غموض يكتنف مصير البنك المركزي في عدن وقلق من عودة الريال إلى مسار الهبوط
منذ 4 ساعات
ثارت مخاوف في الأسواق اليمنية من عودة سعر صرف الريال إلى مسار التدهور مجددًا، على خلفية العقوبات التي أعلنها البنك المركزي في عدن، أول من أمس، بحق شركات الصرافة المخالِفة
وشهد سعر الريال مقابل العملات الأجنبية استقرارًا عند نحو 1620 ريالًا للدولار، ونحو 420 ريالًا مقابل الريال السعودي، خلال الفترة الاخيرة
وأعلن البنك المركزي اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليًا في عدن، الثلاثاء، في قرارين منفصلين، إيقاف عدد من شركات الصرافة وفروعها، وسحب التراخيص الممنوحة لها، وإغلاق مقراتها
ويتهم البنك المركزي شركات الصرافة بالمضاربة بالعملة المحلية خلال الفترة الماضية، ما تسبب في تدهور قيمتها بشكل كبير، واقتراب سعر الصرف مطلع عام 2025 من تجاوز حاجز 3000 ريال مقابل الدولار
واستدعى ذلك إصدار العديد من القرارات لمعاقبة شركات الصرافة وفروعها خلال الأشهر الأربعة الماضية، وهو ما أدى إلى تحسن ملحوظ في سعر الريال مقابل العملات الأجنبية بنسبة بلغت نحو 44%، إلا أن هذا التحسن هش، حسب مراقبين
وتزامن قرار العقوبات الأخيرة مع تطورات الوضع الطارئ الذي يمر به اليمن، جراء سيطرة التشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًا، على محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، وما تبع ذلك من أحداث لافتة على مختلف الأصعدة
وجاء ذلك بعد قرار صادم من صندوق النقد الدولي الذي قرر تعليق أنشطته في اليمن يوم 11 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، إذ تفرض هذه المستجدات العديد من التهديدات التي قد تضرب استقرار العملة وتجدد انهيار سعر الصرف، بحسب خبراء اقتصاد
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي والمالي هشام الصرمي، في تصريح لـالعربي الجديد، أن ما حدث سيؤثر في الحكومة ومستوى الثقة بها، مشيرًا إلى أن الخسائر قد تطاول ما تحقق ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، فضلًا عمّا هو قادم
وأوضح أن الأثر سينعكس على مختلف المؤشرات الاقتصادية، بدءًا من سعر صرف العملة، وصولًا إلى انخفاض القوة الشرائية للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية
وكانت وزارة المالية في الحكومة المعترف بها دوليًا قد أعلنت، الأحد الماضي، إطلاق التعزيزات المالية مرتبات موظفي القطاعين المدني والعسكري عن الشهرين الماضيين، مع الفوارق والتسويات للمبعدين العسكريين
وأوضح مصدر حكومي مسؤول، في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية بنسختها الحكومية سبأ، أن إطلاق التعزيزات المالية لمرتبات القطاعين، المدني والعسكري، يأتي تنفيذًا لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء، سالم صالح بن بريك، في إطار حرص الحكومة على الوفاء بالتزاماتها والقيام بمسؤولياتها في صرف مرتبات موظفي الدولة
غير أن خبراء اقتصاد ومصرفيين يتوقعون أن يلجأ البنك المركزي، في ظل الأزمة المالية الراهنة، إلى السحب على المكشوف لصرف الرواتب المعلنة، بعد فترة من الامتناع عن الإقدام على مثل هذا القرار، إلى جانب استخدام شحنة مالية جديدة من العملة المطبوعة من دون غطاء، قد تُضخ في الأسواق المحلية بالمحافظات الجنوبية والشرقية كمرتبات وتسويات، ما قد يتسبب بتداعيات سلبية على القيمة الشرائية للعملة وأسعار السلع
ولفت الصرمي إلى أن التأثيرات الناتجة من التطورات الأخيرة، ولا سيما قرار صندوق النقد الدولي، ستنعكس على مؤشر آخر إلى جانب سعر الصرف، وهو مؤشر التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الأحداث في جنوب اليمن وشرقه، تتجه الأنظار إلى البنك المركزي بوصفه مؤسسة سيادية تخضع مباشرة لسلطة شرعية معترف بها دولياً، وموقفه من استمرار أداء مهامه في عدن، خاصة بعد توجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، ورئيس الحكومة سالم بن بريك، إلى العاصمة السعودية الرياض، إثر التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية
ويستمر المجلس الانتقالي الجنوبي بإجراءاته التصعيدية وفرض سلطة أمر واقع موازية للحكومة في عدن، وهو الأمر الذي يهدد واحدة من أهم المؤسسات الحكومية (البنك المركزي)، الذي نجح خلال الفترة الماضية في وضع حدّ للتدهور المتسارع للعملة المحلية وكبح جماح المضاربات، محققاً استقراراً نسبياً بعد فترات من الانهيار الحاد
وعلمت العربي الجديد من مصادر مطلعة، أن البنك المركزي يدرس حالياً عدة مقترحات حول آليات ممارسة مهامه خلال الفترة المقبلة، بالرغم من مسارعة قيادات في المجلس الانتقالي للاجتماع بمحافظ البنك، أحمد غالب المعبقي، والتأكيد على دعم استقلالية البنك والإصلاحات النقدية والمالية التي ينفذها
وتتضمن المقترحات المعروضة انتقال قيادة البنك إلى الرياض للعمل إلى جانب الحكومة، أو ممارسة المهام من دولة أخرى مثل العاصمة الأردنية عمّان، حيث كان من المقرر استكمال مشاورات المادة الرابعة مع صندوق النقد الدولي خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول 2025، قبل بروز مخاوف من تأثر هذه الأنشطة بالتوترات الراهنة