فتحي أبو النصر : العميد محمد عبدالله العوني: والد المبروكة الدبابة التي ارتبطت بالبدايات الأولى لتحرير تعز
منذ 11 أيام
فتحي أبو النصر في عزلة بني عون بمديرية شرعب في محافظة تعز، وُلد محمد عبدالله المخلافي، الذي سيُعرف لاحقا بالعميد محمد العوني، أحد أبرز القادة العسكريين الذين خاضوا معارك تحرير تعز ووقفوا في وجه المشروع الح
وثي
طبعا لم يكن محمد العوني في البداية معروفا لدى الكثيرين، لكنه سرعان ما أصبح أحد أهم أعمدة المقاومة في تعز، بفضل شجاعته وبسالته في مواجهة ال
حوثيين، وتفانيه في الدفاع عن المحافظة
ولقد ارتبط اسم العوني بشكل وثيق بتلك اللحظات التي كان فيها القادة والمقاومون في تعز على موعد مع تحديات كبرى في ظل الهجمة ال
حوثية المباغتة
تحديدا خلال الحروب الستة بين عامي 2004 و2009، كانت هناك بوادر لشجاعة العوني الذي أظهر قدرة استثنائية على القيادة، فبرز كمقاتل ميداني يقود كتائب ضد قوات الحوثيين الذين تمردوا في صعدة
ثم عندما اندلعت الثورة الشبابية السلمية في عام 2011، كان العميد العوني أحد أوائل الضباط الذين انضموا إلى صفوف الثوار
فيما كان حضوره في هذه المرحلة بارزا، إذ وقف إلى جانب شباب الثورة ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح
والشاهد أن العوني لم يكن مجرد ضابط عسكري محترف، بل كان شخصية شعبية بارزة، صارت سمعته تزداد قوة يوما بعد يوم، وأصبح مثالاً للجنود المخلصين الذين يضحون بكل شيء من أجل اليمن الجمهوري
وفي عام 2014، حين اجتاحت مليشيات الحوثيين محافظة تعز، كان العوني أحد أولئك الذين رفعوا السلاح في وجههم
رافضا تماما فكرة الاستسلام أو الانحناء أمام الانقلاب الحوثي
ثم مع العميد الشهيد عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع ، أسس العوني معه نواة الجيش الوطني في تعز، وهو الجيش الذي كان له دور حاسم في مقاومة الاحتلال الح
وثي
ولقد كان من أبرز ملامح سيرته العسكرية تلك اللحظات البطولية التي قام فيها العوني بإخراج الأسلحة الثقيلة من مخازن اللواء 35 مدرع، مثل الدبابات والمدافع، لتكون نواة للمقاومة الشعبية
ومن أشهر تلك اللحظات قيادته،ل المبروكة، الدبابة المقاتلة الوحيدة التي صمدت أثناء حصار تعز، والتي خاضت معارك ضارية ضد الحوثيين، وأصبحت مرتبطة بالبدايات الأولى لتحرير تعز
لذلك أُطلق الاعلام على العوني لقب والد المبروكة، وذلك تقديرا لدوره البارز في تأمين هذه الدبابة النوعية والاحتفاظ بها طيلة فترة المقاومة
والشاهد أنه في صيف 2015، ومع تصاعد وتيرة المعارك في تعز، وفي منطقة جبل جرة، كان العوني يقود العمليات العسكرية على الأرض رغم أنه رئيس أركان حرب اللواء 35مدرع ولقد واجه في هذه الفترة تحديات ضخمة من أجل استعادة المواقع التي كانت تحت سيطرة الحوثيين
لكن الفقر في الإمكانيات العسكرية كان أحد أبرز العقبات
ومع ذلك، أظهر العوني تصميما لا مثيل له، إذ أبدع في إيجاد الحلول لمشاكل نقص الذخيرة والمعدات
يصف العقيد فؤاد الشدادي، الذي كان أحد رفاقه الأوفياء، أن العوني كان دائما في المقدمة، بل يقاتل جنبا إلى جنب مع مقاتليه، ولا يتوانى عن التضحية بكل شيء
ففي أحد المواقف، بينما كان المقاتلون في جبهة الراهش يعانون من إرهاق شديد جراء المعركة المستمرة، وُجّهت إليهم تعزيزات من العوني
وعندما وصل، لم يتوانى عن توزيع ملابسه على المقاتلين المرهقين الذين كانوا تحت وطأة المطر
كذلك يذكر الشدادي أن العوني، رغم مرضه الذي كان يعاني منه، كان يبذل كل ما في وسعه لتحفيز المقاتلين ورفع معنوياتهم
وفي إحدى المعارك، كان العوني قد أوصى بتغيير خطة الهجوم بشكل مفاجئ، مما أربك العدو وحقق للمقاومة انتصارا هاما
في الحقيقة كان العوني في تلك اللحظات يجسد القيادة الميدانية الحقيقية، ويعيش مع أفراده المعركة بكل تفاصيلها
لكن لحظات الشجاعة هذه لم تدم طويلا، ففي 10 ديسمبر 2015، استشهد العميد محمد العوني في معركة قرب اللواء 35 مدرع، وهو في قمة عطائه، في اللحظة التي كان فيها يأمل في رؤية النصر النهائي لتأمين تعز
من هنا فإن رحيل العوني مثل خسارة كبيرة للمقاومة في تعز
وللتذكير ففي الذكرى الأولى لاستشهاده، ألقى قائد اللواء 35 مدرع، العميد الشهيد عدنان الحمادي، كلمة تأبينية وصف فيها العوني بأنه كان الصادق المخلص في التضحية والإقدام مشيراً إلى أن العوني كان دائما في المقدمة كنموذج للقائد الذي يفضل التضحية على حساب الراحة الشخصية، ويقدم الوطن على كل شيء
لذلك فإن العميد محمد العوني المخلافي سيظل في ذاكرة جميع من شاركوا في معركة تعز، لا سيما في جبهتي الراهش والأقروض، حيث كان دائما في الخطوط الأمامية، يضحي بحياته من أجل وطنه
بل كانت كلماته الأخيرة، وهو يقاتل في ميدان المعركة، تندرج ضمن سلسلة من القرارات البطولية التي جعلت من اسمه خالدا
والحال أن شهادة العميد عدنان الحمادي عن الشهيد العميد محمد العوني تبرز الشخصية الاستثنائية لذلك القائد العسكري الذي حمل على عاتقه أعباء كبيرة في معركة تحرير تعز والدفاع عنها من بطش المليشيات الحوثية
كان الشهيد العميد عدنان الحمادي قال عن رفيق دربه لقد عرفته صادقا ومخلصا في كل مراحل حياتنا المشتركة، بدءا من أيامنا في الكلية الحربية وصولا إلى المعارك التي خضناها معا تحت راية الدفاع عن الشرعية والجمهورية
بل كان الشهيد العوني أحد أعمدة اللواء 35 مدرع، وكان له دور محوري في قيادة المعارك، حيث كان ركنا أساسيا في استعادة السيادة على تعز
وبرأي الحمادي فان إصرار العوني على الثبات ، ورفضه القبول بالاستسلام أو الهزيمة، حتى في أصعب اللحظات أهم ميزاته
وتحديدا كان الشهيد العوني محاربا ميدانيا بامتياز، قادرا على اتخاذ القرارات الحاسمة في اللحظات الحرجة، ليكون بحق: مثالا للقيادة الحكيمة والمتفانية
واضعا نصب عينيه هدفا واحدا فقط، هو تحرير تعز