سام الغباري : مِن نُقم إلى الأمازون !

منذ 7 ساعات

سام الغباري رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير  بدت الردهة عالية السقف في قاعة قمة المناخ بالبرازيل، وعلى بعد عدة كيلا مترات، انتقل حفيف أوراق الغابات خلف أنين الجذوع وخرير الماء، ليهتز زجاج القمة العالمية كأنه موجة خضراء بلا شاطئ

فيما العالم يتحدث عن الأرض، والقاعة تضج بلغات العالم

والشاشات تعرض خرائط الاحتباس الحراري، كان احمد الشرع وطارق صالح يفكران ببلاد أشد سخونة من النار ذاتها

 استند طارق صالح بوجه حمل في ملامحه غبار السواحل، وملح المخا، ورائحة البن حين يُحمّص في مطابخ الفجر ، واقفًا، يسند جسده الصعب على ذاكرة بلا جدار

عيناه تبحثان عن جبل نقم في منتصف الأمازون

 اقترب أحمد الشرع، بابتسامته الأنيقة الشائعة، كأنه جزء من سيرة معاوية رضي الله عنه، يمضي بخطى يعرف ثقلها قبل أن يخطوها، رفع يده اليمنى، قائلًا فيما يشبه الشعر: يا طارقًا

يا رجلًا فيك اختلف الكثير، شائنوك ومادحوك، لا تنظر لأحد سوى صنعاء، ولا تفتح عينيك على مرقد غير أسرة صنعائنا العربية العظيمة،أخبرني يا فتى آل عفاش القديم، وسوطها الجديد

 كيف جئت إلى هنا؟فإني اسمع طرائقك التي ترسمها إلى صنعاء تمُر من قلبك قبل أن تمضي على جغرافيا التراب

 تبسّم طارق قبل أن يميل برأسه قليلًا، كان يُصغي لصوت يأتي من داخل صدره، شعر بحرج قليل أمام شاب انتصر قبل ينتصر هو، قائلًا:  يا أحمد،خرجت من صنعاء كما يخرج السيف من غمده، وعندما تضيق المعركة عن اتساع النية

 جئتكم بطائرة يمانية، تحمل على جناحيها غبار المعسكرات، ورائحة القهوة التي يشربها المقاتلون قبل الفجر، والأناشيد التي تُقال بصوت مبحوح لا يعرف الاستسلام

 لم آتِ إلى هنا كي أسمع العالم

أتيت كي أتعرف إلى نفسي من جديد وأتلو أمامهم بيان بوصلة صنعاء، فقط

 تسرّج صوت أحمد الشرع بنبرة  تمتلئ ببطء، كما يمتلئ السراج بالنور، سأله:  وأين تقف صنعاء الآن في صدرك؟ ابتسم طارق، تمتم: والسماء والطارق، ردّ الشرع: والنجم الثاقب،  تصافحا؛  قال طارق: سنعود إليها يا فخامة الرئيس، كما يعود المطر إلى البلاد التي نسيت المطر، وكما الضوء الذي يتسلل إلى غرفة أغلقوها عقودًا، وكالحنين إلى اسمه الأول

سنعود عندما ينهض الرجال الحقيقون الذين لا يتعبون من الانتظار

 مد الرئيس السوري يده مُصافحًا، ومُعاهدًا، قال: لنكن عربًا ننتمي لأوطاننا، من الماء إلى الماء

ورفع سبّابته منبهًا: لن ينجو بلد عربي دون آخر، ولن يستقر وطن دون جاره، ولن نحمي جغرافيتنا العزيزة دون أن يكون الشام واليمن في عُهدة العرب، (هزّ طارق رأسه موافقًا)، وأردف أحمد الشرع سريعًا: اذن قلها بلا خوف يا ابن اليمن العزيز، قُلها كما تهتف الحقيقة التي لا تخاف من نفسها

 وضع طارق يده على كفّ أحمد الشرع، وبصوت بطيء، عميق، لا يرتجف، قال طارق: نحن عائدون

 أكمل أحمد الشرع عبارته:والطريق يعرف خطانا

 قال طارق جملة الختام:والأرض صنعاء التي تعرف أبناءها

 وإن طال الغياب