لحج: أطفال “المسيمير” يدرسون في خيمة
منذ يوم
لحج- صلاح بن غالبفي إنجاز صغير ولكنه عميق المعنى، نجح مكتب التربية والتعليم في مديرية المسيمير بمحافظة لحج، جنوبي اليمن، من إلحاق عشرات الأطفال بمنطقة “الطنّان” إلى الصفوف الدراسية، عبر مبادرةٍ تطوعية
تعكس المبادرة الشغف بالمعرفة في مواجهة الفقر المدقع والانهيار المؤسسي للنظام التعليمي في البلاد
ولأول مرةٍ في تاريخ المنطقة، التحق أكثر من 40 طالبٍ -غالبيتهم من الفتيات- بالصفوف الدراسية المؤقتة التي لا تتعدى كونها خيمتين تم تجهيزهما على عجل
هذه الخطوة، رغم بساطتها، إلا أنها شكّلت منارة أملٍ لأطفال ظلوا لعقودٍ محرومين من حقهم الأساسي في التعليم
“نجحنا هذا العام في جذب الأطفال من منطقة الطنّان وإلحاقهم بالتعليم”
هذا ما قاله مدير مكتب التربية في المسيمير، وجدي طلحة، في حديثه مع “المشاهد”
وأوضح طلحة أن المبادرة تعتمد حاليًا على متطوعٍ لتعليم الأطفال
مشيرًا إلى أن الجهود مستمرة لتأمين مقابلٍ مادي له؛ كونه لا يشغل أي وظيفةٍ حكومية
لكن صورة النجاح هذه تخفي وراءها أزمةً مزمنة
ويكشف طلحة أن المديرية تضم 33 مدرسة
ويبلغ عدد طلابها نحو 11,500 طالبٍ وطالبة
كما تعاني نقصًا حادًا في الكادر التدريسي؛ بسبب توقف التوظيف الحكومي للمعلمين الجدد منذ أكثر من عقد
ويضطر مدراء المدارس الحكومية في ظل هذا الازدحام ونقص البنية التحتية إلى “التدريس تحت الأشجار أو داخل الخيام”
في ظل معاناةٍ مستمرةٍ من نقص المقاعد، وغياب الكهرباء والبيئة التعليمية المحفزة
وإلى جانب الانقسام في إدارة التعليم في اليمن نتيجة الصراع الدائر منذ مطلع 2015، يعاني النظام التعليمي في البلاد من عدم انتظام رواتب المعلمين، ونقص الكتب المدرسية
بالإضافة إلى تدهور قيمة العملة المحلية، التي تؤثر معيشيًا على انتظام المعلمين في التعليم
يقول طلحة: “إن الفقر هو العدو الأول الذي يَحول دون مواصلة مئات الأطفال تعليمهم
محذرًا من تداعياته الخطيرة على مستقبل المنطقة
وبسبب أن أغلبية السكان يعيشون تحت خط الفقر، يضطر الأبناء الذكور إلى ترك الدراسة والالتحاق بالسلك العسكري، أو أي أعمالٍ أخرى؛ بحثًا عن لقمة العيش
بينما تُجبر الفتيات على الانقطاع عن التعليم في ظل غياب البدائل التعليمية والمعيشية
مدير مكتب التربية في المسيمير، وجدي طلحة: إن الفقر هو العدو الأول الذي يَحول دون مواصلة مئات الأطفال تعليمهم
وبسبب أن أغلبية السكان يعيشون تحت خط الفقر، يضطر الأبناء الذكور إلى ترك الدراسة والالتحاق بالسلك العسكري، أو أي أعمالٍ أخرى؛ بحثًا عن لقمة العيش
بينما تُجبر الفتيات على الانقطاع عن التعليم في ظل غياب البدائل التعليمية والمعيشية
”وسط هذا المشهد المأساوي، يبرز دور القطاع الخاص كنقطةٍ مضيئة
وكشف طلحة أن “مصنع الوطنية للأسمنت” تدخّل لدعم استقرار العملية التعليمية، عبر التعاقد مع 34 معلمًا ومعلمة
ويتقاضى كل منهم راتبًا شهريًا قدره 50 ألف ريال يمني (نحو 31 دولار أمريكي)، في مبادرةٍ تمثل شريان حياة للتعليم
وفي مدرسة الطنّان المؤقتة، يتجسد شغف الأطفال بالتعلم
يقول المعلم المتطوع بالمدرسة، وديع أحمد حيدرة، في حديث مع “المشاهد”، إنه رصد “إقبالًا غير مسبوق” و”مثابرةً قوية” من الأطفال
رغم أنهم يدخلون المدرسة لأول مرةٍ في حياتهم
ويشير إلى أن الفتيات يتصدرنّ قوائم الإقبال
معلم متطوع، وديع حيدرة، مدرسة الطنان المؤقتة:منذ اللحظة الأولى لإنشاء الخيمتين، شهدنا إقبالاً غير مسبوق من الأطفال ذكوراً وإناثاً، وكانت المفاجأة في شغفهم غير المتوقع ومثابرتهم القوية على التعلم
“لكن حيدرة يحذر من تحدياتٍ تهدد استمرارية المشروع، أبرزها الحاجة المُلحة لمزيدٍ من المعلمين
وتأثير تقلبات الطقس السلبي على الأطفال داخل الخيام
ومع ذلك، يؤكد أن عزل المنطقة وحرمانها لم يقتلا في الأطفال “شغف المعرفة”، وأن هاتين الخيمتين لم تُعيدا الأطفال إلى التعليم فحسب، بل “أعادتا لهم كرامتهم وأملهم بمستقبل أفضل”
ارتياح المواطنين من حجم التغيير يعبر عنه المواطن سيف عبده سيف، من أبناء المسيمير
ويقول: “لطالما كان التعليم حلمًا بعيد المنال لأطفالنا، أما اليوم فقد أصبحنا نراهم ينهضون باكرًا متحمسين للذهاب إلى خيمتهم الدراسية”
معتبرًا أن الخيمة تحولت إلى “رمزٍ للأمل”
وفي نداءٍ عاجل، ناشد المواطن سيف عبدالله سعيد، الدولة والمنظمات الداعمة لقطاع التعليم بتحويل هذا “الحلم الصغير إلى واقعٍ دائم”، من خلال بناء مدرسةٍ حقيقية وتوفير معلمين دائمين
يأتي هذا في الوقت الذي لفت فيه مدير مكتب التربية، وجدي طلحة، إلى أن أي دعمٍ يصل من المنظمات الإنسانية في التعليم إلى مديرية المسيمير يكون “محدودًا وغير كافٍ”
وغالبًا ما يتركز “في المدارس الواقعة على الطريق المعبّد فقط؛ مما يُحْرِم القرى النائية من أي دعم”
يرسم المشهد في مديرية المسيمير بمحافظة لحج، صورةً مصغرة للمأزق التعليمي الأوسع في اليمن
حيث يبذل متطوعون ومانحون محليون جهودًا مؤقتة لإنقاذ جيلٍ من الضياع في ظل تراجع الدعم الحكومي المستدام
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير