سعيد ثابت سعيد : حديث في الخيانة

منذ 18 ساعات

سعيد ثابت سعيد • من يخون يفقد مكانته أينما ذهب، ولا يجد من يحترمه أو يعامله بندية

فلا الوطن يغفر لمن أسلمه إلى أعدائه، ولا العدو يثق بمن خان شعبه

وهكذا يبقى الخائن منبوذا من الجميع، لا تربطه بمن حوله صلة معتبرة، ولا يجد احتراما يعتد به

• وقد لخصت هذا المعنى عبارة مأثورة:من يخون وطنه لصالح العدو، كمن يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص: لا أبوه يغفر له، ولا اللصوص يشكرونه

• تجسد هذه المقولة الخيانة باعتبارها تجمع بين (الجحود) و(الاسترضاء الزائف)، فصاحبها لا يلقى غفرانا ممن خانه، ولا وفاء ممن خدمه

• ففي لحظة انفضاح أمر الخائن وانكشاف دوافعه، لا ينظر الناس إليه كمجرد ناقم أو معارض، إنما يرونه منسلخا عن أصله، وفاقدا لانتمائه، ولا يحظى بثقة أحد، وبالتالي لا الوطن الذي تخلى عنه يمنحه فرصة ثانية، ولا العدو الذي استرضاه يراه شريكا أمينا

• وقد تجسد هذا المعنى المبكر في الوجدان العربي في صورة أبي رغال، الذي ظل رمزا للغدر؛ إذ كانت جريمته أنه استدعى العدو و دله على طريق إسقاط الوطن، فارتبط اسمه بخيانة الداخل

• لقد أثبتت التجارب القريبة والبعيدة أن الخيانة لا تكسب صاحبها احتراما، حتى حين تبدو وسيلة إلى مصلحة أو نفوذ أو مجد

لأن العدو لا يرى في الخائن صاحب رأي أو موقف، وإنما يستغله لتحقيق غايته، ثم يتخلى عنه عند أول منعطف

• فالعدو نفسه يدرك أن من خان بلده أو مجتمعه أو مبادئه لن يتورع عن خيانته هو أيضا، متى سنحت له فرصة أفضل، ومن يخون مرة، سيخون مرات، فلا يثق به أحد في مهمةأو علاقة أو صداقة

• ولهذا، لا يبقى للخائن في الذاكرة سوى صورة منبوذ، ولا يستعاد اسمه إلا ملوثا بالخيانة والعار