كيف سرقت AITS أحلام المستثمرين؟

منذ 4 ساعات

تعز- نجوى حسنانتشرت هذا العام منصة تحمل اسم AITS، استقطبت مئات اليمنيين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مستغلةً حاجتهم لتحقيق أرباح سريعة بوعود استثمارية وهمية

وقدمت المنصة نفسها على أنها تطبيق يعتمد على “روبوتات تداول” مرتبطة بمنصات عالمية مثل Binance وOKX وBybit

لكنها في الواقع لم تكن سوى وسيلة للاحتيال وسرقة أموال المواطنين

عالميًا، يمكن للمستخدمين الاستفادة من العملات الرقمية في الحياة اليومية مثل الشراء والدفع مقابل سلع وخدمات متعددة

وباتت تستخدم فعليًا في مجالات متعددة منها شراء الطعام، الأثاث، المواد الغذائية، وحتى السيارات والعقارات

وبمكن استخدام العملات الرقمية مثل “البيتكوين” من خلال بطاقات مرتبطة بالعملات المشفرة، تعمل كبطاقات ائتمان تتيح الدفع في المتاجر والمطاعم

حيث يتم تحويل العملات المشفرة تلقائيًا إلى العملة المحلية للبائع

في اليمن، لا يزال استخدام العملات الرقمية للدفع المباشر في الحياة اليومية: شراء أثاث، مواد غذائية، خدمات محلية، محدودًا

ويعود ذلك إلى بنية الدفع التقليدية وقلة قبول التجار على العملات الرقمية

لكن يمكن شراء العملات الرقمية وتحويلها إلى نقود أو استخدامها عبر الإنترنت للشراء من متاجر عالمية

هناك منصات تداول عملات رقمية وهمية في اليمن تستهدف المستخدمين عن طريق وعود بالثراء السريع وأرباح خيالية

حيث يتم ترويجها كفرص استثمارية مزيفة، لكنها في الواقع فخاخ احتيالية تستنزف أموال الضحايا

منصات مثل “AITS” و“Future GPT” و“كيونت” وغيرها اختفت فجأة بعد جمع ملايين الدولارات من عشرات الآلاف من اليمنيين الذين وقعوا ضحايا لهذه المخططات

وتمثل الوعود بعوائد تصل إلى 25% أسبوعيًا والأرباح الخيالية؛ وسيلةً لجذب الناس، ثم يتوقف السحب وتغلق المنصة بشكل مفاجئ

هؤلاء المحتالون يستخدمون أساليب نفسية للتأثير على الضحية، بما في ذلك وعود بالأرباح السريعة، والضغط الاجتماعي والعاطفي

وساعدت الأوضاع الاقتصادية الصعبة في اليمن على انتشار هذه الظاهرة، حيث يرغب الكثيرون في تحسين أوضاعهم المالية السريعة

أمل، فتاة عشرينية (اسم مستعار) من محافظة تعز

تقول لـ”المشاهد”: “في البداية تعرفتُ على البرنامج من خلال الفيسبوك، ومن خلال التاجر عبدالباسط العريقي في تعز

كان ينشر منشورات عن هذا التطبيق

فطلبت منه أن يعلمني طريقة التداول

وفي البداية كان يرد أنه مشغول، لكن مع إصراري علّمني طريقة التداول عبر البرنامج، وتطبيق AITS، وكان يحمّل من خلال رابط على تيليجرام

ويرسل للمشترك لتثبيته، يشبه أي تطبيق عادي، لكنه يختلف بأنه يتيح تحقيق أرباح من خلال عمليات البيع والشراء

وتضيف: “لم يكن لديّ مال، فاقترضت من خالتي 80 دولارًا ،وترددتُ بين الدخول بـ30 دولار أو 80 دولار، وفي النهاية قررت الدخول بـ80 دولار بناءً على إقناع التاجر عبدالباسط كنت أشعر أن الموضوع كذب، لكن بعد عشرة أيام استلمت 100 ريال سعودي، فشعرتُ أن الموضوع حقيقي”

استمرت أمل على هذا الحال شهرًا كاملاً، تمكنتْ خلاله من استرداد أموالها وسداد ديونها

لكنها تلقت صدمةً بعد توقف المنصة فجأة، وتبقى لها 50 ريالًا سعوديًا فقط

كانت تحلم بشراء “لابتوب” والسفر إلى الخارج، غير أن إغلاق المنصة بعثر أحلامها، وأدخلها في حالة اكتئاب بعد فقدان أموالها

رواية، امرأة أربعينية (اسم مستعار) من محافظة تعز، تعرفتْ على البرنامج عن طريق صديقة

حيث أخبرتها أنها ستجربه أولًا، وإذا نجحت التجربة ستدخلني فيه، وبالفعل أعادت أموالها وأقنعتني

وقالت: لم أكن أملك مالًا، فاقترضت 350 ريالًا سعوديًا من أحد أقاربي ودخلت في البرنامج

تتحدث لـ”المشاهد” عن فكرة البرنامج القائمة على عشر مهام يومية عبر الذكاء الاصطناعي

وتضيف: لكني لم أكمل أسبوعًا حتى اكتشفتُ أن الأمر مجرد خدعة، رغم عدم ثقتي بأي شيء عبر الإنترنت، إلا أني وقعت في الفخ”

تشعر رواية بالصدمة بعدما فقدت أموالها سريعًا، رغم قناعتها السابقة بعدم الثقة بأي نشاط استثماري عبر الإنترنت

وتؤكد أن التجربة كانت درسًا قاسيًا، قائلة: “لا أحد يمنح المال مجانًا سوى النصابين”

مشيرةً إلى أنها حمدت الله على الصحة والعافية، إذ ترى أن كل شيء يمكن تعويضه إلا فقدان الصحة

مع ازدياد الفضول حول منصات التداول الإلكترونية

كان أغلب اليمنيين الذين دخلوا منصة AITS يسألون عن طريقة عمل هذه المنصة وكيفية تحقيق الأرباح الموعودة

لكن ما بدا لهم في البداية فرصة للاستثمار الآمن تحول لاحقًا إلى خدعة مالية

واكتشف المستخدمون أن “روبوتات التداول” المزعومة المرتبطة بمنصات عالمية كانت مجرد واجهة لاستغلال أموالهم

عبد الباسط العريقي، أحد تجار منصة AITS من محافظة تعز

يوضح: “التطبيق ATS كان يبدو جيدًا، حيث يقوم بأعمال البيع والشراء، والاشتراك فيه سهل

ويتطلب رقم الهاتف والاسم الرباعي وصورة البطاقة ورقم الحساب البنكي، وهناك نحو 15 منصة مشتركة فيه مثل Binance وOKX

”التطبيق يتيح الاشتراك بروبوت واحد فقط

ويطلب رسوم للروبوتات تتراوح بين 30 دولار للـBitget بدخل يومي 1

2 دولار، و80 دولار للـKraken بدخل يومي 2

6 دولار

بالإضافة إلى 200 دولار للـBybit بدخل يومي 6

6 دولار

وتتمثل المهام اليومية بعشر مهام تستغرق عشر دقائق فقط، ولا يحتسب الأجر إلا بعد تنفيذها

عرف عبدالباسط التطبيق عبر عرض على “الفيسبوك”، وانضم في أبريل 2025، ثم دخل إلى مجموعة تيليجرام ضمت 4400 مشتركًا

بدأ بروبوت 30 دولار، وانتقل إلى 200 دولار بعد أن أقنعه مدير المنطقة بتجميد الروبوت بسعر 30 دولار إلى روبوت 200

وكان يحقق نحو 46 دولارًا أسبوعيًا، وشارك حوالي 22 شخصًا، 10 من أفراد أسرته بالإضافة إلى أصدقائه

وكانت الأرباح تضاف له بعد كل إضافة عضو عن طريقه

عبدالباسط يضيف: “الأرباح كانت جيدة في البداية، وكنتُ أتوقع أن أحصل على 1100 ريال سعودي في الأسبوع الأخير

لكن المنصة أغلقت فجأة في 18 أغسطس 2025

ربح المشتركين الأوائل، أما المنضمين في الشهر الأخير فخسروا

واسترجع بعضهم 25% من سحب الأسبوع الأول، وآخرين استرجعوا 50% من أموالهم في سحب الأسبوعين، ومن انضم بالأسبوع الأخير فخسر كامل المبلغ”

كان عبد الباسط أيضًا وسيطًا بين الأعضاء ومدير المنطقة التابع للتطبيق

وكان يحل أي مشاكل تواجه المشتركين الذين انضموا عن طريقه، مثل نسيان كلمة المرور أو المشكلات التقنية

عملية البيع والشراء في منصة AITS لم تكن تتم عبر البنوك أو شركات الصرافة بشكل رسمي

ولكن عبر نظام P2P، أي من شخص لآخر

كان المشتركون يجرون التحويلات بأنفسهم من خلال “الكريمي جوال” أو شبكات القطيبي للصرافة، ثم يؤكد التطبيق العملية ويخصم ويضيف المبالغ

يضيف عبدالباسط:”حدثت حملة على التطبيق في “الفيسبوك”، وبسبب تكرار التحويلات من قبل التجار أكثر من خمس مرات

واطلع الكريمي بطريقته الخاصة على هوية التجار المشتركين

وقام -خوفًا من الملاحقة- بوقف تحويلاتهم

فلجأ التجار إلى حيلة أخرى

تمثلت الحيلة باستخدام حسابات بأسماء أقاربهم لتفادي إيقاف التحويلات

وكانت شركة الكريمي للصرافة هي الوحيدة التي حاولت مواجهة التجار ومنع التحويلات

وظلتْ بقية الشركات، مثل القطيبي وغيرها، لا علم لها بما يحدث

عصام الأهدل، مدير قسم الائتمان في بنك اليمن والكويت

يؤكد: “عمليات التحويل لا تتم عبر البنوك نهائيًا؛ لأن البنوك لا تسمح بتحويل مبالغ دون مبررات وفواتير

وما يحدث عبر هذه المنصات يتم من خلال شركات تحويل كالكريمي والقطيبي، بعيدًا عن رقابة البنوك

ويضيف: “القانون اليمني لا ينظم عمل منصات التداول الإلكتروني، ولا توجد أي تصاريح من البنك المركزي لمثل هذه التطبيقات

ويستدعي هذا أن يعي الناس أنه لا وجود لمنصات تداول إلكترونية قانونية في اليمن، ويجب على الجميع تجنب الاشتراك فيها؛ لأنها تفتقد للرقابة والحماية”

مع ازدياد هذه المنصات الاحتيالية، يصبح الوعي والحذر هو خط الدفاع الأول

ويجب التأكد من التراخيص الرسمية لأي منصة قبل الاستثمار، والحذر من الإعلانات المضللة على “فيسبوك” أو “واتساب”

التقني الباحث في قضايا الابتزاز الإلكتروني، فهمي الباحث، يقول لـ”المشاهد”: “ازدادت المنصات الوهمية التي تدّعي تقديم خدمات استثمار وتداول عبر الإنترنت

وتسوّق هذه المنصات عبر إعلانات مضللة وتغري الناس بأرباح خيالية وسريعة دون مخاطر

وللحماية من الوقوع في فخها

ينصح فهمي الباحث بالتحقق من تراخيصها الرسمية، وتجنب مشاركة البيانات البنكية أو المعلومات الشخصية

كما يجب استشارة الخبراء عند الشك في أي منصة، المهم أن نفكر بعقلانية

ونتساءل: هل من المنطقي أن نحصل على أرباح كبيرة وسريعة دون جهد؟”

منصة AITS هي مثال صارخ على الخداع المالي الإلكتروني الذي يهدد حياة وأحلام الناس

فمن أمل التي فقدت حلمها بالسفر، إلى رواية التي خسرت أموالها، وصولًا إلى مئات اليمنيين الذين وقعوا في الفخ

ويظل الدرس الأهم: لا توجد أرباح سهلة وسريعة عبر الإنترنت إلا في مخيلة المحتالين

ولعل الحذر والوعي المالي هما السلاح الأقوى لحماية مدخرات الناس من الضياع

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير