فستان صحفية يمنية يشعل مواقع التواصل ويخلق معركة جدل واسعة

منذ 3 ساعات

تعود قضية ظهور المذيعات اليمنيات بدون حجاب إلى الواجهة مجددا، بعد الضجة التي أثارتها إطلالة المذيعة عهد ياسين في برنامج “ترند ويك” على قناة الجمهورية، حيث ظهرت بفستان اعتبره البعض “غير تقليدي”

وما بين التحريض والدفاع، تحولت الحادثة من جدل حول الملابس إلى مواجهة أوسع بين تيارين متصادمين داخل المجتمع اليمني: التيار الليبرالي الباحث عن مساحة للحرية الشخصية، والتيار المحافظ الذي يرى في ذلك تهديدا للقيم الاجتماعية

  ظهور عهد بفستان نمري أو ملون، ضمن برنامج ترفيهي يركز على مواقع التواصل، أشعل موجة من الانتقادات اللاذعة تراوحت بين الاتهام بـ”استفزاز المجتمع” و”طمس القيم”

من أبرز الأصوات الرافضة كان قياديون في حزب الإصلاح مثل عبدالله العديني، الذي استخدم خطابا تحريضيا اعتبره صحفيون وحقوقيون تهديدا مباشرا لسلامة المذيعة

و في 20 نوفمبر 2025، نشر البرلماني وعضو حزب الإصلاح عبدالله العديني (المعروف بآرائه المحافظة الإخوانية) منشورا على وسائل التواصل يهاجم عهد ياسين بشدة، واصفا إطلالتها بـ”الاستفزاز للمجتمع اليمني” و”محاولة لطمس الهوية الإسلامية”

وصفها بأنها “تبرج جاهلي” ودعا إلى “معالجة” مثل هذه الظواهر، مما أثار مخاوف من حملات تحريض أمنية أو اجتماعية، خاصة في ظل التوترات الطائفية والسياسية في اليمن

من جانبها أدانت نقابة الصحفيين اليمنيين المنشور في بيان رسمي، واصفاً إياه بـ”التحريض الخطير” الذي يهدد حرية الصحافة وحقوق المرأة في العمل، مطالبة بتحقيق قضائي فوري ضد العديني

أكدوا أن هذا “يهدد الصحافيات مباشرة” في بيئة إعلامية قمعية بالفعل

إعلاميات وناشطات مثل رشا جرهوم أكدوا أن القضية تتعلق بالحريات الشخصية، لا بالأخلاق العامة

ناشطون شبهوا الهجوم بأنه “امتداد لعقلية قديمة” تحاول فرض وصاية اجتماعية على المرأة

هذه ليست الحادثة الأولى؛ إذ سبقتها حملات مشابهة ضد مذيعات مثل أمل علي في قناة بلقيس، أو سونيا وهدى الضبة في فترات سابقة، ما يعكس أن جذور الأزمة أعمق من مجرد اختلاف حول اللباس

على الرغم من أن اليمن شهد في فترات سابقة — وخاصة في تلفزيون عدن في السبعينيات والثمانينيات — ظهور مذيعات بدون حجاب بشكل طبيعي، إلا أن المشهد تغير جذريا بعد صعود التيارات المحافظة حيث تمدد الفكر الوهابي والإخواني خلال حقبة علي عبدالله صالح فرض تغييرات صارمة على حضور المرأة الإعلامي

وسيطرة الحوثيين في الشمال منحت الحجاب طابعا سياسيا وعقائديا، باعتباره “جزءا من الهوية الإيمانية”، وفي مناطق الشرعية والجنوب، ورغم وجود مساحة أكبر للتنوع، تظل ضغوط تيارات محافظة قائمة، وتؤثر على سياسات القنوات

القنوات اليمنية — مهما بدت مهنية — غالبا ما تتحرك وفق حسابات سياسية، قنوات مثل اليمن اليوم والجمهورية المرتبطة بقيادات سياسية (طارق صالح، أحمد علي) تسمح بمساحة أكبر للظهور غير التقليدي، لكن البعض يرى أن ذلك قد يستخدم كأداة لكسب جمهور ليبرالي أو لإظهار تمايز عن القوى الإسلامية أو الحوثية

وقنوات أخرى مثل بلقيس واجهت ضغوطا مجتمعية وسياسية دفعت لتقييد ظهور المذيعات بدون حجاب، الملابس هنا ليست مجرد “خيار شخصي”، بل جزء من صراع أوسع على النفوذ والهوية

ما يجري اليوم ليس سوى انعكاس لصراع ممتد في اليمن، تيار ليبرالي يرى أن الحجاب أو عدمه خيار شخصي، وأن المرأة يجب أن تظهر بشكل طبيعي في الإعلام دون وصاية، وأن رفض ذلك هو جزء من إرث اجتماعي متجمد، هذا التيار يعتبر أن اليمن بحاجة إلى إعلام حديث يعكس التنوع ويواكب التطور

و تيار محافظ يرى في أي ظهور غير محتشم تهديدا للقيم الدينية والمجتمعية، ويعتبر أن السماح به بداية “تفكك أخلاقي”

بعض رموزه يستخدمون خطابا تحريضيا قد يصل لحد التهديد، مستفيدين من حالة الانقسام والصراع السياسي

في ظل الوضع الأمني الهش، قد تتحول حملة تحريض إلكترونية بسهولة إلى تهديد حقيقي على حياة المذيعات، كما حدث في حالات سابقة

لذلك تشدد منظمات حقوقية على ضرورة وضع حد للتحريض، خاصة حين يصدر من شخصيات دينية أو حزبية

تكشف هذه المعركة الصغيرة حول حجاب مذيعة عن أزمة كبرى في اليمن انهيار الدولة ترك المجتمع تحت رحمة تيارات متصارعة، والمرأة أصبحت رمزا يستخدم في المعارك الأيديولوجية والسياسية

كما بات الإعلام ساحة لإظهار “المكانة الأخلاقية” لكل طرف، والحجاب تحول إلى أداة ضبط اجتماعي وسياسي، وليس مجرد ممارسة دينية