سليمان العقيلي : العلمانيون العرب… طائفية بلباس حداثي !!
منذ 15 ساعات
سليمان العقيلي لقد تبيّن أن جزءاً كبيراً من النخب التي تدّعي العلمانية والارتقاء فوق الانتماءات الدينية والعرقية، سرعان ما تتعرّى مواقفها عند أول اختبار طائفي أو مذهبي، لتكشف أن خطابها “العقلاني” ليس سوى قشرة رقيقة تخفي عصبيات أعمق
هذه النخب التي تصف نفسها بالتقدمية غالباً ما تتحول إلى أبواق طائفية عند أول شرارة صراع، فتسقط كل شعاراتها عن المواطنة والحياد، ويظهر ولاؤها الحقيقي للقبيلة أو الطائفة أو العرق ، حتى لو لبس هذا الولاء لبوساً فكرياً أو حداثياًلقد أثبتت الأزمات الطائفية في العالم العربي أن كثيراً من النخب التي تصف نفسها بالعلمانية والتقدمية ليست سوى انعكاس لعصبيات أكثر بدائية
هؤلاء الذين يرفعون شعارات “الدولة المدنية” و”المواطنة المتساوية” سرعان ما يسقط عنهم القناع عند أول اختبار، فينحازون بلا تردد إلى طوائفهم أو جماعاتهم الضيقة، وكأن كل خطاباتهم السابقة لم تكن سوى ديكور فكري ينهار أمام ضغط الواقع
العلمانية في أصلها مشروع لبناء مجتمع يقوم على حياد الدولة تجاه الأديان والطوائف، لكن ما نراه عربياً ليس علمنة حقيقية، بل نسخة مشوهة تمارس نفس الانغلاق الطائفي الذي تدّعي محاربته
الفرق الوحيد أن هذا الانغلاق يتزين بلغة “الحداثة” و”التحرر”
عند أول أزمة، ينكشف أن هؤلاء “المثقفين” لم يتحرروا يوماً من الولاءات الغريزية التي تنتقدها ألسنتهم صباحاً وتعبدها قلوبهم ليلاً
الطائفية عند كثير من العلمانيين العرب ليست استثناءً، بل هي القاعدة الخفية التي تحرك مواقفهم السياسية والإعلامية
يكفي أن تشتعل فتنة مذهبية في سوريا أو العراق حتى ترى كيف تصطف الشخصيات التي كانت تهاجم “الطائفيين” بالأمس خلف معسكرها الطائفي اليوم، مبررة ذلك بحجج “واقعية” أو “أخلاقية” لا تقل سذاجة عن تبريرات من تصفهم بالتخلف الديني