سام الغباري : الابن الذي هزم أبيه !
منذ 3 أيام
سام الغباري إصرار عمرو البيض على الانتقام من إخراج والده المحترم من السُلطة، ومحاولاته الكلامية المتكررة في نفي هوية شعب يمتلك رصيدًا ضخمًا من السنوات والحضارات، يشبه تمامًا ما يفعله #الخوثي، فكلاهما يبحثان عن الانتقام وصولًا إلى السُلطة
يتحدث الخوثي القادم من مجاهيل طبرستان عن حقه في البحث عن سُلطة عنصرية له، وللعرقيين من أمثاله، وهُم يستحبون سفك الدماء على أعمدة العرش البغيض، كل دعوة منهم، وكل خروج، كان ينظر إلى الوراء، نحن أبناء عليّ ويجب أن نحكم!
عمرو البيض يقول لنفسه أنه ابن الرئيس الذي خرج مظلومًا من السُلطة، تبًّا لعلي عبدالله صالح، ولحزب الإصلاح الذين فعلوا به ذلك
فعندما يرى ابناء الرئيس السابق هادي، والآن أبناء د
العليمي، ينالون شيئًا من امتيازات الآباء، يشتدّ غضبك، ويتذكر أنهم كانوا - ربما - يسعون إلى صداقته، بينما الآن لا يردّون - ربما - على اتصالاته
تردد عمرو البيض في داخله، عمّا يجب فعله، حتى تحوّل الأمر إلى هاجس هستيري
وكانت البداية سهلة وصعبة في آن واحد
وقف مع جوقة الذين أُخرجوا من ديارهم، إلى جانب الخوثيين، حتى غزو صنعاء في 2014م
وكان الصحفي محمد علي السقاف يردد: لن تنتصروا يا معشر المهاجرين مرة أخرى إلا إذا زرعتم كراهية ما يُسمّى اليمن في قلب كل جنوبي
وكان الخوثي يسامرهم في ذلك، ويعترف خداعًا به، ولم تتوقع الجوقة اليسارية أنه سيتجه نحو عدن - لأنهم امتلئوا بالكراهية، ولم يقرؤوا التاريخ
يستمر هجوم عمرو البيض على اليمن، ذلك استمرارٌ لخدمة الخوثي
لقد كان والده قادرًا على الحرب في صيف 94م لوقت أطول، وعندما قال: الوحدة أو الموت، كان ذلك خيارًا له، نشرته صحيفة الثوري، وعندما أعلن خطاب الانفصال في 21 مايو، هزم نفسه
علي عبدالله صالح هزمكم بالوحدة يا عمرو، والخوثي سيهزمكم بالوحدة نفسها إن استمريتم في هذا الهراء المستحيل
غير أن ما يبدو لي أنك في النهاية لا تعنيك كل هذه الأشياء، فهي خيارك الثاني
أما الخيار الأول، فلك جواز سفر غير يمني، ومنزلًا فخمًا بالأثاث والأناقة، وثروة مريحة، فلا وجع في الرأس إلا من باب النكاية التي قد تفتح لك طريقًا إلى السُلطة - لكنها لن توصلك إلى التاريخ
الرواية التي تكتبها اليوم لا تؤهلك لبلوغ السُلَّم الأول منه
فالتاريخ رواية، تكتبها أنت بيدك
وبدلًا من أن تُخفف من أخطاء وقرارات والدك المحترم - إذ لا كمال في السياسة ولا في الحياة - تكتب بيدك ما يمحو كل الخطابات الوحدوية المضيئة التي اشتهر بها والدك وعائلتك
أنت تكتب لتقول: طُز، أنا منتقم، أنا شمشون
وبعض الذين يحيطون بعائلة صالح اليوم يُغذّون فيهم مثل هذا المسار الانتحاري
غير أن صالح، قبل وفاته، أدرك أن عليه الاعتذار عن شبهة التحالف مع الخوثيين الأوغاد، فلم يبق أمامه سوى التاريخ ليدخله بقوة
ولم يكن ثمة وسيلة أنبل من القتال والموت واقفًا
أنا أرى، أو أشعر، أن هتلر وجوبلز ومن معهما ماتوا محاربين، لم ينتحروا
غير أن الذين كتبوا الرواية من الأميركيين، سلبوا هتلر لحظة الختام، تلك اللمسة المبهرة، وحوّلوه إلى رجل مكتئب ومريض نفسيًّا
تمامًا كما سُلب من السوفييت شرف انتصارهم الكاسح على النازيين، لأن الأميركيين يمتلكون القدرة الهائلة على صناعة الرواية
أنت اليوم تسلب والدك المحترم تلك اللمسة الختامية، وتُصرّ على جعله إنسانًا يرفض فكرة التآخي، ويعمل ضدها
بل حوّلته في روايتك إلى مؤسس للكراهية المناطقية، في حياته، وحتى بعد وفاته - أطال الله عمره
أرى أيضًا أن أنصحك علنًا بالتخلي عن تدمير الأشياء الناصعة التي حرص والدك المحترم طيلة أفضل أيام حياته على تكريسها
لن يتذكّر الناس تغريداتك، لكنهم سيتذكرون مشهد والدك المحترم وهو يتقافز فرحًا متحمسًا من صنعاء وهو يقول عن الوحدة: إنها للأبد ! وكررها ثلاثًا
ذلك المشهد هو ما بقي في الوعي العام، وكلما مرّ عليّ، شعرت بالامتنان له
أين كنتَ أنت في تلك اللحظة يا عمرو؟
والله يتولى الصالحين