس” أكثر من 1200 سفينة وشاركت في عمليات انتشال سفنٍ منكوبة ومهام الإنقاذ
سنواصل العمل بشكل وثيق مع الشركاء وفقًا لقرار مجلس الأمن 2722
المشاهد: ما تصوراتكم للدور الأوروبي في جهود التسوية السياسية للأزمة اليمنية؟سيمونيه: استثمر الاتحاد الأوروبي بشكل كبير في دعم جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة
وفي هذا السياق، حشدنا مواردنا الخاصة بالاستجابة للأزمات لتمويل أنشطة المسار الثاني، للدفع بمبادرات الاستقرار المحلية، والحوار السياسي بين الأطراف اليمنية، والتخفيف من التصعيد الاقتصادي، بالإضافة إلى تدابير أخرى لبناء الثقة
لا نألو جهدًا في هذا الصدد، فبعد أكثر من عشرة أعوام من النزاع، يستحق اليمنيون السلام وحياةً ومستقبلًا أفضل
سنستمر في لعب دور فاعل على جميع المستويات في دعم جهود السلام، بما في ذلك تواصلنا مع الجهات الإقليمية الفاعلة
المشاهد: التقيتم رئيس الحكومة اليمنية سالم بن بريك، ما رؤيتكم في التعامل مع الحكومة، وما رؤية الاتحاد لدعم جهود الحكومة للتعافي الاقتصادي؟سيمونيه:أجرينا نقاشات ممتازة مع رئيس الوزراء سالم بن بريك وحكومته
ندعم جهود رئيس الوزراء في الدفع بالإصلاحات وتعزيز الحوكمة، بما في ذلك مبادرات بناء القدرات
كما شهدنا نتائج إيجابية من حيث استقرار الريال اليمني وزيادة الرقابة على القطاع المصرفي
كما شاركنا في استئناف نقاشات المادة الرابعة بين الحكومة وصندوق النقد الدولي لإعادة إطلاق المساعدة المالية الدولية لليمن
أعتقد أن هذه أخبار جيدة للغاية، ونحن عازمون على مواصلة مساعدة الحكومة، بما في ذلك البنك المركزي اليمني، في هذا المسار
باتريك سيمونيه، رئيس بعثة الإتحاد الأوربي في اليمن: ندعم جهود رئيس الوزراء في الدفع بالإصلاحات وتعزيز الحوكمة، بما في ذلك مبادرات بناء القدرات
كما شهدنا نتائج إيجابية من حيث استقرار الريال اليمني وزيادة الرقابة على القطاع المصرفي
”المشاهد: كيف يمكن للاتحاد الأوروبي دعم جهود شركاء محليين كالشباب والنساء في عملية بناء السلام؟ وما دور الاتحاد الأوروبي في دعم جهود ما يسمى “المسار الثاني” من المجتمع المدني من الشباب والنساء والمبادرين المحليين؟سيمونيه: يدعم الاتحاد الأوروبي جهود السلام من خلال الاضطلاع بجهود تنسيق أنشطة المسار الثاني، بالإضافة إلى تمويل عدة مبادرات في هذا المجال
أنا معجب بعمل شركائنا اليمنيين الذين كانوا نشيطين جدًا في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية
فعلى سبيل المثال، عمل الاتّحاد الأوروبي عبر مشاريع المسار الثاني على إزالة قيود تتعلق بالتجارة والنقل، وتوحيد السياسات الاقتصادية الكلية والمالية، واستعادة الخدمات العامة، وتعزيز الحكم المحلي والسلامة المجتمعية، والتفاوض على وقف إطلاق النار على المستوى المحلي، ودعم المصالحة والعدالة الانتقالية، وتشجيع الحوار السياسي بين الأطراف اليمنية
ويظل الشباب والنساء جزءًا أساسيًا من هذه الجهود، وتشرفت بالفعل بلقاء ممثلين رائعين عن الشباب وكذلك ناشطات متميزات
في الواقع، نود رؤية النساء في مواقع المسؤولية، إذ أن مساهمتهنّ في بناء السلام أمرٌ جوهري
المشاهد: هناك تراجع في التمويل سواء من الاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء فيه، مثل السويد التي أوقفت مساعداتها، ودول أخرى بدأت تقلص مساعدتها الانسانية والتنموية لليمن
ما سبب ذلك؟ وهل نتوقع إعادة النظر في هذا الأمر، وهل سيؤثر ذلك على حجم الدعم الموجه للدول المتأثرة بالنزاعات، مثل اليمن؟سيمونيه:هناك خفض عالمي للمساعدات، وأعتقد أن اليمن ليس استثناءً
ومع ذلك، يظل الاتحاد الأوروبي شريكًا موثوقًا وثابتًا
وكما أوضحت آنفًا، حافظنا على مستوى عالٍ من الالتزام تجاه اليمن من حيث الاستجابة للأزمات والتنمية والمساعدات الإنسانية
ورغم ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي يشعر بقلق بالغ إزاء تدهور بيئة العمل في مناطق الحوثيين، فالاحتياجات الإنسانية هناك كبيرة
وعبرنا عن الإدانة الشديدة للاعتقالات التعسفية المستمرة لموظفي الأمم المتحدة وشركائها، وكذلك الاستيلاء غير القانوني على مقار الأمم المتحدة في انتهاك لامتيازاتها وحصانتها
هذه الإجراءات تعرقل قدرة الأمم المتحدة على العمل في تلك المناطق وتقديم المساعدات الحرجة
وأود هنا أن أؤكد على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية
بتتريك سيمونيه، رئيس بعثة الإتحاد الأوربي في اليمن: يشعر الاتحاد الأوروبي بقلق إزاء تدهور بيئة العمل في مناطق الحوثيين
وندين الاعتقالات التعسفية المستمرة للموظفين الأمميين وشركائها
”المشاهد: هل تتوقعون وصول اليمن إلى اتفاق سلام قريبًا، وما تقييمكم لأداء المبعوث الأممي لدى اليمن السيد هانس غروندبرغ بعد أربع سنوات لتعيينه مبعوثًا أمميًا، خاصةً في ظل استمرار التصعيد الحوثي في البحر الأحمر؟سيمونيه: أعتقد أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة يعمل دون كلل من أجل استئناف المفاوضات السياسية، ويقوم بذلك في سياق يتسم بالتصعيد الإقليمي
كان المبعوث على وشك تحقيق انفراجة في عام 2023، عندما أعلن عن التزام الأطراف بـ”خارطة الطريق”
ورغم ذلك، اختار الحوثيون في ذلك الوقت بدء حملةٍ عسكرية في البحر الأحمر وضد إسرائيل، بدلًا من مواصلة المفاوضات بشأن خارطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة
لقد اتخذوا ذلك القرار، الذي ربط أي فرصةٍ للتقدم نحو الحل بسير الحرب في غزة، وصعّدوا من هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر
بصراحة، لا أستطيع أن أرى كيف استفاد اليمنيون من هذا القرار، فاليمنيون يواصلون دفع الثمن النهائي للأزمة
مع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي عازم على مواصلة دعمه للمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، ودعم جهوده للتوصل إلى حلٍ سلمي للنزاع
نقوم بذلك بالتشاور مع المملكة العربية السعودية، التي تظل في رأيي لاعبًا جوهريًا لإيجاد حلٍ دائمٍ للأزمة، وكذلك مع الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية الأخرى مثل سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة
المشاهد: أخيرًا، نشكر سفير الاتحاد الأوروبي السيد باتريك سيمونيه على إجابته عن أسئلتنا
هل تودّ إضافة شيء في الختام؟سيمونيه: أود أن أشكر موقع “المشاهد” على هذه الفرصة
هذه أول مقابلة لي مع وسيلة إعلامٍ يمنية
أتطلع حقًا إلى التواصل مع اليمنيين من مختلف أطياف المجتمع، والاستماع إلى تطلعاتهم، والعمل مع جميع الشركاء من أجل مستقبل أفضل لجميع اليمنيين
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن