رحلة الضالع من أجل البطاقة الإلكترونية

منذ 4 ساعات

الضالع- عبد الرقيب اليعيسيتحول قرار وزارة الداخلية بالحكومة المعترف بها دوليًا، في يونيو الماضي، القاضي بربط إصدار جوازات السفر بالحصول المسبق على البطاقة الشخصية الإلكترونية، إلى معاناةٍ إضافية لسكان المحافظات الشمالية من اليمن، الذين يواجهون صعوبات كبيرة في استخراج الوثيقتين معًا

ولا تقبل الحكومة في عدن الجوازات الصادرة من مناطق سيطرة جماعة الحوثي (أنصار الله) ويضطر المواطنون الانتقال إلى عدة وجهات في مناطق الحكومة من أجل تقديم طلب الحصول على جواز سفر

وغالبًا ما تكون الوجهة محافظة الضالع، التي باتت تستقبل يوميًا مئات الوافدين لاستخراج البطاقة الإلكترونية بعد فتح طريق الضالع– صنعاء، في مايو الماضي

في ساحات مصلحة الأحوال المدنية، تتشكل طوابير انتظار طويلة ومزدحمة

ويقضي القادمون أيامًا في الزحام وسط شكاوى من مشقة السفر وارتفاع التكاليف وصعوبة المبيت

وبين هؤلاء، كان صالح عبده صالح، وهو خريج هندسة معمارية من أبناء مديرية يريم بمحافظة إب، يروي لـ”المشاهد” تفاصيل رحلته المرهقة التي لم تكتمل بعد

يقول صالح: “بدأتُ رحلتي يوم الجمعة من يريم إلى مدينة دمت، على أمل أن أواصل منها صباح السبت نحو الضالع، مستغلًا فتح الطريق في النهار؛ كونها تمر عبر مناطق تماس يمنع المرور فيها ليلًا”

لكن المفاجأة كانت بانتظاره

فبعد وصوله إلى سناح صباح السبت، اكتشف أن السبت إجازة رسمية، وأن مكاتب الأحوال المدنية مغلقة

ويضيف: “لم أكن أعلم أن السبت هو يوم الإجازة الأسبوعية، فقد اعتدتُ في مناطقنا أن تكون الإجازة يوم الخميس، فعدتُ بخيبة أمل”

وفي طريق العودة، سقط هاتفه وتوقف عن العمل؛ ما زاد متاعبه، خاصةً بعد انقطاع التواصل مع زميله المقيم في سناح

يروي صالح: “اضطررتُ للعودة والمبيت في منطقة الجبارة عند أحد أبناء منطقتي يعمل بـ”بيع القات”، ومكثتُ حتى صباح الأحد لأستأنف رحلتي من جديد”

عند عودته إلى سناح، فوجئ بالزحام الكبير؛ ما دفعه للاتجاه مباشرةً إلى الضالع، حيث تمكن من تعبئة الاستمارة وتسديد الرسوم

لكن الوقت لم يسعفه بإكمال المعاملة

يقول: “اضطررتُ للبقاء والمبيت عند زميلي النازح في مخيم للنازحين بسناح، وفي اليوم التالي عدت لاستكمال الإجراءات

لكنهم أخبروني أن البطاقة لن تكون جاهزة إلا بعد مرور عشرة أيام على الأقل”

خلال أربعة أيام فقط، أنفق صالح 400 ريال سعودي، بحسب قوله، ما بين مواصلات وسكن وطعام، دون أن يحصل بعد على بطاقته

ويختتم حديثه: “عشنا أيامًا صعبة بين الزحام والتعب والتكاليف، وكل ذلك من أجل معاملة بسيطة تحتاج رحلة أخرى بعد عشرة أيام”

ويضيف: “لا نعلم متى ستتوفر هذه الخدمة في مناطقنا دون الحاجة للسفر والمشقة، فقرار ربط الجواز بالبطاقة الإلكترونية جعلنا ندفع الثمن مضاعفًا”

من جهته، يقول المواطن عبده حمود من أبناء محافظة المحويت، وهو يحمل طفله بين ذراعيه: “نزلتُ مع عائلة ابني المقيم في السعودية لاستخراج بطاقات إلكترونية لهم، حتى يتمكنوا لاحقًا من إصدار جوازات السفر والدخول إلى السعودية”

ويوضح: “السفر والتنقل بين طرفي الصراع يجعل الإنسان أكثر تعبًا، إذ نتعرض للتفتيش عند الخروج والدخول عبر خطوط التماس

كما أن الازدحام الكبير يجعل من المستبعد استكمال الإجراءات في يومٍ واحد، رغم أننا بتنا في الفندق واستيقظنا مبكرين للوصول أولًا”

ويشير إلى أن قدومه من محافظة المحويت من أجل هذا الإجراء سيستغرق وقتًا طويلًا؛ بسبب تأخر إصدار البطاقات الإلكترونية وطول الانتظار في الطوابير

لافتًا إلى أن جواز السفر يحتاج أيضًا إلى رحلةٍ أخرى مع العائلة إلى عدن

ويختتم حديثه: “في السابق كان بإمكان الإنسان استخراج الوثائق من أي محافظة ينتمي إليها دون هذا العناء، لكن تبعات الحرب وقراراتها السياسية أثّرت بشكل مباشر على حياة المواطن الذي لا يحسب له أي حساب”

لا يقتصر العبء في مركز الأحوال المدنية بمدينة سناح على المواطنين القادمين من المحافظات البعيدة فحسب

بل يمتد أيضًا إلى الموظفين ورجال الأمن والعاملين داخل المركز، وحتى إلى أبناء المحافظة الجنوبية أنفسهم؛ بسبب الازدحام الشديد والضغط اليومي الكبير

يقول أسامة أحمد، أحد موظفي الأحوال المدنية في سناح، في حديثه لـ”المشاهد “: “إن المركز يواجه تحديات متزايدة نتيجة صغر المبنى وكثافة الإقبال من أبناء المناطق الشمالية والجنوبية على حدٍ سواء

موضحًا أن المبنى الحالي لا يملك القدرة الاستيعابية الكافية لاستقبال هذا العدد الكبير من المواطنين في الوقت نفسه

ويضيف أسامة أن جميع المواطنين يُعامَلون داخل المركز على قدم المساواة دون تمييز

مشيرًا إلى أن موظفي الأحوال المدنية يعملون منذ ساعات الصباح الأولى وحتى مغيب الشمس لإنجاز معاملات المراجعين

غير أن الضغط الكبير يتسبب أحيانًا في تأخير بعض الإجراءات، وهو أمر يعود –بحسب قوله– إلى ضيق المكان لا إلى تقصير الموظفين

كما يوضح أن عملية إصدار البطاقات الإلكترونية لا تقتصر على المواطنين الراغبين في السفر إلى الخارج من أبناء المحافظات الشمالية

بل تشمل أيضًا موظفين شماليين يتقاضون رواتبهم من جهات حكومية في المحافظات الجنوبية

فضلًا عن العسكريين والعاملين في قطاعات مختلفة؛ ما يضاعف حجم الطلب والازدحام داخل المركز

ويؤكد إسامة في ختام حديثه أن جميع موظفي المركز ورجال الأمن يبذلون أقصى ما بوسعهم لتسهيل معاملات المواطنين وتنظيم الحشود

مشددًا على أن المعاناة التي يشهدها المراجعون يوميًا ليست ناتجة عن إهمال أو ضعف في الأداء، بل عن الضغط الهائل الذي يتجاوز قدرة المبنى الحالي على الاستيعاب

وختامًا، يفكر صالح في الرحلة القادمة لاستلام بطاقته وبدء معاملة أخرى

ومن الآن يعد الموازنة اللازمة والجدول المناسب لهذه المعاملة التي تكلف الوقت والمال وتقترب من المناطق الخطرة في مناطق التماس

ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع

يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة

بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail

comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن