سام الغباري : هيبة الدولة في نَصّ!

منذ 3 ساعات

سام الغباري رئيس مجلس الإدارة رئيس التحريرالتقى الرئيس بمجلس الدفاع الوطني، وبه حُدِّد خط الإنذار الفاصل، ففي كل انعقاد لهذا الكيان الجامع، تُعلِن الدولة أن هناك خطر حقيقي يتهددها، وقد بات مُحدقًا ومدمرًا لكل شيء

عقب اللقاء صدر بيان مجلس الدفاع الوطني، وتحوّل إلى وثيقة ذات طبيعة سيادية، تستمد أهميتها من ثلاثة أركان:1

 لغتها المباشرة 2

السياق الذي صدرت فيه

3

الإطار الذي اختار أن يضع الأزمة في داخله

فالنص، في جوهره، يعيد توصيف المشهد بجغرافيا الجنوب اليمني، والدولة باعتباره مساسًا ببنية القرار السيادي وحدود السلطة العامة للدولة

ومن البدهي أن لا يمكن فصل الاجتماع الطارئ، المنعقد برئاسة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، عن هذا التوصيف

فمجرد انعقاده، بهذا التشكيل الواسع، يشير إلى أن الأزمة تجاوزت منطق إدارة التباينات السياسية، ودخلت نطاقًا ترى فيه الدولة خطرًا على انتظام مؤسساتها، وعلى وحدة القرار، وعلى المعنى العملي للسيادة

لم يترك البيان مجالًا للالتباس

فالإشارات المتكررة إلى هيبة الدولة، والمركز القانوني، والإجراءات والتدابير، تُحيل إلى قاموس قانوني- سيادي واضح، يُفهم منه أن الدولة تعيد تثبيت حقها الحصري في ضبط المجال العام، وأن الخيارات التي ستتحرك ضمنها باتت مؤطرة بشرعية دستورية ومؤسسية

وتكتسب هذه اللغة معناها الكامل عند وضعها في سياق الاجتماع نفسه، الذي ضم مجلس القيادة الرئاسي، ومجلس الدفاع الوطني، والسلطتين التشريعية والاستشارية، والقيادات العسكرية والأمنية، وهيئة التشاور والمصالحة، إضافة إلى السلطات المحلية المعنية

هذا الاتساع يمنح البيان ثقله ويخرجه من كونه موقفًا قابلًا للتأويل، إلى اعتباره توصيفًا جامعًا تتحمل مسؤوليته الدولة بمؤسساتها المختلفة

لحظتئذ صدر البيان تجلت الدلالة من مضمونه

فقد جاء في ذروة تصعيد ميداني تشهده محافظتا حضرموت والمهرة، وتزامن مع تحركات عسكرية أحادية واحتكاكات مباشرة، في وقت كانت فيه الجهود الإقليمية منصبة على التهدئة

وقد عكس هذا التزامن إدراكًا رسميًا بأن استمرار فرض الوقائع بالقوة تجاوز الخلاف السياسي إلى الخطر الذي يهدد بتحويل الاستثناء إلى قاعدة، ويقوّض فكرة الدولة بوصفها مرجعية نهائية

بهذا المعنى، يعمل البيان على نقل الأزمة من حيز الخلاف القابل للتفاوض إلى حيز النظام العام، ويعيد رسم حدود المسؤولية السياسية والقانونية، ويحصّن القرار من محاولات التفريغ أو الإرجاء

وهو، في الوقت ذاته، لا يغلق الباب أمام الشراكات الإقليمية، لكنه يضع لها إطارًا واضحًا، يمنع تحوّل الوساطة إلى بديل عن الدولة، أو إلى غطاء لاستدامة أمر واقع مسلح

لا يعلن البيان، في محصلته، عمّا ستفعله الدولة بقدر ما يحدد الكيفية التي ستتحرك بها إن اضطرت

إنه نص يضبط الإطار، لا يصعّد، ويعيد تثبيت المرجعية، لا يلوّح بالقوة، ويترك ما بعده مفتوحًا على مسارات دستورية وأمنية، تتحرك كلها من داخل منطق الدولة، وليس من خارجها

والى لقاء يتجدد