سعيد ثابت سعيد : يوميات الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي

منذ 6 ساعات

سعيد ثابت سعيد              فجر مزلزل واستدعاء الذاكرةبدأت (إسرائيل) هجومها العسكري فجر يوم الجمعة 13 يونيو 2025 من خلال ضربة جوية - سيبرانية مركزة استهدفت مواقع إيرانية حساسة

جاء هذا التحرك مدروسا من حيث التوقيت والدلالة، إذ تزامن مع مرور أسبوع على الذكرى (58) لهزيمة الخامس من يونيو 1967، التي افتتحت بها (إسرائيل) حرب الأيام الستة ضد الجيوش العربية

اختارت تل أبيب الفجر بعناية، لتعكس رسالتها بأن عنصر المبادرة ما يزال بيدها، وأن عنصر المفاجأة يبقى سلاحها الأكثر فاعلية

وسعت إلى تنفيذ هجوم يحيد البنية الدفاعية والقيادية الإيرانية قبل أي رد فعل محتمل

تمكنت القوات الإسرائيلية في الساعات الأولى من ضرب منظومات الدفاع الجوي الإيرانية، وتعطيل مراكز القيادة والاتصال، وتنفيذ عمليات اغتيال دقيقة استهدفت قيادات عسكرية وعلمية بارزة في طهران ومحيطها

هذا الهجوم فتح الباب أمام مواجهة مباشرة غير مسبوقة بين قوتين إقليميتين كبيرتين، بعيدا عن حروب الوكالة التقليدية

جاء اندلاع الحرب بعد تصعيد طويل بين الطرفين، شمل هجمات متبادلة، وعمليات استهداف عبر وكلاء الطرفين في لبنان والعراق

غير أن الحدث الفاصل تمثل في حملة الاغتيالات التي شنها (العدو الإسرائيلي)/ قبل حربه على إيران/ ضد قادة من الوزن الثقيل جدا من حزب الله وخبراء إيرانيين داخل لبنان، مما هيأ الأرضية لاشتعال صراع مباشر مع طهران

مثلت هذه الحرب تحولا نوعيا في الصراع الإقليمي، حيث لم تعد المواجهة عبر أطراف وسيطة، بل أصبحت بين دولتين

وأسهمت في تغيير موازين القوى في منطقتنا العربية، وفرضت معادلات ردع جديدة، وفتحت الباب أمام إعادة ترتيب الاصطفافات الإقليمية والدولية، ما حوّل يونيو 2025 إلى لحظة مفصلية أعادت رسم الخريطة السياسية والعسكرية للمنطقة

2

شرارة الحرب:                    من أطلق الرصاصة الأولى؟بدأت الحرب في فجر 13 يونيو 2025، حين نفذت (إسرائيل) عملية استباقية مباغتة حملت اسم (الأسد الصاعد)، استهدفت فيها مواقع نووية وعسكرية إيرانية في الداخل، واغتالت عبر طائرات وصواريخ دقيقة عشرات القادة العسكريين والعلماء النوويين

في مساء ذات اليوم، ردت إيران بإطلاق عملية (الوعد الصادق 3) مستخدمة مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وضربت العمق الإسرائيلي في تل أبيب وحيفا وبئر السبع وغيرها

بالتالي، يمكن القول إن (إسرائيل) هي من أطلقت الرصاصة الأولى عسكريا، لكنها بررت ذلك بأن إيران كانت تقترب من تجاوز العتبة النووية، وأن الرد الإسرائيلي كان استباقيا لتفادي كارثة استراتيجية

3

تسلسل العمليات العسكرية:                 من الانفجار إلى وقف إطلاق النار● 13–14 يونيو 2025 (اليوم الأول) • نفّذت (إسرائيل) أكثر من 40 غارة جوية دقيقة داخل إيران، استهدفت منشآت نووية (نطنز، فوردو، أراك)، وقتلت قيادات من الحرس الثوري والجيش والأمن، وأصابت بجروح الرئيس الايراني مسعود بزشكيان نفسه بقصف جوي استهدف مقر اجتماع مجلس الامن القومي في اختراق مزلزل

 • اغتيل قادة إيرانيون من ذوي الرتب الرفيعة عسكريون وعلماء

 • في مساء اليوم نفسه، أطلقت إيران أكثر من 200 صاروخ باليستي، سقط بعضها على رمات غان وبتاح تكفا، وأصيب أكثر من 200 إسرائيلي بجروح

● 14–18 يونيو 2025 • استمرت إيران بشن ضربات صاروخية مركزة، واستهدفت مصافي حيفا، معهد وايزمان، وأحياء سكنية

 • قُتل عدد من المدنيين، بينهم عائلة كاملة في طمرة

 • (إسرائيل) ردت بمزيد من الاغتيالات والضربات عبر الضربات الجراحية، واستهدفت مواقع عسكرية حيوية جنوب طهران

● 19–22 يونيو 2025 • إيران أطلقت أكثر من 180 صاروخا ومسيرة، بعضها تضمن رؤوسا متعددة، واستهدفت تل أبيب وبئر السبع

 • أصابت الصواريخ منشآت مثل مستشفى سوروكا، مبنى البورصة، ومقرات حكومية

● 23 يونيو - ذروة التصعيد • هجوم إيراني استمر نحو ساعة دون توقف

 • أصيب أكثر من 8000 منزل بانقطاع كهرباء

 • أصيبت منشأة استراتيجية لشركة الكهرباء في أسدود

● 24 يونيو - الرصاصة الأخيرة • قبيل دخول وقف إطلاق النار، أطلقت إيران 12 صاروخا دفعة واحدة، سقط أحدها على مبنى في بئر السبع، فقتل 4 أشخاص

 • ردت (إسرائيل) بقصف محدود على موقع في تبريز ثم توقفت العمليات رسميا

4

الحصيلة العامة:                     الخسائر والأرقام والاغتيالات● الضحايا • إيران: • 974 قتيلا (بينهم أكثر من 263 مدنيا و154 من الأمن والحرس)

 • أكثر من 3458 جريحا

 • (إسرائيل): • 32 قتيلا (بينهم 12 جنديا و20 مدنيا)

 • 1246 مصابا، بينهم 73 في حالات حرجة

● القدرات المستخدمة • أطلقت إيران أكثر من 605 صاروخا باليستيا، و1000+ مسيّرة انقضاضية

 • (إسرائيل) اعترضت 99% من المسيّرات عبر القبة الحديدية والعصا السحرية

● الاغتيالات النوعية • من أبرز القادة الإيرانيين الذين اغتيلوا: • حسين سلامي (قائد الحرس الثوري)

 • محمد باقري (رئيس هيئة الأركان)

 • أمير علي حاجي زاده (قائد الجوفضائية)

• غلام علي رشيد (قائد مقر خاتم الأنبياء)

• علي شادماني (خلف رشيد وقُتل بعد أيام من تعيينه)

 • داوود شيخيان (قائد الدفاع الجوي)

 • ومن العلماء النوويين: • فريدون عباسي دوائي • محمد مهدي طهرانجي • أمير حسين فقيهي • أحمد رضا ذو الفقاري • عبد الحميد مينوتشهر • مطلبي زاده • محمد رضا صديقي5

البعد الإقليمي والدولي:                         مواقف ومآلات • لبنان: تعرّض حزب الله لضربات غير مسبوقة، قُتل فيها أكثر من 20 قياديا، وأُصيب السفير الإيراني في عملية البيجر

 • سوريا: لم تشارك، بحكم سيطرة النظام الجديد في دمشق المعادي لإيران، مما حدّ من قدرة طهران على استخدام أراضيها

 • العراق واليمن: شهدت مناوشات متفرقة، دون انخراط مباشر

 • الولايات المتحدة: لعبت دور الوسيط في التهدئة، لكنها دعمت (إسرائيل) سياسيا واستخباراتيا

 • روسيا والصين: دعتا إلى ضبط النفس، مع امتعاض واضح من تصعيد تل أبيب

6

الرابح والخاسر:                   في ميزان الاستراتيجية • (إسرائيل) ربحت المعركة الاستراتيجية: • حيّدت مشروع إيران النووي جزئيا

 • قتلت أغلب قادة القوة الصاروخية والعلمية

 • أجبرت حزب الله على التقهقر

 • عززت صورتها كرادع إقليمي

 • إيران خسرت الكثير: • تلقت ضربات مباشرة في عمقها

 • فقدت رأس القيادة العسكرية والنخبة العلمية

 • لم تستطع استعادة زمام المبادرة رغم الردود العنيفة

7

السيناريوهات المستقبلية:              ردع واستنزاف

انفجار وانقلاب 1

ردع ثابت: تراجع إيران وانكفاؤها لسنوات، وهو ما تسعى إليه (إسرائيل)

 2

استنزاف متبادل منخفض: هجمات غير مباشرة من العراق أو اليمن

 3

انفجار مؤجل: احتمال اندلاع حرب ثانية

 4

تحول داخلي في إيران: اضطرابات داخلية أو انقلاب هادئ على الحرس الثوري

8

الخاتمة:              كسْر السقف وتغيير المعادلة- كانت هذه الحرب الأولى التي اجتازت الخطوط الحمراء بوضوح

كانت أكثر من اشتباك عابر، كانت حرب تغيير قواعد، فُرضت خلالها معادلات جديدة

- كسرت (إسرائيل) سقف الردع، وضربت إيران في القلب، وقتلت القادة الذين لم تكن تتصور المساس بهم

- ورغم الخسائر، خرجت تل أبيب وهي تمسك بزمام المبادرة، بينما تبحث طهران عن ترميم هيبتها، وترتيب بيتها الداخلي

● هل انتهت الحرب؟         ربما توقفت الصواريخ، لكن الزمن وحده سيحسم إن كانت هذه نهاية حرب… أم بداية فصل جديد من صراع أكبر يغير ملامح بعض المنطقة إن لم يكن كلها