غاده الحسيني : عن القات في ديترويت الأمريكية!

منذ 5 ساعات

غاده الحسيني في الوقت الذي تسعى فيه الجاليات العربية إلى حماية أبنائها من المخاطر الاجتماعية، تبرز في مدينة ديترويت - التي تضم واحدة من أكبر الجاليات اليمنية في الولايات المتحدة - ظاهرة مقلقة: انتشار بيع القات واستهلاكه علنًا، رغم تصنيفه كمادة محظورة بموجب القانون الفيدرالي الأمريكي

 في اليمن، نعرف تمامًا عواقب القات، لم يعد مجرد عادة اجتماعية، بل تحول إلى مادة تسبب الإدمان، وتُسهم في ارتفاع معدلات الفقر، وتراجع الإنتاجية، وتفاقم المشكلات النفسية مثل الاكتئاب، القلق، واضطرابات النوم، كما أدى إلى انهيار آلاف الأسر، بسبب تفكك العلاقات وتدهور الأوضاع الاقتصادية

 اليوم، تُنقل هذه الأزمة إلى ديترويت، حيث يُفترض أن تكون فرص النجاح متاحة أكثر، وسبل العيش الكريم متوفرة، لكن ما يحدث على أرض الواقع مختلف، فبيع القات لم يعد سرًا، بل يتم في بعض المحلات وعلى الملأ، في تحدٍ واضح للقانون الأمريكي، ودون رقابة كافية من الجهات المسؤولة

 يبرر البعض وجود القات في ديترويت بأنه جزء من التراث، متناسين أن الحفاظ على التراث لا يعني نقل سلبياته إلى الأجيال القادمة، فالتراث الذي يهدر الوقت، ويستهلك الصحة، ويُضعف قدرات الشباب، لا يستحق التبجيل، بل يجب مراجعته بعين ناقدة، خصوصًا في سياق الهجرة والاندماج في مجتمعات تحكمها قوانين صارمة ومعايير صحية مختلفة

 وفق القانون الأمريكي، يُعد القات من المواد المخدرة، ويُعاقب من يتاجر به أو يستهلكه،ومع ذلك، يزداد تداوله، وسط صمت رسمي من السلطات، وتجاهل بعض قيادات الجالية الذين يفضلون غض الطرف بدلاً من مواجهة الحقيقة

 تشير تقارير طبية ونفسية من داخل اليمن إلى تزايد حالات الإصابة بالذهان، الاكتئاب، واضطرابات النوم، نتيجة الاستهلاك المزمن للقات، وهذه الآثار بدأت تظهر بين شباب الجالية في المهجر، خصوصًا مع غياب الرقابة الأسرية، وضعف التوعية في المدارس والمراكز المجتمعية

 كما أن الاستمرار في استهلاك القات يخلق فجوة بين الأجيال، ويعزز من مشاعر العزلة لدى الشباب، ويؤثر سلبًا على فرصهم في التعليم والعمل والاستقرار الأسري

 لا يمكن معالجة هذه الظاهرة بالصمت أو المجاملات، يجب تحرك واضح من الجهات الأمنية والصحية لمراقبة بيع القات في ديترويت

دعم الحملات التوعوية التي تستهدف الشباب وأسرهم

فتح نقاش صريح داخل الجالية حول الأثر الحقيقي للقات على الفرد والمجتمع

تصحيح المفاهيم الخاطئة حول التراث ومواءمته مع حياة جديدة قائمة على الوعي والانضباط

 إن ديترويت لا يجب أن تكون امتدادًا لمشكلات الداخل اليمني، بل فرصة لبداية جديدة، قائمة على الوعي، الصحة، واحترام القانون

 ديترويت تستحق أن تكون بداية وعي

لا استمرار ضياعنحن لا نحارب التقاليد، بل نحارب العادة التي تدمّر الطموح، وتغتال الوقت، وتُعيق الاندماج في مجتمعات المستقبل

القات ليس هوية، بل هو قيدفهل نملك الشجاعة لقطعه؟