علي العمراني : اليمنيون في أمريكا … نجاحات وملاحظات

منذ 4 ساعات

علي العمراني في أمريكا، توجد جالية يمنية كبيرة، ويتميز أفرادها بالدأب في العمل والكفاح والصبر، وهذه من سمات الشخصية اليمنية المغتربة في كل مكان، ولكن هناك ملاحظات

 أولاً: كان اهتمام الجالية بالنشاط العام ضعيفًا إلى منعدم، على الرغم من كثرتهم النسبية، وبدأ الاهتمام مؤخرًا، ولكنه ما يزال محدود الأثر

 وعندما فاز إبراهيم عياش في عام 2020 بعضوية مجلس نواب ولاية ميشيغان، ومن بعده أمير غالب بمنصب عمدة هامترامك، تفاءل المتابعون اليمنيون في الداخل بذلك، على الرغم مما في الداخل من إحباط، ولا بد أن ذلك كان مبشرًا وملهمًا لكثير من الشباب اليمنيين الأمريكيين الطامحين، لخوض غمار السياسة

 وعندما قرر أمير غالب دعم الرئيس ترامب، وتحول إلى الحزب الجمهوري، اعترض على ذلك عدد من الناشطين اليمنيين الأمريكيين، بحجة الموقف من فلسـ ـطين

 وفي شأن التحول من حزب لآخر، فهو عادة لا يثير ضجة كبيرة في أمريكا، وقد تحول من قبل كثيرون، ومنهم الرئيس ريجان والرئيس ترامب، حيث كانا ديمقراطيين من قبل

 وعلة العلل في العلاقات العربية الأمريكية هي ظلم فلسـ ـطين، الذي لم يعد خافيًا على أحد، حتى على اليـ ـهود الأمريكيين، الذين أقروا بنسبة 65% في استطلاع مؤخراً بأن ما يجري في غزة هو إبـ ـادة جماعية

 وقد يفيد وجود العرب الأمريكيين، ومنهم اليمنيون، في الحزب الجمهوري، ربما أكثر من وجودهم في الحزب الديمقراطي، والسياسة تحالفات

والرئيس الوحيد الذي وقف في وجه اللوبي الإسرائيـ ـلي ذات مرة هو جورج بوش الأب في عام 1991، حيث ربط ضمانة قرض لإسرائيل بوقف المستوطنات، وقالت نيويورك تايمز حينها إن جورج بوش كسر الصنم، وتقصد اللوبي الإسرائـ ـيلي، وخاصة AIPAC

  واستخدم كلينتون ذلك الموقف ضد بوش في انتخابات عام 1992

 ويلاحظ أن الرئيس ترامب قد يسمع ويصغي لمن يطرق بابه ويتحدث إليه، ابتداءً بالعرب الأمريكيين الذين ساندوه في الانتخابات، وانتهاءً بلقائه بثمانية من قادة العرب والمسلمين، الذي على إثره تقدم ترامب بخطته للسلام وإنهاء الحرب على غزة

 وإذا كان التنافس طبيعيًا في كل جماعة بشرية وهو جيد للتحفيز والنجاح، فلا بأس من التنافس حتى في إطار الجالية اليمنية، فيما يخص شؤونها، ولكن ليس إلى درجة التشاحن والتناحر وتجاوز كل الحدود، وتغليب الأساليب المحبطة، التي تكرس السلبية وتنفر وتزهد في العمل السياسي والمشاركة في الخدمة العامة

 ويحسن باليمنيين، والعرب، وإن كانوا ما يزالون مبتدئين في النجاحات السياسية، أن يتطلعوا إلى المنافسة في الإطار الأوسع على مستوى مدنهم وولاياتهم وعلى مستوى الدولة الأمريكية ككل

 ولا شيء مستحيل، ومن تعلق بالثريا وصل

 ويتحدث أخو زوجة أوباما عن نسيبه باراك أوباما، وهو يحدثه في وقت مبكر عن طموحه السياسي، وأنه يريد أن يترشح لمنصب عام، وذكر من ذلك عضوية الكونغرس، لكن صهره سخر منه عندما قال باراك إنه يفكر حتى في الترشح للرئاسة، وقال: هيا يا باراك، دعك من هذه “الطموحات الخيالية”! وبعد سنوات طويلة، وهم على العشاء، والنتائج تُعلن، قال باراك: يبدو أننا فعلناها! كان نجاح أوباما ملهمًا بحق، وهو من أقلية تشكل 13% من السكان، عانت من التهميش والاضطهاد؛ وهو نجاح يعبر عن تطورات تجربة بشرية في هذا البلد جديرة بالاحترام، مع ما يعتريها من عيوب ونقص، وهي تجربة بشرية ليست كاملة ولا مثالية، ولكنها تعمل وما تزال، وكثيرًا ما تغلبت على تعثراتها

 ثانيًا: هناك وضع الجالية في نيويورك، التي انقسمت وصارت جالية بقيادتين

ولأنهم محترمون على الجانبين، رغم الاختلاف الآن، فلعل من خلال طبيعة الاختلاف ونتائجه، يمكن تعلم الدرس، ويكون الاتفاق الذي يليق بهم، ولن تُعدم الحلول ما دام هناك توحد في المنطلق والغاية والحرص على السمعة الحسنة ومصلحة الجالية

وقد يكون التناوب على رئاسة الجالية، الآن، سنة بسنة بين رئاستيها الحاليتين ودمجهما معًا لفترة انتقالية، وبعد سنتين مثلاً، تأتي الانتخابات لقيادة جالية واحدة

 ثالثًا: القات، وهو مشكلة وطنية كبرى، ويلجأ الكثير من اليمنيين إلى تبريره وتبسيطه، ولكن أن يلحق القات باليمنيين إلى مهجرهم، على نحو ما تطورت إليه الحالة مؤخرًا، فتلك مشكلة كبيرة، وللقارئ أن يتخيل أنه يدعو عددًا من أصدقائه وزملائه الأجانب إلى صالة فيها عشرات أو مئات المخزنين، مع ما يسود القاعة من تشوهات في أشكال الوجوه والأفواه، وأشكال الفوضى الضاربة في القاعة التي كانت مرتبة ونظيفة قبل ساعة أو ساعات

 لا بد أن مشهدًا مثل ذلك غير مشرف لمن يشاهدنا من الخارج، مع أن المغتربين هم سفراء بلدهم الذين يجب أن يظهروا صورتها الجميلة

 والحديث عن القات يطول وهو ذو شجون حقًا، وهذه ملاحظة سريعة فقط عن تطور ظاهرة القات مع اليمنيين في الخارج، ومن غير شك فإنه يؤثر على نشاط البعض وأعمالهم في الخارج، وخصوصًا الذين يتناولونه يوميًا طوال الليل

 وقد كتبت عن تجربتي الشخصية مع القات، وقد أنشره لاحقًا! رابعًا: يلاحظ الاهتمام بالمظاهر، في حفلات الزواج وتكاليفها، وما يشبه ذلك، وهذا أبعد ما يكون عن مظاهر إيجابية، بل العكس تمامًا، والتبسيط من غير شك هو الأصل والأفضل

 وفي زمن السماوات والآفاق المفتوحة، لا بد أن من في الداخل يشاهدون ويتابعون ويتساءلون: هل هؤلاء هم أبناؤنا وإخواننا الذين نعول عليهم كثيراً، وجل الملايين من شعبهم يعيشون على فتات المساعدات الإنسانية، أو يتضورون حاجةً وجوعًا؟  وقد يقول البعض إن التأثر بمظاهر البذخ والإستعراضات جاء من الداخل في البداية

 وهذا صحيح إلى حد كبير، بل هكذا كان الحال، للأسف، قبل سنوات لا تقل عن خمس عشرة سنة، قبل الشتات والنكبة، وكأن تلك الظواهر كانت من مقدمات النكبة وما مهد لها

 والحقيقة أن سلبيات الداخل، من حزبيات بليدة، وعصبيات بدائية، ومظاهر بذخ زائف، وفشخرة واستعراضات، قد ألقت بظلالها على المهجر والمهاجرين

مع أن كثيرًا من مهاجري زمان كانوا يعودون إلى بلدهم وهم أقرب إلى مصلحين اجتماعيين في أسرهم وقراهم وقبائلهم، خاصة مغتربي الستينيات وبداية السبعينيات

 أما بعد ذلك، فكثيرًا ما يحمل المغتربون سلبيات وخلافات الداخل معهم إلى الخارج، وقد يضاعفونها ويفاقمونها في الخارج أكثر وقد يعودون بها إلى اليمن أكبر

 في عام 1999، كنت مع الدكتور أحمد عبد الوهاب العرشي، والدكتور عبد الرزاق المراني، نبحث عن مسجد في إحدى مدن بريطانيا، ووجدنا مسجد الجالية اليمنية مغلقًا، وسألنا عن السبب، فقيل: خلاف بين المؤتمر والإصلاح!فقلت: لكننا قد نختلف في اليمن ونصلي معًا!ونعلم كيف الوضع الآن