رولا القط : بين هدنة غزة واحتفالات الحوثيين: سلام هش ومظاهر للقوة
منذ 18 أيام
رولا القط يقف الفلسطينيون على حافة القلق؛ فالتجارب السابقة تجعل من الهدن استراحة مؤقتة ضمن سلسلة متصلة من الصراع
وعلى بعد آلاف الكيلومترات، وفي مشهد يبدو بعيدًا شكليًا لكنه متصل رمزيًا، تحتفل جماعة الحوثي في صنعاء بما تقدمه كإنجازات عسكرية وسياسية
ما يجمع المشهدين ليس فقط تزامن الأحداث، بل ما وراءهما من رسائل سياسية متشابهة تستغل مفاهيم النصر والسلام في آن واحد
هدنة غزة بين الضرورة والهشاشة هدنة غزة الأخيرة جاءت بعد تصعيد مكثف، حيث سقط فيها الضحايا وأُنهكت البنى التحتية وسط مأساة إنسانية تتكرر مع كل مواجهة
الاتفاقيات التي تُفرض عادةً تحت ضغط دولي أو إقليمي لا تهدف غالبًا إلى إنهاء الصراع جذريًا، بل إلى احتوائه بشكل مؤقت
الأطراف الفلسطينية تُسوّق الهدنة كنجاح في إدارة المعركة، بينما يسعى الاحتلال الإسرائيلي لتقديمها كضمانة لأمنه
الهدنة في غزة غالبًا ما تكون مؤقتة، يتحول بعدها السكون إلى مقدمات لجولات عنف جديدة، فيما يبقى الشعب الفلسطيني يدفع الثمن
احتفالات الحوثيين بين الرمزية والاستراتيجية في المقابل، تنشغل جماعة الحوثي بتنظيم احتفالات ضخمة مليئة بالشعارات والمظاهر العسكرية
تُظهر هذه الاحتفالات الحوثيين كقوة سياسية وعسكرية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية
التوقيت يحمل دلالات مهمة، حيث تأتي هذه الاحتفالات متزامنة مع الحديث عن هدنة في غزة، لتطرح تساؤلات عن الرسائل التي تريد الجماعة إيصالها
الحوثيون يستخدمون هذه المظاهر لإثبات شرعيتهم في الداخل والتأكيد على قدرتهم على المناورة السياسية، سواء في المفاوضات أو في ساحات القتال
في غزة، تُسوق الهدنة كإنجاز، وفي صنعاء تُقدم الاحتفالات كرمز للنصر
كلا الخطابين يخاطبان الداخل والخارج برسائل مزدوجة، تستهدف تعزيز السيطرة الداخلية وإثبات القوة الإقليمية
سواء كانت الهدنة في غزة أو الاحتفالات في صنعاء، فإنهما يعكسان حالة عدم الاستقرار، حيث يُقدم السلام كفاصل قصير بين جولات من الصراع، ويُظهر الاحتفاء مظاهر القوة كجزء من إدارة الحرب، وليس نهايتها
في كلتا الحالتين، يدفع المواطن العادي الثمن الأكبر
في غزة، تظل الحياة مُعلقة بين تصعيد وتهدئة، وفي صنعاء، تُستخدم الموارد في تنظيم مظاهر الاحتفالات بينما يعاني الناس من أزمات اقتصادية وإنسانية خانقة
هدنة غزة واحتفالات الحوثيين تمثلان وجهين لعملة واحدة في المنطقة العربية، حيث تُستخدم المصطلحات الكبيرة مثل “السلام” و”النصر” لتحقيق أهداف سياسية محضة، بينما تبقى الشعوب أسيرة هذه المعادلات
ما بين الهدنة التي قد تنهار والاحتفالات التي تخفي وراءها استمرار الصراع، يبدو أن الأمل الحقيقي للسلام العادل والشامل يظل بعيد المنال
هل يمكن أن تتحول هذه اللحظات السياسية العابرة إلى خطوات حقيقية نحو الاستقرار، أم أنها مجرد فصول أخرى من مسرحية الصراع التي لا تنتهي؟