ضرورة محو الأمية الرقمية لدى الصحفيين
منذ 2 ساعات
تعز- حافظ الهياجممع اتجاه العالم نحو “الرقمنة” في شتى المجالات، برزت إلى المشهد “الصحافة الرقمية” بما شكلته من تحوّل مهم، تمكّن من إزاحة الصحافة التقليدية والاستيلاء على حظوظها في النفوذ والانتشار، وأسهم في خلق بيئة آمنة للعمل الصحفي والإعلامي، كما كشف الستار عن تحديات وثغرات تُهدد هذا التوجه وتتمثل بالهجمات السيبرانية
ومع ذلك، فإن ثمة بلدان لا يزال يعاني فيها الصحفيون من الأمية الرقمية، ومنها اليمن، التي يتسع فيها هذا النوع من الأمية، ويؤثر على الأداء العام للصحفيين، وعلى جودة المحتوى الصحفي الذي يتم تقديمه، وعلى أمن وسلامة الصحفيين العاملين في اليمن، تحت وطأة نزاع دام لأكثر من عشر سنوات
وتعود أسباب انتشار الأمية الرقمية لدى العاملين في مجال الصحافة في اليمن إلى عدة أسباب موضوعية، وتحديات تعاني منها البلاد في قطاع التكنولوجيا بشكل عام؛ ما يفتح الباب واسعًا لمناقشة أسباب هذه الأمية، والحلول الممكنة لمحوها، أو الحد منها
وقال عزمي غالب، مسؤول مؤسسة “يودت” المتخصصة في الأمن الرقمي بمدينة تعز، إن هناك عدة أسباب للأمية الرقمية في اليمن، منها غياب أي مقررات تتعلق بالأمن الرقمي في المناهج التعليمية، سواءً الثانوية أو الجامعية
ويضيف: “أن ندرة الدورات التعليمية الخاصة في هذا الجانب جعل طلبة الصحافة والإعلام يتخرجون وهم غير قادرين على تأمين حتى حساباتهم على “الفيسبوك” أو إيميلاتهم الخاصة”
ويوضح غالب في حديث مع “المشاهد” أن الجهل بالمخاطر الرقمية هي من الأمور التي يترتب عليها ضعف الثقافة الرقمية بين الصحفيين، وهذا يعد سببًا رئيسيًا من أسباب هذه الأمية
حتى هذه اللحظة لم تصدر المؤسسات اليمنية المختصة إحصائيات محددة ودقيقة، لعدد البلاغات المتعلقة بالتهديدات السيبرانية، أو الهجمات الإلكترونية التي تعرّض لها الصحفيون والإعلاميون في اليمن، إلا أن هذه التهديدات تفاقمت في السنوات العشر الأخيرة، وأخذت أشكالًا متعددة، تشمل اختراق أجهزة، مراقبة، تلقي تهديدات، ابتزاز، تشهير، وغيرها
وفي منتصف شهر مايو العام الماضي أدان “مرصدك للحريات الإعلامية” ما تعرض له الصحفي اليمني عباد الجرادي من انتهاك لخصوصيته من قبل شركة الاتصالات اليمنية العُمانية (YOU)، حيث سمحت الشركة بسحب رقم هاتف الجرادي بشكل غير قانوني، ومصادرة حساباته، إلى جانب سرقة صوره وبياناته واستخدامها للابتزاز
ونقل المرصد عن الجرادي، وهو عضو في الاتحاد الدولي للإعلام الرياضي، أنه “تعرّض للاختراق والتهكير من قبل متنفذين في صنعاء، بمشاركة شركة (YOU) التي تساهلت وسمحت بسحب رقم هاتفة الشخصي بطريقة “غير قانونية”، والاستيلاء على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، وصفحات إعلامية يملكها ويديرها كـ”أخبار الرياضة اليمنية – صفحة نادي وحدة صنعاء – صفحة يمانيون في أمريكا أكبر تجمع يمني في الولايات المتحدة الأمريكية”، ووضع شخصيات نافذة في صنعاء مسؤولين عليها”
عام 2023 قامت شركة Recorded future، “شركة تقدم معلومات شاملة حول التهديدات الإلكترونية والهجمات السيبرانية”، بالكشف عن مجموعة قرصنة تعرف بـOilAlpha من المحتمل أن تكون مرتبطة بجماعة الحوثي، وفقًا للشركة، باستهداف حسابات “واتساب” خاصة بسياسيين وصحفيين يمنيينوأثارت هذه الحادثة مخاوف الوسط الصحفي والإعلامي اليمني من حجم المخاطر التي تتهدد سلامة الصحفيين وخصوصية البيانات التي بحوزتهم، لاسيما أن الانتهاك تمت ممارسته على مستوى شركة اتصالات؛ ما زاد من وتيرة التهديد
وفي نفس شهر مايو من العام 2023 قامت شركة Recorded future، “شركة تقدم معلومات شاملة حول التهديدات الإلكترونية والهجمات السيبرانية”، بالكشف عن مجموعة قرصنة تعرف بـOilAlpha من المحتمل أن تكون مرتبطة بجماعة الحوثي، وفقًا للشركة، باستهداف حسابات “واتساب” خاصة بسياسيين وصحفيين يمنيين، ضمن حملة تجسس رقمية خلال أبريل ومايو 2022، وذلك عبر ملفات “أندرويد” خبيثة يتم إرسالها إلى أرقامهم عبر “الواتساب”، بالتزامن مع استضافة السعودية مفاوضات بين القادة اليمنيين
وأضافت الشركة أن مجموعة القرصنة هذه تفضل استخدام أدوات الوصول عن بُعد لتثبيت برامج تجسس مثل SpyMax و SpyNote على الهواتف المحمولة
وفي يوليو من العام الماضي قالت الشركة في تقريرآخر أن Oilalpha، المحتمل أن تكون مرتبطة بجماعة الحوثي، مستمرة في استهداف المنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان العاملة في اليمن
الخبير عزمي غالب : “ما يترتب على الأمية الرقمية، أو حتى ضعف التعليم في هذا الجانب هو تعرض الصحفي لسرقة بياناته، وبالتالي ابتزازه، أو إجباره على نشر أخبار مضللة، وقالت الشركة: “يستخدمون تطبيقات “أندرويد” خبيثة لسرقة بيانات الوصول وجمع بيانات ذكية، ربما للتحكم في توزيع المساعدات
ومن المنظمات البارزة المتأثرة منظمة “كير” العالمية والمجلس النرويجي للاجئين”
وهناك الكثير من ملفات الهجمات الرقمية التي يتعرض لها الصحفيون والتي ارتفعت وتيرتها مع تصاعد الصراع الذي اندلع في سبتمبر 2014
ويرى المدرب الخبير عزمي غالب أن الكثير من الصحفيين اليمنيين ممن يعملون في تغطية أحداث النزاع، وينخرطون في نقل ما يدور من تفاصيل العمليات العسكرية لا يوجد لديهم أي خبرة في مجال تشفير المعلومات ويعانون من جهل في كيفية تأمين الأجهزة الشخصية “لابتوب”، أو الهاتف المحمول، في الوقت الذي يجب أن يكون الصحفي فيه أكثر أمنًا وتحصينًا؛ للحيلولة دون تعرضه لمخاطر شديدة تتمثل بالاختراقات التي قد يوازي حجم الضرر فيها ضرر الضربات العسكرية؛ نتيجة تسرب معلومات حساسة، أو حتى للحيلولة دون تعرض الصحفي لأي عملية ابتزاز
ويلفت غالب الانتباه إلى أن “ما يترتب على الأمية الرقمية، أو حتى ضعف التعليم في هذا الجانب هو تعرض الصحفي لسرقة بياناته، وبالتالي ابتزازه، أو إجباره على نشر أخبار مضللة، أو العمل لحساب أطراف أخرى، أو الكشف عن تقارير وبيانات سرية، ناهيك عن التهديد المباشر له أو لأحد أفراد عائلته”
وعلى مستوى المؤسسات الإعلامية يضيف: “قد تؤدي هذه الاختراقات إلى انهيار سمعة المؤسسة أو إلحاق الضرر بها بشكل كبير ومؤثر”
ما إن تكررت هذه الهجمات، والحوداث، حتى برزت جهود دولية بشراكات محلية؛ تهدف إلى رفع عملية الوعي بمخاطر وجود نشاط منظم وفردي يشكل تهديدات حقيقية على المجتمع الصحفي اليمني، ومحاولات إيجاد حلول، إلا أن تلك الجهود تبقى محدودة أمام حجم الأمية الرقمية الواسعة
ولا يرى يحيى مسعود، صحفي في إذاعة الوطنية “إف إم” بمأرب، أن هناك خلاف حول أن رفع وعي الصحفيين والإعلاميين اليمنيين بهذا الشأن هو واحد من أولويات الحلول، ولكنه يدعو في الوقت ذاته إلى إنشاء فرق أو منصات “دعم فني وتقني” تساعد على توفير الحماية اللازمة للصحفي فيما يتعلق بيياناته وخصوصياته الرقمية
“ضرورة وجود دورات مكثفة للصحفيين حول الأمن الرقمي، إلى جانب إنشاء مساحات حرة للصحفيين تقدم خدمات الإنترنت الآمن، بحيث لا يضطر الصحفي إلى استخدام أي شبكة انترنت لا توفر له اتصالًا آمنًا
”ويتحدث مسعود لـ”المشاهد” عن أهمية تتبع الجهات التي تقف خلف هذه الانتهاكات وكشف الأساليب والطرق التي تنتهجها، سواءً كانت طرقًا تقليدية أو تقنية؛ للتمكن من سد الثغرات والتوعية بتلك الأساليب
ويدعو إلى أهمية تنسيق حملات توعوية من قبل متخصصين، معزيًا ذلك الدور إلى المنظمات المعنية بحماية الصحفيين والتي وصف دور أغلبها بالضعيف، وبعدم التوزيع العادل لدورات التأهيل بين جميع الصحفيين
ويعود عزمي للحديث لـ”المشاهد” عن الحلول التي يراها للحد من الأمية الرقمية، وهو تدريس مقررات الأمن الرقمي ضمن مناهج كلية الإعلام، حيث يُبدي استغرابه من أن أربع سنوات من الدراسة لا تتخللها أي مواد أو مقررات تخص السلامة الرقمية للصحفي والإعلامي
لافتًا في الوقت ذاته، إلى ضرورة وجود دورات مكثفة للصحفيين حول الأمن الرقمي، إلى جانب إنشاء مساحات حرة للصحفيين تقدم خدمات الإنترنت الآمن، بحيث لا يضطر الصحفي إلى استخدام أي شبكة انترنت لا توفر له اتصالًا آمنًا
ولا ينسَ الإشارة إلى أهمية وجود منظمات محلية تساعد الصحفيين في توفير حماية رقمية لهم، مع دورات تدريبية، وتوفير انترنت آمن في حال لم يكن متوفرًا
سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير