ضحايا الألغام.. العيش في الظلام بعد النور

منذ سنة

تعز- محمد النمر في ليلة مظلمة من شهر مارس/آيار عام 2017، اندلعت مواجهات عنيفة بين جماعة أنصار (الحوثيين) والحكومة اليمنية في قرية القوز، الواقعة غرب محافظة تعز، ومع توسع المواجهات، نزحت مئات الأسر من تلك القرية إلى منطقة الأشروح، شمال المحافظة، هرباً من الموت

 لم يفكر ساكنو قرية القوز بأي شيء سوى النجاة من الموت في ذلك الوقت، وأصبحت قريتهم مليئة بالأسلحة والمقاتلين والألغام، وزُرعت الألغام في كل مكان، في الطرقات والمزارع والبيوت، وحصدت الألغام أروح الأبرياء والنساء والأطفال

صهيب الفقيه، 19 عامًا، واحد من المدنيين الذين وقعوا ضحية لتلك الألغام، لم يقتله اللغم، لكنه تسبب بفقدان نظره مدى الحياة

 يتذكر الفقيه، ويقول لـ«المشاهد»: “بعد ثلاثة أيام من نزوحنا من الحرب انسحبت الجماعة، ولم نعرف أن هناك حقل ألغام يترصد المشاة في المنطقة

ساد الأمان على القرية لبضعة أيام بعد أن هدأت الاشتباكات، وقررت أنا وأسرتي وبعض الأقارب الذهاب إلى منزلنا لجلب الملابس ومقتنيات المنزل حتى نتمكن من العيش في منطقة أكثر أمانًا”، يقول الفقيه

عندما كان الفقيه في منزله، انفجر به لغم مدفون تحت الأرض، وقذف به بعيدًا، ما تسبب له بإصابات في عدة أجزاء من جسمه، لكن الإصابة الكبيرة كانت فقدانه للبصر

 غياب الاهتمام بالمصابينبعد انفجار اللغم، تأخر الفقيه لساعات في القرية نظرًا لصعوبة حركة المدنيين بسبب الحرب

وبعد أيام، تم نقله إلى أحد المستشفيات في مدينة تعز لتلقي العلاج، لكن لم يكن هناك اهتمام كاف من قبل الكادر الطبي

 يضيف: “إهمال الأطباء لحالتي تسبب في توغل الشظايا في الدماغ والعين وأجزاء متفرقة من جسدي، لم يقوموا بنزع الشظايا فانحدرت حالتي نحو الأسوأ

بعد ذلك، طلب الطبيب تحويل حالتي إلى عدن”

 تم إجراء عملية جراحية في عدن للفقيه، لكن تلك العملية لم تساعده على استعادة نظره

وبعد ذلك، تم تحويله إلى مصر، حيث قال الأطباء هناك إن نسبة نجاح استعادة بصري تقدر بـ 7%

”يقول الفقيه: “أصبحت أعيش في ظلال دامس، ولم تكن الحياة سهلة بعد أن فقدت نظري

بدأت أعيش في حالة اضطراب نفسي، وضيق، وحسرة”

 اليوم، يعتمد الفقيه على العكاز عندما يتحرك من مكان إلى مكان

يقول: “العصا وكتف أخي هما عيناي الجديدتين، كل يوم في الصباح أخرج مع أصدقائي حتى أشعر بقيمة الحياة وأتنفس الهواء الطلق بدلاً من البقاء في المنزل”

 الإعاقة لا تمنع النجاح لم يستسلم الفقيه للحياة الصعبة، حيث بدأ في تعلم وحفظ القرآن الكريم حتى تمكن من حفظه بالكامل بمدة تصل إلى سنة ونصف

 يقول: “نظرت إلى شبح الحياة المخيف وتذكرت أني غير قادر على مواصلة دراستي الجامعية، واتجهت إلى المسجد وجلست مع عدة شخصيات حافظة للقرآن الكريم وتعلمت منهم وعلموني، وبفضل الله حفظته

سوف أحقق الكثير والمزيد بقوة العزيمة”

 ويرى المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان عبد الرشيد الفقيه لـ«المشاهد» أن الانتهاكات التي طالت المدنيين والأعيان المدنية في اليمن خلال 8 سنوات من الحرب على التوالي ترقى إلى جرائم حرب بشعة بحق الإنسان اليمني

”  وبحسب عبد الرشيد، هناك الكثير من الخروقات للقانون الدولي للحقوق الإنسانية، ويجب المساءلة على جميع الانتهاكات وإنصاف جميع الضحايا وجبر الضرر وفق آلية واضحة وشفافة تشمل جميع الضحايا اليمنيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم من جميع الأطراف

 ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير