لحج: تشققات في جبل تجبر السكان على النزوح

منذ سنة

أجبرت تشققات في جبل بمحافظة لحج، جنوب اليمن، السكان على النزوح وأثارت فيهم الخوف وسط حاجة السكان المتضررين للدعم العاجل

بدأت التشققات والصدوع قبل سنة من الآن في جبل نمان بعزلة العلقمة بمديرية المضاربة ورأس العارة غرب محافظة لحج، حسب المواطن جواد سلطان الحاكم، لـ”المشاهد”

ست أسر كانت تسكن بالقرب من التشققات، وقد نزحت إلى منطٌقة أكثر أمانًا، لكنهم بحاجة إلى الدعم، حسب تقرير الفريق الجيولوجي الحكومي الذي زار المنطقة

يقول الحاكم إن التشققات اتسعت أكثر خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما خلق حالة من التخوف لدى القاطنين أسفل الجبل من انهيارات صخرية، أجبرتهم على النزوح من المنازل إلى منطقة أكثر أمنًا

وأشار إلى أن السلطة المحلية بالمديرية تكفلت بإنزال فريق من المساحة الجيولوجية بمحافظة عدن، إلى المنطقة، لإجراء دراسة حول الظاهرة خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري

وصل الفريق الجيولوجي من قبل هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية بمحافظة عدن، إلى المنطقة للمعاينة وإجراء دارسة حول أسباب الظاهرة ووضع المعالجات المناسبة

وأوضح عضو الفريق الجيولوجي المهندس ياسر الحفيظي لـ”المشاهد” أن التشققات والفواصل التي ظهرت في جبل نمان تعود لعدة أسباب، منها العامل التكتوني، التركيب الصخري، التجوية والتعرية، كلها أسباب اجتمعت مع بعضها، فحصلت التشققات والفواصل

وأضاف الحفيظي أن ما حدث هو صدع بالقرب من قمة الجبل تسبب في إزاحة أفقية بمقدار 8 أمتار وإزاحة رأسية بمقدار 12 مترًا، في اتجاه 165 درجة في الطبقات العلوية من صخور (جنمبرايت – جولوميرات)، مشكلًا ضغطًا شديدًا على الطبقات السفلى، وهي طبقات هشة وضعيفة وأقل في السماكة

في سياق متصل، حصل ‘المشاهد” على نسخة من التقرير الصادر عن الفريق الجيولوجي من هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية بمدينة عدن، الذي عاين الظاهرة وأصدر تقريرًا خاصًا بها

يقع جبل نمان ضمن مديرية رأس العارة المطلة على أهم ممر مائي في المنطقة، وهو مضيق باب المندب، غرب اليمن

يتميز الجزء الغربي من البلاد بأنشطة زلزالية مستمرة، بالرغم من أنه لم تسجل أي اهتزازات بدرجات مؤثرة حدثت في الماضي، حد قول التقرير

ولكن ومع ذلك فإن شبه جزيرة عدن لاتزال في نطاق الزلازل النشطة في خليج عدن

تعتبر جيولوجية منطقة جبل نمان جزءًا لا يتجزأ من جيولوجيا اليمن الخاصة ببركانيات اليمن، فالبراكين هي من أوسع النطاقات البركانية القلوية في العالم، وتحتل مساحة 50

000كم مربع، بواقع 10% من إجمالي مساحة اليمن

وبحسب التقرير، فإن البراكين تنقسم إلى مجموعتين في اليمن؛ الأولى تعرف ببراكين العصر الثلاثي (Yemen trap series)، والتي تقع عليها منطقة الدارسة، وهي براكين تكونت في أواخر الأليجوسين حتى بداية الميوسين، أي ما قبل 30 مليون سنة وحتى 16 مليون سنة، مكونة من وحدات بركانية سميكة متمثلة بسريان الحمم والسدود والقواطع، وكذلك الصخور البازلتية، وهي أقدم الصخور في هذه المجموعة، والصخور الحمضية المكونة من صخور الريولات والبيرو كلاستك مثل التف، وتحتوي على أحجام مهمة من الأجنمبرايت ذات الألوان المختلفة، إضافةً إلى الرماد البركاني والزجاح الريوليتي، حيث تمثل الصخور الحمضية الجزء العلوي من هذه المجموعة، وبالتالي فإن الفواصل والصدوع المرتبطة بهذه المجموعة اتجاهها (شمال غرب – جنوب شرق)، أي موازية لاتجاة انفلاق البحر الأحمر

أما المجموعة الثانية فتعرف بسلسلة اليمن البركانية (Yemen volcanic series)، والتي تعود نشأتها من نهاية حقب الميوسين وحتى عصرنا الحاضر، والتي تتكون من صخور بازلتية مع تباين في الصخور الحمضية قليلة الأهمية من حيث الحجم والانتشار، وتتميز صخور هذه المجموعة بالتركيب الطبقي للحمم البركانية، وبأشكالها المخروطية والقباب والصفائح والحمم السريانية

وكشف التقرير أن الفواصل والصدوع بهذه المجموعة لها اتجاه (شمال شرق – جنوب غرب)، أي أنها موازية لاتجاه انفلاق خليج عدن، مثلت البراكين الجزء الغربي من اليمن، المنتشرة على طول سواحل البحر الأحمر والجزء الغربي لخليج عدن، والمعروفة ببراكين العصر الثلاثي المندرجة تحت المجموعة الأولى، أما الجزء الجنوبي الواقعة تحت ما يعرف بسلسلة اليمن البركانية، فمرتبط بشكل وثيق باتساع خليج عدن، وما يطلق عليه المحيط الجنيني في خليج عدن

كما كشف أن براكين عدن كانت نشطة منذ ما قبل 5-10 ملايين سنة، وظلت على نشاطها إلى ما قبل 1

5-1 مليون سنة

منوهًا إلى أن النشاط البركاني في هذه المنطقة مرهون بتجديد اتساع قاع محيط خليج عدن

وأشار التقرير إلى أن حدوث التشققات والفواصل يرجع بدرجة كبيرة للعامل التكتوني، خصوصًا أن التشققات والفواصل الأساسية تأخذ اتجاه الصدوع القديمة لاتجاة انفتاح البحر الأحمر (شمال غرب – جنوب شرق)، والتي أدَّت لتكون الصخور البركانية بهذه المنطقة

ولفت إلى أن الفريق الجيولوجي اعتمد على العامل التكتوني في هذه الدراسة بدرجة رئيسية، لاسيما أنه يتحكم في كل الصدوع التي أدت إلى الضعف في الكتل الصخرية، بخاصة أن اليمن يحدها اثنان من الفوهات الإقليمية النشطة والحديثة نسبيًا، والتي تسببت في تحريك الصحيفة العربية بعيدًا عن الصحيفة الإفريقية في اتجاه شمال شرق، منذ أكثر من 40 مليون سنة، فالبحر الأحمر يقع بين تلك الصحيفتين، بينما خليج عدن يقع ما بين الصحيفة العربية والصومالية

خلصت الدراسة إلى أن الوحدات الصخرية المكونة لمنطقة الدراسة غير مستقرة، واحتمال انزلاقها يشكل خطرًا كبيرًا نظرًا للتصدعات القديمة في المنطقة

ويوصي التقرير بضرورة إبعاد الساكنين عن منطقة الشقوق والفواصل، والتي حددت بشكل كبير شبه دائري في قطر يقدر بـ500 متر، ومساحة إجمالية تقدر بـ10

3000 متر مربع، وعدم السماح بأي نشاط بشري في إطار المنطقة المتضررة، مثل الرعي وتسكين المواشي وتخزين المنتجات الزراعية وغيرها، نظرًا لعدم استقرارية المنحدر

ووجَّه دعوة إلى قيادة السلطة المحلية بالمحافظة والمديرية لتعويض السكان في المنطقة المتضررة، بخاصة أن عددهم قليل، بعد اضطرارهم للنزوح في أماكن لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة

ليصلك كل جديد