فريق الخبراء الدوليين يؤكد تعاظم التهديد الحوثي محلياً وإقليمياً

منذ 15 ساعات

أكد التقرير الدولي المقدم حديثاً من فريق الخبراء المعنيّ باليمن إلى مجلس الأمن، أن الوضع في البلاد لا يزال يشهد مزيداً من التعقيد السياسي والعسكري، وسط جمود شبه كامل في مسار التسوية، وتدهور إنساني متواصل، جعل ثلثي السكان بحاجة إلى المساعدات

وعلى الرغم من القرارات الأممية، لا سيما القرار 2216 (2015)، أشار التقرير إلى ضعف تنفيذ العقوبات المفروضة على الأفراد والكيانات الداعمة للحوثيين، موضحاً أن تجميد الأصول والمنع من السفر لم يحققا أثراً ملموساً بسبب قدرة القيادات الحوثية على الالتفاف على القيود عبر وسطاء وشركات واجهة في المنطقة

ودعا فريق الخبراء إلى «إعادة تقييم آليات العقوبات»، وتعزيز الرقابة على الممرات البحرية والمواني اليمنية، وتشديد الإجراءات ضد الكيانات التي تنتهك حظر توريد الأسلحة

وأكد أن استمرار الفجوات في التنفيذ يتيح للحوثيين الحفاظ على قدراتهم العسكرية، ويمنحهم مزيداً من الوقت لتوسيع نفوذهم الجغرافي والعسكري

وشدد الفريق على أن الحوثيين باتوا يشكلون تهديداً متنامياً للأمن في شبه الجزيرة العربية والبحر الأحمر، مشيراً إلى أن الجماعة تحاول استثمار الحرب في غزة لتبرير هجماتها على السفن الأجنبية، وإظهار نفسها كجزء من «محور المقاومة»

ورأى الخبراء أن هذه الاستراتيجية تُكسب الحوثيين زخماً دعائياً داخلياً، لكنها في الوقت ذاته تجرّ اليمن والمنطقة إلى دائرة صراع أوسع وأكثر تعقيداً

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا الوضع دون ردع حاسم «يُنذر بعواقب وخيمة على استقرار المنطقة والملاحة الدولية»، داعياً مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، ودعم الجهود الدبلوماسية لإحياء الحوار اليمني الشامل تحت رعاية الأمم المتحدة

وقال إن الجماعة الحوثية ما زالت تمثل «التهديد الأكبر للأمن والاستقرار المحلي والإقليمي»، نتيجة استمرارها في العمليات العسكرية والهجمات عبر الحدود، ورفضها أي تسوية سلمية حقيقية

هجمات بحريةوأشار الفريق الدولي في تقريره إلى أن الحوثيين كثّفوا خلال الأشهر الماضية هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن، مستهدفين السفن التجارية والعسكرية، ومستخدمين طائرات مسيّرة وصواريخ بعيدة المدى، مما أدى إلى اضطرابات متزايدة في حركة التجارة العالمية، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف التأمين البحري، حيث سجلت الجهات الدولية المختصة أكثر من 25 هجوماً على السفن بين أغسطس (آب) 2024 ويوليو (تموز) 2025

ووصف التقرير الهجمات الحوثية على الملاحة في البحر الأحمر بأنها «تحول خطير في طبيعة الصراع اليمني»، إذ تجاوزت حدوده الداخلية إلى تهديد أمن الممرات البحرية الدولية

وأوضح أن الجماعة أطلقت صواريخ وطائرات مسيّرة على سفن تحمل أعلام دول مختلفة، مما أدى إلى مقتل بحارة وإصابة آخرين وإلحاق أضرار جسيمة بالسفن

وذكر التقرير أن الولايات المتحدة وإسرائيل نفَّذتا عمليات عسكرية ضد مواقع للحوثيين في صنعاء والحديدة وصعدة، استهدفت منشآت لتخزين الأسلحة ومنصات إطلاق الصواريخ

غير أن الجماعة -حسب التقرير- «احتفظت بقدرة تشغيلية عالية» واستمرت في تطوير ترسانتها العسكرية بتمويل ودعم لوجيستي من أطراف إقليمية، في إشارة إلى إيران

دعم خارجي واقتصاد حربوأكد فريق الخبراء أن عمليات تهريب الأسلحة إلى الحوثيين لم تتوقف رغم العقوبات الأممية، إذ تم ضبط شحنات كبيرة من الصواريخ والطائرات المسيّرة قادمة عبر بحر العرب ومناطق الساحل الغربي

وأشار إلى أن القوات اليمنية الحكومية صادرت في يونيو (حزيران) 2025 أكثر من 750 طناً من الذخائر والمواد المتفجرة كانت موجهة إلى الجماعة

وأوضح التقرير أن الحوثيين حصلوا على صواريخ «كروز» مضادة للسفن، وطائرات مسيّرة متطورة من نوعي «رعد» و«صقر»، إلى جانب أنظمة دفاع جوي محمولة على الكتف، مما رفع من مستوى تهديدهم البحري والجوي

كما أشار إلى أن بعض الأسلحة تُصنّع محلياً باستخدام مكونات إيرانية يتم تهريبها بطرق معقدة، ثم تُجمع في ورش خاصة داخل صنعاء والحديدة، وهو ما يؤكد -حسب التقرير- وجود دعم فني وتقني مستمر من خبراء مرتبطين بـ«الحرس الثوري» الإيراني

ولفت التقرير إلى أن الحوثيين أقاموا اقتصاداً موازياً قائماً على الجبايات والإتاوات والموارد غير المشروعة، تشمل فرض ضرائب مضاعفة على التجار، ونهب المساعدات الإنسانية، وابتزاز الشركات الخاصة

وأشار إلى أن الجماعة تستخدم النظامين الجمركي والمصرفي في مناطق سيطرتها أداةً للابتزاز السياسي والاقتصادي، فيما يواجه المواطنون ارتفاعاً حاداً في الأسعار وانعداماً شبه كامل للخدمات الأساسية

وأوضح التقرير أن الحوثيين يعتمدون أيضاً على تحويلات مالية خارجية وأنشطة تهريب متنوعة، بما فيها تهريب المشتقات النفطية والعملة الصعبة، مما يمكّنهم من تجاوز تأثير العقوبات وتجميد الأصول

وحذّر من أن هذه الموارد تُستخدم في تمويل حملات التجنيد العسكري وتوسيع نفوذ الجماعة، الأمر الذي يعمّق معاناة السكان ويقوّض فرص السلام

انتهاكات واسعةورصد التقرير الدولي مئات الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة بحق المدنيين، منها الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتجنيد الإجباري للأطفال، إلى جانب القصف العشوائي للأحياء السكنية

كما وثّق حالات احتجاز لموظفين أمميين وعاملين في منظمات إنسانية، وفرْض قيودٍ صارمة على عمل الصحافيين والمنظمات المحلية والدولية

وأكد التقرير أن الحوثيين ينفذون «سياسة ممنهجة لإسكات الأصوات المعارضة»، تشمل الرقابة الصارمة على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ومنع المظاهرات والأنشطة المدنية، وإخضاع التعليم والخطاب الديني والإعلامي لتوجهاتهم الآيديولوجية

وأوضح أن هذه الممارسات تهدف إلى «خلق مجتمع مغلق يَدين بالولاء المطلق للجماعة»، عبر عسكرة الحياة المدنية، وتصفية النخب الاجتماعية والفكرية التي تعارض مشروعهم السياسي

تنسيق مع الجماعات المسلحةوكشف تقرير الفريق الدولي عن وجود تنسيق بين الحوثيين وبعض الجماعات المسلحة في المنطقة، من بينها «حركة الشباب» الصومالية، وكيانات متورطة في تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية

وأوضح أن هذا التعاون يشمل تبادل الخبرات في مجال الطائرات المسيّرة والتقنيات الحديثة في الاتصالات، إلى جانب استخدام شبكات التهريب البحرية نفسها

وأشار إلى أن جماعات من جنسيات مختلفة -بينها صومالية وإيرانية- شاركت في عمليات تهريب الأسلحة، وأن بعض السفن التي تم ضبطها كانت تستخدم شركات وهمية لتغطية نشاطها الحقيقي

واعتبر التقرير أن هذه الشبكات العابرة للحدود تمثل تحدياً متزايداً أمام المجتمع الدولي لضبط تدفق السلاح إلى اليمن