سبتمبر من موعد للاحتفال إلى مناسبة اعتقال
منذ 3 ساعات
إب- صهيب المياحيما تزال محافظة إب، الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، تشهد منذ سنوات حملات اعتقال واسعة وممنهجة، طالت مختلف المديريات والفئات المجتمعية
وتوثّق منظمات حقوقية يمنية ودولية اتساع رقعة هذه الاعتقالات بشكل ملحوظ في فترات محددة، خصوصًا مع اقتراب ذكرى ثورة 26 سبتمبر
بحسب تقرير نشرته منظمة “رايتس رادار” لحقوق الإنسان، في أوائل شهر أغسطس الماضي، فقد تحولت إب إلى مسرح لعمليات اختطاف جماعية استمرت لثلاثة أشهر، من 1 مارس حتى 31 يوليو 2024، تم خلالها تسجيل 83 حالة اختطاف، بينها 30 حالة اعتقال تعسفي وتسع حالات إخفاء قسري
كما أشار التقرير إلى أن الجماعة اختطفت خلال عامين ونصف نحو 480 مدنيًا، بينهم أكاديميون ومهنيون
وتظهر البيانات أن شهر سبتمبر 2023 شهد اختطاف 95 شخصًا، فيما ارتفع العدد في سبتمبر 2024 إلى 250 مختطفًا، وجميعها جاءت على خلفية الاحتفالات الشعبية بذكرى ثورة 26 سبتمبر
وفي تغريدة لها على منصة “إكس”، قالت الناشطة الحقوقية إشراق المقطري، عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، إن جماعة الحوثي اعتقلت بين مايو ويونيو ويوليو 2025 نحو 90 مواطنًا من مختلف مديريات إب، بينهم مناطق: السدة، العدين، المشنة، مذيخرة، السياني، النادرة، القفر، وريف إب
وأوضحت المقطري أن المعتقلين ينتمون في معظمهم إلى قطاعي التربية والتعليم والمؤسسات المالية والتجارية، إلى جانب نشطاء مجتمعيين ورؤساء جمعيات
من جهتها، أعلنت منظمة “رصد للحقوق والحريات” في بيانات منفصلة أنها وثّقت اعتقال 101 مدنيًا منذ يناير حتى أواخر يوليو الماضي 2025
تزامنًا مع ذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962، التي أنهت حكم الإمامة وأعلنت قيام الجمهورية، كثّفت جماعة الحوثي منذ سيطرتها على صنعاء أواخر عام 2014 حملاتها لمنع أي مظهر احتفالي بهذا اليوم
ففي 20 سبتمبر 2024 أطلقت الجماعة حملة واسعة في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، استهدفت ناشطين وصحفيين وحتى كبار السن، لمنع رفع العلم الجمهوري أو ترديد الشعارات الوطنية
ويستذكر يمنيون أن ليلة 25 سبتمبر 2023 شهدت خروج مواطنين في عدة مدن للاحتفال بهذه المناسبة، رافعين الأعلام في الشوارع والأسطح، الأمر الذي أثار ذعر الحوثيين، فقاموا بانتزاع الأعلام واعتقال العشرات
في سياق الانتهاكات، يروي الطبيب يوسف الراجحي لـ”المشاهد” تفاصيل اعتقاله في 25 سبتمبر 2024 من مقر عمله في مركز الأمل التخصصي بمدينة إب
يقول: “دخل أحد أفراد الأمن وسألني: هل أنت يوسف الراجحي؟ أجبته بنعم
كان يراقبني وأنا أصوّر لمريضة في قسم الأشعة، ثم عاد ومعه ثلاثة آخرون وأخذوني من داخل المستشفى، دون أي أوامر قضائية أو حتى تهمة واضحة”
وأكد الراجحي أنه نُقل إلى سجن البحث والمخابرات في منطقة الثلاثين بمدينة إب، حيث خضع لتحقيقات ليلية طويلة، مُنع خلالها من التواصل مع أسرته
ويضيف: “كانوا يسألونني: ماذا فعلت؟ وأنا لا أعرف بماذا أجيب
ثم كتبوا التهمة بأنني (أحرض الناس على الخروج)
لم يسمحوا لي بالدفاع عن نفسي، كانوا يكتبون ما يريدون
اعتقلوا أخي أيضًا دون أي ذنب”
بعد أكثر من شهر من الاحتجاز القاسي، نُقل يوسف إلى العاصمة صنعاء، حيث استمر احتجازه تحت ظروف صعبة وتهديدات مستمرة، لمدة شهر تقريبًا
اعتقلت جماعة الحوثي، في السادس من أغسطس الماضي، شابين من مديرية فرع العدين بمحافظة إب، واقتادتهما إلى سجن البحث الجنائي في مركز المحافظة، وسط مخاوف على حياتهما، خاصة وأن أحدهما يعاني أمراضًا مزمنة
وبحسب شهادات حصل عليها “المشاهد “، فإن المعتقل الأول هو صلاح محمد عبدالواحد (18 عامًا)، يعاني من مرض السكري منذ نحو خمس سنوات، إضافةً إلى معاناة نفسية ويتلقى علاجًا بشكل مستمر
وقال أحد أقاربه لـ”المشاهد”: “منذ ثلاثة أسابيع لا نعلم عنه شيئًا
حالته الصحية لا تسمح له بالبقاء يومًا واحدًا من دون دواء
صلاح هو المعيل الوحيد لأسرته”
وذكرت المصادر لـ”المشاهد” أن عناصر حوثية مسلحة اقتادت صلاح إلى إدارة أمن المديرية عقب اعتقاله، ثم نقلته بعد أسبوع إلى سجن البحث الجنائي في إب، حيث انقطعت أخباره منذ ذلك الحين، وهو ما اعتبرته أسرته إخفاءً قسريًا يهدد حياته
أما المعتقل الثاني، فهو فياض صادق (20 عامًا)، يعمل سائق دراجة نارية يعتمد عليها في إعالة أسرته
وبحسب شهادة أحد أبناء المنطقة، فإن فياض لم يمارس أي نشاط سياسي ولم يتورط في أي جريمة، غير أن الحوثيين اعتقلوه لمجرد ظهوره في صورة منشور على صفحة صلاح محمد عبدالواحد في الـ”فيسبوك”
وأضاف الشاهد (فضل عدم ذكر إسمه) أن “صلاح وفياض توجها سويًا إلى إدارة الأمن لحل خلاف بسيط نشب في قريتهما، لكن السلطات الحوثية احتجزت صلاح بتهمة نشر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم أوقفت فياض بدعوى أنه يرافقه ويجلس معه أحيانًا”
يقول رئيس منظمة “رصد للحقوق والحريات”، عرفات حمران لـ”المشاهد”: “حملة الاختطافات في محافظة إب تصاعدت منذ أواخر شهر مايو هذا العام 2025
بدأت هذه الحملة في مديرية ذي السفال ثم السياني، وشملت جميع المديريات العشرين في محافظة إب”
رئيس منظمة “رصد للحقوق والحريات”، عرفات حمران لـ”المشاهد”: “حملة الاختطافات في محافظة إب تصاعدت منذ أواخر شهر مايو هذا العام 2025
بدأت هذه الحملة في مديرية ذي السفال ثم السياني، وشملت جميع المديريات العشرين في محافظة إب”
ويضيف: “هذه الاختطافات استهدفت المعلمين، مدرسي القرآن ودور القرآن، الأكاديميين، الأطباء والمحامين، وأيضًا الموظفين في البنوك في مؤسسات الدولة، هؤلاء الموظفون يعتبرون نماذج في مؤسسات الدولة، لم يحصلوا على تكريم، أي أن هذه الاختطافات حاولت تفريغ المجتمع في محافظة إب من كل من لا ينتمي للحوثيين ومناهض للجماعة”
ويؤكد حمران لـ”المشاهد”: “من بين المستهدفين بالاعتقال، محمد مارش، مدير جمعية الأقصى، الذي كرّس نفسه لنصرة الأقصى وعمل مشاريع كثيرة في غزة وغيرها، حيث اعتقل في 18 يوليو 2025، رغم أنه سبق أن أصيب بحوادث متعددة ويعاني أمراضًا كثيرة، وكان يعيش مع نصف جمجمة وصفائح بالوجه، وأجرى عملية قلب مفتوح قبل ستة أشهر تقريبًا، لكنه لايزال مختطفًا في الأمن السياسي حتى اليوم”
ويضيف حمران: “الحوثيون اختطفوا عددًا من معلمي القرآن الكريم الحاصلين على درجة الدكتوراه في مجال القرآن الكريم وبعضهم بالقراءات العشر، واختطفوا أيضًا معلمين نموذجيين في أكثر المدارس
كل هذا ربما لأن محافظة إب ترفضهم، معتقدين أن أبناء إب سيكون لهم دور في المستقبل، رغم أنه لا يوجد لهم أي دور إعلامي أو مجتمعي، والتزموا بالصمت، ومع ذلك أصبح الصمت مخيفًا”
يضيف حمران لـ”المشاهد”: “هذه المحافظة ينظر إليها الحوثيون على أنها محافظة ليست حاضنة لهم، لذلك جاؤوا بمدراء المكاتب الإيرادية ومدراء الأجهزة الأمنية من صعدة وعمران وذمار، بينما أبناء إب كلهم عاطلون في بيوتهم، أكاديميون وحاملي الدكتوراه، مقابل أطفال أتوا من جبال صعدة أو شوارع عمران أو من سجون ذمار
مثال على ذلك مدير الزكاة الذي عليه قضايا أمنية ومتهم بالقتل في ذمار، ومع ذلك تم تعيينه في محافظة إب ليهرب من هذه الجريمة والملاحقات القضائية”
ويتابع حمران: “هناك انتفاضة بين الحين والآخر مناهضة للجماعة، بدأت في حركة رفض خرج فيها الملايين، وانتشرت في المحافظات
أوضاع المعتقلينكما تحدث حمران عن أوضاع المعتقلين في سجون الأمن السياسي، قائلًا: “المختطفون ما زالوا موجودين في مقر الأمن السياسي يخضعون للتحقيقات، ثم دورات طائفية
حتى الآن لم يخرج أحد سوى الدكتور أحمد ياسين وهناك أيضًا المليكي، ربما اختُطف من إحدى النقاط وأُفرج عنه لأنه لم يكن المستهدف”
وأضاف: “لا توجد تأكيدات على أنهم يتعرضون لأي نوع من التعذيب، أفادت الكثير من الأسر أنهم يحظون بمعاملة حسنة حتى الآن، ليس دفاعًا عن الحوثي، لكن يجب أن نبحث عن إذا ما كانوا يتعرضون لأي اعتداءات داخل الأمن السياسي
هناك صمت من قبل المنظمات الأممية المعنية بحمايتهم، والصليب الأحمر وعد بزيارة السجن وطمأنة الأهالي”
ويختتم حمران حديثه بالقول: “جماعة الحوثي لديها قوات تدخل سريع، ومحافظة إب ليست مستثناة بل هي جزء من المحافظات الأخرى التي تشهد الاختطافات، لكنها تتصدر المحافظات كأكثرها انتهاكًا”
وتعاني محافظة إب منذ سنوات من حملات اعتقالات متكررة تنفذها جماعة الحوثي بحق شبان وناشطين، في وقت تتحدث فيه منظمات حقوقية عن اتساع دائرة الإخفاء القسري بحق مدنيين خارج أي مسار قانوني
وتشير هذه الشهادات والتقارير إلى أن محافظة إب أصبحت واحدة من أكثر المحافظات اليمنية عرضةً للاعتقالات التعسفية المنظمة من قبل جماعة الحوثي، في سياسة ممنهجة تهدف إلى قمع أي تعبير عن الهوية الجمهورية، وكسر إرادة المجتمع المدني، خصوصًا مع اقتراب ذكرى ثورة 26 سبتمبر
سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير