صدى مونديال قطر في اليمن.. عزلة حوثية عن اليمنيين وعواطف العرب الموحدة (تقرير خاص)

منذ سنة

انعكس تشجيع كرة القدم في بطولة كأس العالم بقطر، على حالة الصراع والحرب في اليمن، وبرزت مشاركة كل من السعودية وإيران على حالة الانقسام في الحرب، وانكشاف للتبعية الحوثية المطلقة لإيران في تعميق الصراع مع السعودية خارج سرب الجماهير العربية، التي بدت بوجدان موحد في مساندة المنتخبات العربية

 ففي الوقت الذي أظهر الفوز السعودي المفاجئ على الأرجنتين في بطولة كأس العالم المقامة في قطر حالة من الفرحة العربية باعتبار ذلك إنجاز يحسب لدولة عربية، في المقابل كشف عن عزلة لجماعة الحوثي المدعومة من إيران، بسبب موقفها المعارض للمزاج العربي في إظهار العداء المطلق

 وفازت السعودية في أولى مبارياتها على الأرجنتين المرشحة للقب، بهدفين، واعتبرت مفاجأة صادمة بالنسبة للرياضيين ومحللي مباريات كرة القدم، لكن تداعياته في اليمن تجاوزت البعد الرياضي إلى ساحة الانتماء العربي الذي تصدر الجدل بين اليمنيين وجماعة الحوثي

 أظهرت لقطات بثها مغردون على وسائل التواصل الاجتماعي في صنعاء احتفالات مشجعين يمنيين بفوز السعودية على المنتخب الأرجنتيني

مظاهر الفرح في صنعاء كانت محدودة على بعض صالات المشاهدة؛ لكن الخوف من القمع والخطف كبح من حجم مظاهر الاحتفال في الشوارع، إلا أن التعبير عن الفرح في وسائل التواصل الاجتماعي كان سيد الموقف

 قال مصدر محلي في صنعاء لـ يمن شباب نت، لم ينشئ الحوثي شاشة واحدة للمشاهدة في هذا المونديال، وكانت مظاهر السخرية واضحة وعارمة بخسارة المنتخب الإيراني أمام منتخب إنجلترا في أولى مبارياته في الجولة الأولى

 في محافظات تعز ومأرب وعدن أطلقت الالعاب النارية بمناسبة الفوز، واحتشد المئات في مسيرات متعددة في ملعب مأرب وبعض الشوارع احتفالا بالمناسبة

 وقال الصحفي صالح الحنشي من عدن، معلقاً عن احتفالات الناس في المناطق المحررة الابتهاج اليوم في مختلف المناطق المحررة بفوز المنتخب السعودي على الارجنتين تعبير عن الإخاء والود تجاه السعودية رغم كل مآخذهم تجاه السعودية والعروبة

 على المستوى السياسي هنأ رئيس مجلس الرئاسة رشاد العليمي السعودية بمناسبة الفوز وقادة بارزون أيضاً من الانتقالي ومن حزب الإصلاح وشخصيات أخرى، وهو الأمر الذي دفع السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر لمشاركة بعض صور الاحتفالات في اليمن معبرا عن شكره لهذا الموقف

 ويقول الصحفي الرياضي عبد الله السامعي الدوري السعودي يحظى بمتابعة واسعة من الجماهير اليمنية، ربما يعد الدوري الأكثر متابعة في اليمن قبل الدوريات الأوروبية التي عادة ما تكون الأكثر متابعة في معظم دول العالم

 مباركات حوثية محذوفةأمام الاحتفالات الواسعة في وسائل التواصل الاجتماعي بدأ بعض القادة الحوثيون بتهنئة المنتخب السعودي بصيغ متعددة، مثل حسين العزي وعبدالقادر المرتضى وضيف الله الشامي وآخرين، لكنهم سرعان ما حذفوا تغريداتهم واحدا تلو الآخر، وكتبت وكالة سبأ النسخة الحوثية بصنعاء، في موقعها الأرجنتين تخسر أمام السعودية، بدلا من فوز السعودية على الأرجنتين الذي سارت عليه معظم الوكالات العالمية

 واعتبر الصحفي في صحيفة الثورة الحوثية مجدي عقبة القادة الحوثيين الذين غردوا مهنئين بفوز المنتخب السعودي ثم حذفوها قالوا شيئا لا يعبر عنهم وعن موقفهم وإنما تفاعلا مع الحملات في وسائل التواصل الاجتماعي، أو أنهم تلقوا توجيهات وضغوطات واتصالات بحذف التغريدات

 وقال عقبة في تغريدات بتويتر أن معظم المنتقدين في وسائل التواصل الاجتماعي لتهنئة الحوثيين بفوز السعودية قبل حذفها هم المقيمون في الخارج وتحديدا أصحاب الضاحية الجنوبية الذين روجوا بشدة قبل أسابيع لاتفاق تطبيع الحدود بين حزب الله وإسرائيل

 انقسم الحوثيون تجاه موقف قادتهم من التهنئة، بين مبرر ومدافع، غير أن حملة منظمة قادها العاملون في فضائية المسيرة – القناة الرسمية للجماعة - أدت إلى إجبار القادة الحوثيين على حذف تغريداتهم، ودعا بعض مغرديهم إلى اعتقال أي مشجعين للسعودية، وقال الصحفي مشير المشرعي إن الحوثي خطف فعلا بعض المحتفلين في صنعاء

 وكتب مغردون حوثيون أن تغريدات القادة الحوثيين الأربعة مخالفة للمدونة السلوكية للموظفين التي أطلقها الحوثي مطلع الشهر الجاري، وتحظر عليهم أي تغريدة أو تعليق على وسائل التواصل الاجتماعي مخالفة لسياسات الحوثي أو معتقداته، وقال الصحفي أحمد عبد الرحمن مراسل الميادين الإيرانية في اليمن إن قادة الحوثي هؤلاء يحاولون تحسين علاقاتهم مع السعودية بينما لا يفعلون ذلك مع أتباعهم

 أما عبد المحسن الطاووس القيادي البارز في المليشيا ورئيس جهاز مكافحة الاستقطاب المعادي فقد غرد بالقول: أن من هنأ السعودية أو بارك أو احتفل إنما هو نوع من التولي، وسرد مجموعة من الآيات تحث على معاداة السعودية

 تشير تقديرات وتحليلات صحفية إلى أن الضغوط التي مورست على الجماعة جاءت أساسا من خارج اليمن، فضلا عن أن القادة أنفسهم كتبوا تغريداتهم تماهيا مع المزاج الشعبي السائد، مثلما نظموا من قبل احتفالا بفوز المنتخب اليمني على السعودي في بطولة كأس آسيا للناشئين

 وقال محمد المقالح – وهو أحد القيادات السياسية بجماعة الحوثي – معلقاً عن حذف تغريدات لقيادات حوثية بتهنئة المنتخب السعودي انا اعتقد ان الانصار (الحوثيين) عبروا بتلقائية كيمنيين عرب عن فرحتهم بفوز فريق عربي دون ان ينسوا جراحهم من السعودية

 وأضاف في تغريدة بحسابة على تويتر ان تدخلا خارجيا لا يروق له السلام في اليمن قبل السلام في بلاده رفض اي تقارب ولو في الوجدان العربي الذي لا علاقة له بالحرب ولهذا تم الحذف وجاءت هذه الهستريا من الشتيمة لاحقاً

 إيران محور الشر لدى اليمنيين يقول صحفيون يمنيون إن الصراع في اليمن ألقى بظلاله على جميع النواحي بما فيها الرياضة؛ إذ كتبت شركة يمن موبايل الحكومية المختلطة التي تعمل في جميع مناطق اليمن ويسيطر عليها الحوثي كليا قبيل مباراة المنتخب الإيراني الاثنين إنها تشجع أسود فارس، أمام نظيره الانجليزي، في مؤشر إضافي على حجم الهيمنة الإيرانية الشاملة على الحوثيين

 ولاقت شركة الاتصالات الحكومية، انتقادات على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن نشرت تدوينة تشيد فيها بمنتخب إيران، واعتبر ناشطون يمنيون تدوينة الشركة بأنها مناصرة لمنتخب إيران متهمين إياها بخدمة جماعة الحوثي

 وحذفت الشركة التدوينة من حساباتها بعد نحو ثلاث ساعات من النشر، وكتب الصحفي علي عويضة عبر فيسبوك: شركة يمن موبايل الايرانية! يفترض بنا مقاطعة هذه الشركة التي تخدم الحوثيين وأسيادهم في إيران

 واعتبر مغردون منشور الشركة استفزاز واضح لمشاعر غالبية الشعب اليمن وقال الناشط الحقوقي، محمد المسوري يعترض الحوثيين على تشجيعنا للمنتخب السعودي، بينما يطالبون الشعب اليمني بتشجيع منتخب إيران

 وأضاف – في تغريدة بحسابة في تويتر – شجعنا المنتخب السعودي، فقالوا عنا خونة وعملاء ومرتزقة، يعني لو شجعنا إيران فنحن وطنبين مخلصين؟!، وقال: الحوثيين فُرس انتقل أجدادهم إلى اليمن وليسوا عرب

 بينما صوت المئات في عدة مواقع على وسائل التواصل الاجتماعي وكتبوا عن وقوفهم مع الإنجليز ضد إيران ومنتخب النظام، إلا أن صمت المنتخب الإيراني وعدم ترديده النشيد الوطني للنظام حظي بالإعجاب بين الصحفيين والناشطين

 من جانبه اعتبر الناشط عيسى الشلفوت من يلوم الشعوب العربية التي تشجع أي منتخب يلعب ضد إيران فهو أما جاهل لا يعلم أن طهران قتلت واعاقت وجرحت مئات الآلاف وهجرت عشرات الملايين ودمرت العراق وسوريا ولبنان واليمن، أو عميل بياع ماتت رجولته وتبخرت غيرته، على حد تعبيره

 الوجدان العربي الموحد وتناولت الصحافة الدولية تلك المشاعر العربية الموحدة بشكل لافت خلال الأيام الماضية، وهو ما أعتبره اليمنيين انكشاف لعزلة ميلشيات الحوثي في محيطها العربي الموحد رغم الخلافات السياسية والصراعات الكبيرة

 وعنونت الوكالة الفرنسية تقرير لها فوز السعودية على الأرجنتين يوحّد عواطف العرب، وقالت سجّل السعوديون هدفين خلال فوزهم التاريخي على الأرجنتين، لكنّ انتصارهم المفاجئ والمدوي حقّق هدفا أكبر تمثّل باصطفاف المجتمعات العربية خلفهم

 واعتبرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة نيفين مسعد ان الفوز لحظة عاطفية بامتياز واثبات للذات العربية خصوصا أنه جاء عن استحقاق وأمام فريق كبير ومرشح للقب البطولة

 أضافت ربما لم يعد بالإمكان تحقيق عروبة سياسية، لكن باتت هناك أشكال مختلفة للعروبة بين الشعوب

عروبة رياضية، ولفتت أنّ الفوز يثبت أن العرب لديهم مما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس

 الحوثيين والرياضة في اليمن يمنع الحوثي نشاطات الأندية اليمنية من الدرجة الأولى في مناطق سيطرته، ولا يوجد دوري منتظم بالأساس منذ أن أسقط الجمهورية في 2014، كما يحظر الحوثي نشاطات الأندية المحلية في محافظة صعدة ولا يوجد فيها سوى بعض الأندية من الدرجة الثالثة في وضع سيئ جداً، ويمارسون اعتقالات منظمة بحق الصحفيين الرياضيين والأندية وغيرها من النشاطات

 قال مدرب لأحد الأندية من الدرجة الأولى في صنعاء إن وزير الرياضة السابق بحكومة الحوثيين في صنعاء الغير معترف حسن زيد (قتل بعملية اغتيال غامضة بصنعاء في أكتوبر 2020) طلب من ناديه أن يحتفظ فقط ب 11 لاعبا ويرسل بقية اللاعبين إلى جبهات القتال في صفوف الحوثيين

 سبق أن استهدف الحوثيون وما زالوا ملاعب رياضية في تعز وقتلوا وأصابوا العديد من اللاعبينـ وفي 12 ديسمبر 2020، استهدفت مليشيات الحوثي ملعب نادي الأهلي بمدينة تعز بقذيفة أدت إلى وفاة لاعب كرة القدم ناصر الريمي، مع نجله الذي كان يرافقه، وإصابة ثلاثة لاعبين آخرين بجروح متفاوتة

 وحولت مليشيات الحوثي، الملاعب الرياضية إلى مخازن أسلحة، وساحات تدريب لعناصرها على استخدام الأسلحة، واستخدمت مقرات الأندية الرياضية، مراكز استجواب وتعذيب، ومواقع احتجاز للمئات من المختطفين، وحشد المجندين الجدد