رمضان في “عشش” المهمشين
منذ 2 أشهر
تعز – عبد الغني عقلان أصيبتْ الستينية، مريم الوصابي، بيدها اليسرى وهي تبحث عن إفطارٍ لأولادها، بمدينة البعرارة السكنية، وسط مدينة تعز جنوب غرب اليمن
ومدينة البعرارة بتعز، مدينة مخصصة لفئة المهمشين، من ذوي البشرة السوداء، وهي من الفئات الأشد ضعفًا وفقرًا، على مستوى اليمن
تحكي مريم قصتها قائلةً: جاء فاعلو خير خلال رمضان يوزعون لنا وجبات إفطار، وكنتُ واقفة في الطابور للحصول على حصتي
وفجأة وبسبب التدافع؛ أطلق مسلحون النار، فسقطتُ على الأرض بقوة؛ وأصيبتْ يدي اليُسرى
بدتْ مريم منهكةً وهي تروي قصة إصابتها بعيارٍ ناري أثناء البحث عن وجبة إفطارٍ لصغارها في رابع أيام رمضان الحالي
وتضيف لـ«المشاهد»: “نحن المهمشون حياتُنا متعبة، لا نحصل على لقمة العيش بسهولة، ولا نجد من يحمينا”
تقدر الأمم المتحدة أن عدد المهمشين في اليمن يتراوح بين نصف مليون إلى 3,5 مليون شخص
وغالبًا ما يعمل أفراد هذه الفئة في مجال النظافة أو الأعمال البسيطة
آمنة أحمد، ستينية، من فئة المهمشين، تسكن في مخيم الحبلة، بمنطقة نجد قسيم، في مديرية المسراخ، جنوب تعز
تقول: “قبل رمضان نجمع الحَطَب و(الكراتين) من الأسواق والقرى المجاورة لطهي الأكل، ونشتري (دبب) لجلب الماء فوق الحمير من البئر”
بحسب الأمم المتحدة، يتراوح عدد المهمشين في اليمن ما بين نصف مليون إلى 3,5 مليون شخص، يعيشون في فقرٍ مدقع، وغالبًا ما يعملون في مجال النظافة أو الأعمال البسيطة، كما إنهم محرومون من الخدمات والمساعداتوتضيف بلهجتها: “مافيش معنا حاجة، لا طحين ولا زيت ولا سكر، جالسين حاطين يدنا على خدنا؛ منتظرين صدقة فاعل خير”
وتزيد: “نفرح برمضان، شهر رحمة وتوبة، ونحصِل لنا صدقة من الناس لشراء لقمة العيش ونستر بها حالنا”
عامل النظافة، عبدالرقيب الصبري، 47 عامل، يسكن في ذات المخيم، يقول إنهم استقبلوا رمضان وظروفهم لم تتغير، وتشبه بقية شهور العام
حيث يعتمدون على دخلٍ محدود وهم على باب الله، ويعملون بشكل مستمر لتوفير لقمة العيش الضرورية، بحسب الصبري
ويضيف: يدخل رمضان والناس المرتاحين (القبائل) -وفقًا لوصفه- قد جهزوا كل احتياجات رمضان من المأكولات الشهية، وتنظيم المنازل وجدولة الضيافات
كما أن بعضهم يستعد للذهاب إلى العمرة، بينما نحن (السود) فقراء لا نملك شيء وظروفنا قاسية، حد تعبير الصبري
مشيرًا إلى أن مخيم الحبلة للمهمشين من أكثر المخيمات المنسية، رغم أن المخيم يقع على شارع رئيسي عام
وواصل: نادرًا ما تصلنا مساعدات، وعندما تصلنا فلا تتضمن سوى أشياء خفيفة لا تفي باحتياجاتنا
”الأمين العام للاتحاد الوطني للفئات الأشد فقرًا، فرع تعز، صالح عبده صالح، يتحدث لـ«المشاهد» عن أعمال المهمشين في رمضان
ويقول: إن المهمشين في كل رمضان يتجهون -رجالًا ونساءً- نحو بيع الكُرّاث والفجل والخضروات في الأسواق
وذلك لتغطية مصاريف رمضان وكسوة العيد لأطفالهم، كما أن بعضهم يعملون في الحمالة، الخرازة، وحياكة الأحذية
”متابعًا: نحن فئة عاملة، نعمل ليلًا ونهارًا طوال شهر رمضان بأجور زهيدة لا تكفي لسد رمق جوعنا
معتبرًا أن معظم المهمشين لا يستطيعون توفير كل مستلزمات رمضان، من غذاء وخضروات
صالح: المهمشون في اليمن فئة عاملة، يعملون ليلًا ونهارًا طوال شهر رمضان بأجور زهيدة لا تكفي لسد رمق جوعهم؛ لهذا فهم لا يستطيعون توفير كل مستلزمات رمضانولفت صالح إلى أن هناك قصور كبير تجاه فئة المهمشين وعدم مراعاة لظروفهم الاقتصادية، ويفتقرون لنظرة إنسانية من المجتمع
مرجعًا ذلك إلى الموروث الاجتماعي والنظرة الدونية تجاه (السود)، بحسب وصفه
وفي السياق، يلاحظ عضو قيادة المنسقية العليا للمهمشين، معين المضي، ارتفاع ظاهرة التسول في شهر رمضان بين أوساط النساء المهمشات
ويقول لـ«المشاهد»: مختلف الأعمار يبحثون عن صدقة رمضان من فاعلين الخير والتجار والمواطنين بسبب الفقر المحيط بهذه الفئة منذ قرون
بالإضافة إلى حرماناهم من كافة حقوقهم الاقتصادية والمدنية
”ويرى القيادي في منسقية المهمشين أن معاناة المهمشين في رمضان هذا العام مضاعفة
ويرجعها إلى ارتفاع الأسعار وعدم استقرار العملة والتدهور الاقتصادي الحاصل في اليمن عمومًا
يكشف الخمسيني أحمد قاسم بوطة، النازح في مخيم التعاون، بمنطقة البيرين، مديرية المعافر (جنوب تعز) كيف يفطر المهمشين في رمضان
ويقول لـ«المشاهد»: نفطر بماء وتمر ونتعشى كراث وبقل، نحصل عليه من أهلنا الذين يبيعونه في الأسواق، ونشرب الشاي الأحمر
صالح: هناك قصور كبير تجاه فئة المهمشين وعدم مراعاة لظروفهم الاقتصادية، ويفتقرون لنظرة إنسانية من المجتمع؛ بسبب الموروث الاجتماعي والنظرة الدونية تجاه (السود)ويواصل: كنا نحصل على سلال غذائية في السنوات الأولى من النزوح، لكن ومنذ ثلاث سنوات أصبحت حياتنا بالمخيمات صعبة جدًا
ويضيف: لا يوجد لدينا غاز، وإذا ذهبت النساء لتجميع الحطب يتم منعهنّ من ملاك الأراضي المجاورة، ولا نستطيع توفير الحطب
ويتابع: لهذا نضطر لتناول غذاء لا يحتاج إلى طهي طويل، باستخدام مواقد قديمة من الأحجار، ونشعل تحته (الكراتين)
”العضو في نقابة عمال النظافة بتعز، وجدي أحمد سعيد، من فئة المهمشين، يقول: بعض المنظمات الخيرية متفاعلة معنا
وتريد تقديم وجبات الفطور والعشاء، خصوصًا بمدينة البعرارة السكنية؛ لكن سوء التنظيم يجعل بعض المنظمات تصرف النظر عن هذه المشاريع
داعيًا فاعلي الخير والمنظمات للالتفات لتجمعات المهمشين ومخيمات النازحين في المدينة والريف؛ كوننا فئة محتاجة وأكثر تضررًا بسبب الأوضاع الراهنة
”المضي: ترتفع ظاهرة التسول في شهر رمضان بين أوساط النساء المهمشات، حيث يبحثون عن صدقة رمضان من فاعلين الخير والتجار والمواطنين بسبب الفقر المحيط بهم، وحرماناهم من كافة حقوقهم الاقتصادية والمدنيةمن جانبه، يخلص بوطة، إلى أن مخيمات المهمشين تعاني نقصًا في الغذاء والإغاثات، والمنظمات تخلت عن مسؤولياتها تجاههم
ويختم: في ظل غياب الدولة وخدماتها، تمارس بعض المنظمات سياسة الإقصاء بحق بعض المخيمات، وتمنع عنها الخدمات والغذاء والمأوى
”ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير