لمياء الكندي : فلسطين بين صاروخ الدبلوماسية السعودية وعوادم الصواريخ الإيرانية

منذ 4 ساعات

لمياء الكندي القضايا الكبرى ليست مجرد أرقام، ولا هي دماء تُسفك أو صواريخ تُطلق في الفضاء

إنها روح تتشكل في وعي الإنسان، ومسار يفرض نفسه على التاريخ قبل أن يُفرض على ميزان القوى

اليوم، تبدو القضية الفلسطينية وكأنها تقف على مفترق طرق بين مسارين: صاروخ الدبلوماسية السعودية الذي يشق طريقه بهدوء نحو الشرعية الدولية، وعوادم الصواريخ الإيرانية واليمنية التي تملأ الفضاء دخانًا وضجيجًا، ثم تتلاشى، تاركة أثرها الوحيد التلوث الرمزي والمادي، كما لو أن قوتها مجرد وهم عابر

الاعتراف الأخير الذي منحته فرنسا وبريطانيا والبرتغال إلى جانب دول أخرى بالدولة الفلسطينية ليس حدثًا بروتوكوليًا فحسب، بل هو حصاد عقود من الجهد الدبلوماسي السعودي

المملكة التي صنعت مبادرة السلام العربية، والتي وضعت فلسطين في صميم سياساتها الخارجية، أثبتت أن القوة ليست دائمًا في فوهة البندقية، بل في القدرة على تحويل التعاطف الأخلاقي إلى التزام سياسي وقانوني يُلزم العالم

الدبلوماسية ليست ترفًا، ولا ضعفًا، بل سلاح ينسج خيوط التحالفات، ويحرك مواقف الأمم، ويجعل القضية الفلسطينية حاضرة في المحافل الدولية، حتى لدى الدول التي كانت تنظر إليها ببرود أو انحياز مسبق

بينما يراقب العالم كيفية تعامل المملكة مع الضغوط الأمريكية نحو التطبيع، نجدها تتجاوز هذه الضغوط، فتخلق مسارًا عالميًا يقود نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتحوّل التعاطف العاطفي إلى التزام ملموس

قبل عام، كان العالم منشغلًا بفكرة التطبيع العربي–الإسرائيلي كخطوة أولى نحو سلام مرتقب، أما اليوم، فتتغير السياسات الدولية بقيادة المملكة، فتنعطف المسارات، وتُرسخ الاعتراف الدولي بفلسطين

عشرات الدول الأوروبية والعالمية تعترف بفلسطين كدولة، وهذا منجز تاريخي، نتاج صبر ومثابرة الفلسطينيين وأصدقائهم على مدار عقود

الدبلوماسية السعودية حوّلت المسار العالمي من تضامن أخلاقي إلى التزام سياسي ملزم

القوة هنا ليست صاروخًا ينطلق، ولا بيانًا يُذاع، بل أثر يبقى في التاريخ، ويعيد تشكيل وعي الأمم، ويصيغ المعايير العادلة ضمن أطر مؤسساتية دولية تحميها وتُعترف بها

القضية الفلسطينية اليوم تختبر نموذجين متناقضين: قوة الدبلوماسية السعودية التي تبني الاعتراف الدولي وتحوّل فلسطين إلى قضية ضمير عالمي، وقوة الصواريخ الإيرانية–اليمنية التي تنتهي إلى دخان عابر، بلا أثر استراتيجي

إنها مقاومة بلا بوصلة، وشعارات بلا جوهر، تتحول فلسطين فيها إلى وسيلة لاستعراض القوة، لا إلى قضية تنتصر

طهران، عبر أدواتها وأذرعها، تعيد صياغة الحقيقة لتخدم مشاريعها الإقليمية، في حين أن الرياض تفهم أن فلسطين قضية أمة، تحتاج إلى بناء وعي وتحالفات وقرارات أممية

الرياض تدرك أن فلسطين لا تُستعاد بالشعارات، بل بالحقائق التي تُلزم العالم، أما طهران فتعامل الدم الفلسطيني كوسيلة لتعزيز حضورها في خرائط النفوذ، وكأن فلسطين مجرد منصة للعرض

الانتصار لفلسطين ليس في عدد الصواريخ أو البروباغاندا الإعلامية، بل في القدرة على تحويلها إلى قضية ضمير كوني، حاضرة في القانون الدولي، وفي وعي الشعوب، وفي إرادة العالم الحر

بين دخان الصواريخ العابر، ورؤية السعودية التي تصنع التاريخ عبر الاعتراف الدولي، يتجلى الفارق بين وهم القوة وبقاءها الحقيقي

الدبلوماسية ليست لغة الضعفاء، بل سلاح العاقلين

الانتصار ليس لحظة انفعال، بل مسار يفرض نفسه على العالم

 السعودية، بحركتها المدروسة، تُعيد تعريف القوة: قوة تحوّل الصمت الدولي إلى صوت، والتعاطف العاطفي إلى موقف ملزم، قوة تُصان بها القضايا العادلة من التلاشي في ضجيج اللحظة ومازلنا في اليمن حتى هذه اللحظة نعول على السياسة السعودية في إيجاد بنية قوية للدولة اليمنية وفرض واقع إقليمي محلي يتماشى مع أمن اليمن والمملكة   تفرضها روابط عدة يتقاسم من خلالها البلدين وحدة الانتماء والفكر  وأهداف السياسة و تطلعات الشعبين