عبدالسلام أمين الحاج : بيان إخوان إيران
منذ 15 ساعات
عبدالسلام أمين الحاج بيان الإخوان المسلمين إلى خامنئي: سقطة فكرية، وخيانة سياسية، وتعرية أخلاقيةفي توقيت بالغ الحساسية، أصدر القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بياناً رسمياً موجَّهاً إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي، يعزّيه في ضحايا الضربة الإسرائيلية الأخيرة، ويعلن من خلاله الدعم الكامل للجمهورية الإسلامية
وقد مثّل هذا البيان – بكل وضوح – لحظة انكشاف صارخ لموقع الجماعة الحقيقي ضمن خارطة التحالفات الطائفية العابرة للأوطان
وفي خطورة هذا البيان نقف عند مضمون التضامن السياسي، ونمتد معه إلى جملة من التحولات الكارثية في المنهج الفكري، والاصطفاف الجيوسياسي، والانحراف العقدي، نستعرضها كما يلي:أولاً: اختلال المفهوم الشرعي للأمة والعدوجاء في البيان أن عدونا واحد وهو الكيان الصهيوني ، وهذا تبسيط مخل لا يليق بجماعة تتحدث باسم مشروع أممي
فإن كانت وحدة العدو تقتصر على كيان الاحتلال فأين تضع الجماعة من احتل العراق وقتل شعبه؟ من قتل مئات الآلاف في سوريا؟ من يمزق اليمن بدعوى الولاية والحق الإلهي؟ هل أصبح خامنئي وإيران حلفاء لأنهم يرفعون شعارات العداء لإسرائيل حتى وإن حوّلوا دولنا إلى مقابر جماعية؟ثانياً: خيانة لدماء العرب والمسلمين في العراق وسوريا واليمنإيران لم تكن يوما ضحية عدوان فقد رعت العدوان على شعوبنا فمن يجيب على السؤال الحقيقي: من سلّح الميليشيات الطائفية؟ ومن دعم انقلاب الحوثي على الدولة اليمنية؟ ومن أطلق رصاصة الغدر في ظهر الثورة السورية؟ أليس النظام الإيراني ذاته الذي تواسيه جماعة الإخوان اليوم وتُعدّه حاضناً للمقاومة؟ وهل أصبحت المقاومة تعني قتل السنة العرب وتمزيق المجتمعات تحت غطاء محور الممانعة؟ثالثاً: التماهي الكامل مع المشروع الطائفيتجاوز البيان مجرد التضامن وأبان عن خضوع فكري وانبطاح سياسي
حين تخاطب قيادة الإخوان خامنئي بلقب سماحة السيد وتحيله إلى آيات قرآنية تتحدث عن حزب الله الحقيقي فهي تمنح الكاهن الإيراني قدسية دينية لا يستحقها وتمنح مشروعه شرعية معنوية قاتلة
لقد تم اختزال الأمة في شخص والجغرافيا في طائفة والتاريخ في لحظة دعائية
رابعاً: توظيف انتقائي للخطاب الإسلامياستشهد البيان بقول حسن البنا حول السعي لتقريب وجهات النظر وتجاوز الخلافات المذهبية
لكن البنا نفسه لم يقل بالتقارب مع من يهدم ديار الإسلام ولا مع من يكفّر الصحابة جهاراً ولا من يعتقد أن طريق الجنة يمر عبر قتل العربي السني
فهل تجرؤ الجماعة أن تتقارب مع من يعارضها فكرياً من داخل الأمة الوسط كما تتقارب اليوم مع من يناقض الإسلام من بوابة ولاية الفقيه؟خامساً: كشف قناع الوطنية الزائفأخطر ما في البيان أنه أعلن بوضوح: الجماعة لا ترى الهوية الوطنية مكوّناً أساسياً
فاليمن، لبنان، سوريا، العراق
كلها تحوّلت إلى ميادين للمقاومة لا إلى أوطان لها سيادة ومصالح
هذا الخطاب يقتل الدولة ويمنح شرعية لمشاريع خارجية تعبث بجغرافيا الأمة
فهل أصبح العربي الجريح مجرد بندقية بأمر ولاية طائفية من خارج حدوده؟سادساً: تجاوز حزب الإصلاح
وتعريته أو التورط بإسمهرغم إعلان حزب الإصلاح اليمني سابقاً تبرؤه من التنظيم العالمي للإخوان وهذا ما يثبته الواقع والا لكانوا ضمن المليشيات الإيرانية ( الحوثي ) في اليمن إلا أن هذا البيان يُعيد الخلط من جديد
فإذا كانت قيادة الإخوان ترى الحوثي وحزب الله والعصائب والنجباء شركاء في جبهة المقاومة فإن هذا يعزز التوجه الصحيح للإصلاح في رفض هذا المشروع الذي لاينتمي للأوطان ويرتمي صراحة في حضن إيران ونأمل أن نرى رفضا لهذا البيان من الإصلاح وكل الكيانات الرافضة للارتهان للنظام الإيراني الذي يرعى الفوضى ويمول الكيانات المصفقة لها بيد الزور والبهتان
سابعاً: سقوط أخلاقي لا يُغتفرلم يدن البيان أي جريمة إيرانية بحق الشعوب العربية ولم يذكر المآسي في الموصل ولا مذبحة حلب ولا حصار تعز ولا انفجار بيروت
كان بياناً مليئاً بالتعازي لخامنئي وحده وكأن الموت لا يستحق الذكر إلا إن كان في طهران أما من ماتوا برصاص حلفائه فليسوا من الأمة
- سقط القناعبيان الإخوان المسلمين إلى خامنئي تجاوز مجرد الموقف وأعلن لحظة سقوط نهائي في وحل التناقضات وسقوط في المعايير وسقوط في المروءة السياسية
وقد كشف – بلا مواربة – أن التنظيم بات جزءً من تحالف لا يلتزم بهوية الأمة أو دماء أبنائها أو عقيدتها ولا حتى بجغرافيتها
من أراد اليوم أن يعرف خصومه الحقيقيين، فليقرأ واقع اليوم
ففيه الوضوح كله وكفى بذلك وضوحاً