في ذكرى اختطاف (قحطان).. حقائق ثمان "مُرة" من تغييب "عراب" السياسة في اليمن

منذ 10 أشهر

كان من أبدع ما أراده الانتقال من سياسة المواجهة إلى حالة التجاور السياسي

من التضاد والصراع الصفري إلى القبول بالآخر، وفق مفهوم التجاور ذاك، هكذا كان يعبّر محمد قحطان عن نظرته لمستقل العلاقات بين القوى السياسية اليمنية

 القول أعلاه لنائب الدائرة الإعلامية للتجمع اليمني للإصلاح، عدنان العديني متحدثاً عن القيادي في الحزب ذاته السياسي ورجل الحوار الأول في اليمن الأستاذ محمد قحطان، والذي تستمر مليشيا الحوثي الإرهابية اختطافه للعام الثامن

 وما قاله العديني تعد حقيقة أولى، لكنها مرة، من حقائق تسع أخرى نسردها في هذه التناولة، تزامناً مع الذكرى الثامنة لتغييب مليشيا الحوثي الإرهابية، لعضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان، حيث اختطفته من منزله في صنعاء، في الخامس من أبريل 2015، وعملت على إخفاء أية معلومات عنه وعن ظروف اختطافه، كما أنها لم تسمح له بالتواصل مع أسرته والعالم الخارجي حتى اليوم، وترفض التفاوض بشأنه

 وتتضمن الحقيقة التي أوردها عدنان العديني، بأن اليمن خسر توجهاً سياسياً كان يعبر عنه قحطان وهو ترك التصادم، والجنوح للتجاور السياسي، إلا أن مليشيا الحوثي حينها وبدعم من إيران وأطراف أخرى قد اختارت التصادم والمواجهة مع الكل، لذا سارعت إلى تغييب قحطان مبكراً، قبل التحرك إلى مواجهتها على كل الصعد

 الحقيقة الثانية، تحدث عنها العديني نفسه اليوم، والذي اعتبر الاختطاف الحوثي لقحطان، مؤشراً على انتهاء السياسة واختطافها وإلغاء عهد كامل من العمل السياسي

 ولفت في تصريح له أن عودة السياسة غير ممكن دون إطلاق قحطان، كما أنه أشار إلى حقيقة ثالثة ظلت مغيبة طيلة الفترة الماضية، ربما من كل الأحزاب والمكونات السياسية في الداخل، والتي لم تلاقي كذلك أي اهتمام من الأطراف الدولية المعنية بالأزمة اليمنية، وهي خروج قحطان الذي يعني عودة العمل السياسي والحريات السياسية للناس، وانتهاء مرحلة الحرب، ويقابلها بحسب ما يراه العديني بأن عدم إطلاق قحطان يعني البقاء في مرحلة الحرب، مهما كان الحديث عن عملية السلام

 إلى ذلك تتمحور الحقيقة الرابعة، في تنصل الجميع عن رجل الحوار والتشاور في اليمن من أي صفاقات تبادل، بالتزامن مع عودة مسار المحادثات بما يخص الأسرى والمختطفين وبرعاية أممية

 فالمشاورات التي جرت في العاصمة السويسرية الشهر الماضي وأفضت إلى صفقة إطلاق أسرى ومختطفين من المدنيين، إلا أنها استثنت قحطان، رغم محاولات الضغط المحلية والدولية للإفراج عنه، كونه سياسياً ولم يحمل سلاحاً كما أنه مشمول بقرار مجلس الأمن في العام 2015، والذي قضى بإطلاق أربعة من القيادات العسكرية والمدنية التي اختطفتهم المليشيات، فيما بات يعرف بالمشمولين بالقرار الأممي 2216

 وفي صفقة سويسرا الأخيرة توصل المتفاوضون من الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي، إلى إطلاق سراح اثنين من الأربعة، وهم محمود الصبيحي، وزير الدفاع الأسبق، والقائد العسكري، ناصر منصور، بينما لم تشمل قحطان والعميد فيصل رجب

 الحقيقة الخامسة، أن مليشيا الحوثي في تعنتها مع ملف قحطان، كونها ترى فيه خطراً على مشروعها السلالي، وأن جنوحها لجولات السلام المزعومة ما هو إلا من باب ذر الرماد على العيون، فإفراجها عن محمد قحطان إذا تم سيكون دليلاً على أنها باتت تؤمن بمسار معين للسلام في البلاد، إلا أنها كما يبدو ما زالت تخطط لمسارات أخرى بعيداً عمّا تسعى إليه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في التوصل لاتفاق ينهي الأزمة اليمنية

 أما السادسة فتكمن في العودة إلى قيم الدولة والمؤسسات، وإرساء القوانين التي تتهرب منها المليشيا، فعودة قحطان، لا شك عودة إلى هذا المسار، وهو ما لا ترضاه قيادات المليشيا في هذا التوقيت، وستعده انقلاباً على ما حاولت تأسيسه خلال سنوات انقلابها وحربها على اليمنيين، لذا ما زالت تتمسك بقحطان رهيناً لمحبسه، ورهاناً لها بأنها ستظل في موقع الرابح لا الخاسر، رغم أنها تدرك خسارتها منذ الطلقة الأولى للحرب وعلى كل المستويات

 حقيقة أخرى وهي السابعة، أن استمرار التغييب لقحطان استهداف للكتلة الوطنية الواسعة ولقيمها النبيلة والتي يعد قحطان من أبرز روادها ومناضليها، مما يدعو إلى مواجهة الجميع، ممن تخلوا عن قحطان سابقاً بسبب أو بآخر، إنه لم تعد هناك حجة، لترك قحطان يواجه مصيره، وإهمال قضية الإفراج عنه

 ثامناً وهي حقيقة خاصة يجب توجيهها إلى المبعوث الحالي للأمين العام إلى اليمن، مع عدم إغفال السابقين في مساءلة قيمية وأخلاقية، بأنهم جميعاً أهملوا قحطان، إهمالاً متعمداً، يعد إهمالاً للسياسة في اليمن، التي انقلب عليها الحوثي ومن ثم جرى تغييبها، مع إغفال أن الإفراج عن قحطان ورفاقه إضافة إلى أنه أولوية سيكون رافعة وإعادة تأسيس لعملية السلام في اليمن، والتي تزعم الأمم المتحدة أنها تسعى إليها، على الرغم من أن آلة الإرهاب الحوثية ما زالت تعمل عملها وبأريحية مطلقة

 وأخيراً سيظل السياسي قحطان، ذلك الجمهوري المتحرر من أي قيود جهوية حزبية أو قبلية، كما أنه لا يمكن تجاوزه كرجل مرحلة، دفعته الظروف إلى أن يكون رمزاً للحرية والحوار، لا الحرب والاحتراب حتى وهو مغيب في مختطفه، وهو التغييب الذي تغلب عليه من خلال الصوت المرتفع اليوم كدليل على الحاجة إليه وإلى الرجال من طينته لإعادة الأمور إلى نصابها، من خلال يمن لـ 26 من سبتمبر وأهدافها العظيمة