ريمة: تعليمٌ معلقٌ في رأس الجبل
منذ يوم
ريمة – عبدالملك الأغبرييقطع الطفل برهان الحاج (12 عامًا) صباح كل يوم، مسافةً تصل إلى ساعتين ونصف سيرًا على الأقدام من منزله الذي يقع في منطقة الوادي، بمديرية مزهر، محافظة ريمة، غرب اليمن؛ للوصول إلى مدرسةٍ تقع في منطقة بني يعفُر، المعلقة برأس الجبل
يقول برهان لـ”المشاهد”: “أستيقظ باكرًا، أتناول وجبة الفطور، وأخرج من البيت؛ لأن المدرسة في منطقتنا لا توفر تعليمًا فعليًا
لا يوجد معلمون مؤهلون، والدراسة في أفضل أحوالها لا تتجاوز ثلاث ساعات، نغادر بعد الراحة في العاشرة، ولا نكمل الحصص المفترضة، بينما الأصل أن ندرس ست حصص يوميًا على الأقل”
ويضيف: “لذلك أضطر إلى قطع هذه المسافة الطويلة يوميًا، رغم صعوبة الطريق، لأنني أريد أن أتعلم وأغير واقعي، على الرغم من أنني أصلُ متأخرًا أحيانًا، لكن أقول لنفسي، التعليم هو الشيء الوحيد الذي يمكن من خلاله أن يُخرجنا من هذا الوضع”
يقول برهان أن المدرسة التي يذهب إليها عدد المعلمين فيها كافي للمواد والساعات الدراسية منتظمة فيها
الطفل برهان الحاج، ريمة: أضطر إلى قطع هذه المسافة الطويلة يوميًا، رغم صعوبة الطريق، لأنني أريد أن أتعلم وأغير واقعي، على الرغم من أنني أصلُ متأخرًا أحيانًا، لكن أقول لنفسي، التعليم هو الشيء الوحيد الذي يمكن من خلاله أن يُخرجنا من هذا الوضع”
يحلم الطفل برهان، أن يُصبح مهندسًا كي يقوم ببناء مدرسةٍ حقيقيةٍ في قريتهم، دون أن يضطر الأطفال أن يقطعوا كل تلك المسافات كما يفعل هو
”
قصة برهان ليست استثناءً
هناك صورة مكررة لمعاناة آلاف الأطفال في المناطق الريفية من اليمن، حيث يختزل الفقر، وانعدام البنية التحتية، وغياب المعلمين المؤهلين، مستقبل جيل كامل
فيما تظل وعود “التعليم حق للجميع” مجرد شعاراتٍ بعيدةً عن طريق الوادي الطويل الذي يسلكه برهان كل صباح هو ومجموعة من أقرانه
تقول ابتهال أحمد، “اسم مستعار”، معلمة متطوعة في مدرسة بني يعفُر بمديرية مزهر، لـ”المشاهد”: “التعليم هنا يواجه صعوبات قاسية جدًا
كثير من المواد لا تُدرّس إطلاقًا لعدم وجود معلمين، ومع استمرار انقطاع الرواتب، أصبحت المدارس شبه خالية من الكادر التربوي، فالكثير منهم غادروا البلاد بحثًا عن مصدر دخلٍ يؤمّن حياتهم وأطفالهم”
تتابع: “يحضر الطلاب إلى المدرسة بأحلامٍ واسعة، لكنهم يعودون بخيبةٍ أكبر، فالمدرسة لا تضم معلمين لموادٍ أساسية مثل الرياضيات، العلوم، اللغة الإنجليزية، الفيزياء، الكيمياء، وحتى اللغة العربية لبعض الفصول أيضًا
ولكم أن تتخيلوا هذا؟”
معلمة متطوعة في ريمة: يحضر الطلاب إلى المدرسة بأحلامٍ واسعة، لكنهم يعودون بخيبةٍ أكبر، فالمدرسة لا تضم معلمين لموادٍ أساسية مثل الرياضيات، العلوم، اللغة الإنجليزية، الفيزياء، الكيمياء، وحتى اللغة العربية لبعض الفصول أيضًا
ولكم أن تتخيلوا هذا؟”
تضيف ابتهال: “بسبب غياب الكادر قام أحد المعلمين بضم طلاب الصف الأول مع طلاب الصف الثاني، في فصلٍ واحد بسبب عدم وجود كادر يعلمهم، إذ يُخصص الحصة الأولى للصف الأول بينما طلاب الصف الثاني يستمعون، ثم يقوم بتدريس طلاب الصف الثاني بينما طلاب الصف الأول يستمعون، وكل ذلك بسبب النقص الحاد في المعلمين”
تختتم ابتهال: “لا يوجد تعليم بهذا الشكل حتى في أكثر البلدان تخلفًا
هنا نحن فقط نُحاول ألا ينطفئ الحلم تمامًا لهذا نستمر وهذا ما دفعني للتطوع”
يقول “المجلس النرويجي للاجئين” في تقرير نشره خلال فبراير هذا العام، إن أكثر من نصف المعلمين والتربويين في اليمن البالغ عددهم نحو 190 ألفًا، أُجبروا على البحث عن مصادر دخل أخرى منذ عام 2016؛ بسبب عدم انتظام الرواتب
ونتيجة لهذا فقد أصبح 2
2 مليون طفل خارج المدارس وثمانية ملايين طفل آخرين بحاجة إلى دعمٍ لمواصلة تعليمهم الأساسي، بحسب المصدر السابق
كما أن هناك 1
7 مليون طفلًا نازحًا؛ مما أدى إلى انقطاعهم عن التعليم
إبراهيم أحمد، واحدٌ من أبناء المنطقة الذين غادروها بسبب ضعف التعليم وانعدام الخدمات
يقول لـ”المشاهد”: تركتُ بلادي مع بدء الحرب وانقطاع مرتبات الموظفين، ونزحتُ بأسرتي إلى صنعاء، خاصةً بعد تدهور العملية التعليمية، وشحة مصادر الدخل هناك”
يتابع: غادرتُ ريمة وانتقلتُ إلى صنعاء للعمل فيها وأخذتُ أسرتي معي، وأعمل هنا مساعد معلم بناء “حجر وطين”، كما يُطلق عليه الكثير من اليمنيين”
يضيف: صحيح أن فرص العمل تضاءلت حتى في صنعاء، لكن على الأقل أنا مطمئن لأن أولادي يدرسون ويتعلمون، بعكس ما هو في القرية تمامًا، فالأولاد ثمرة الإنسان فلا يجب أن نُهمل هذه الثمرة”
يشير إبراهيم: بعد انقطاع المرتبات وسوء الأوضاع المعيشية في اليمن بشكل عام، تجد أن بعض المعلمين سافروا إلى السعودية للبحث عن عمل وهذا ليس محصورًا على قريتنا فقط، أعتقد أن هناك الكثير تركوا وظائفهم مدنيين وعسكرين، وسافروا للبحث عن مصدر دخل بديل يعولون به أنفسهم وأسرهم”
ويضيف: ما فائدة التمسك بالوظيفة إذا كنتَ تعيش على الديون، بل قد تصل أحيانًا إلى مرحلة لا تجد فيها حتى من تستدين منه لمصروفك اليومي”
يتمنى إبراهيم، أن تنتهي الحرب وتتحسن الأوضاع، ليصبح التعليم بحالٍ أفضل، وألا يضطر أبناء منطقته لقطع الجبال من أجل بضع حصص، وألا يكون مستقبلهم مرهونًا بمتطوعين أو مدارس بلا معلمين، باعتبار أن التعليم هو حق مشروع ومكفول للجميع، ونافذة النجاة الوحيدة من فقرٍ توارثته الأجيال، كما يقول إبراهيم
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن