ما سر اهتمام واشنطن بمحافظة حضرموت؟

منذ 9 أشهر

حضرموت- مازن فارسفي الأعوام القليلة الماضية، أصبحت محافظة حضرموت، شرقي اليمن، محل اهتمام كبير للولايات المتحدة الأمريكية، وتتابعت زيارات عدد من السفراء والمسؤولين العسكريين الأمريكيين إلى هذه المحافظة الغنية بالنفط

آخر هذه الزيارات كانت في 30 أغسطس 2023، إذ وصل السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاغن والوفد المرافق له إلى حضرموت، والتقى خلالها مسؤولين في السلطة المحلية وقيادات في الجيش والأمن وزعماء القبائل وممثلي المجتمع المدني

لقاءات فاغن والمسؤولين هناك وصفتها السفارة الأمريكية في اليمن بأنها “مثمرة”، حيث جرت مناقشة ملف الإرهاب وقضايا أخرى ذات صلة بالشأن السياسي والاقتصادي والأمني والخدمات والجهود المبذولة لإحلال السلام في البلاد، بحسب إعلام السلطة المحلية في حضرموت

لكن يرى مراقبون أن هناك أبعادًا أخرى للاهتمام الأمريكي بحضرموت

فمنذ عام 2019 ، قام دبلوماسيون وعسكريون من الولايات المتحدة الأمريكية بتسع زيارات علنية إلى حضرموت

بُعد اقتصاديكانت الزيارات التي قام بها عدد من المسؤولين الأمريكيين تركز على المكلا عاصمة حضرموت، لكن الزيارة الأخيرة للسفير فاغن ركزت على مدينة سيئون، وهي أول رحلة يقوم بها سفير أمريكي إلى هذه المدينة منذ أكثر من 10 سنوات

يرى الصحفي والمحلل السياسي مثنى باظريس أن زيارة فاغن إلى سيئون مرتبطة ببعد اقتصادي، مشيرًا في حديثه لـ”المشاهد” إلى أن مدينة سيئون “تستند إلى وجود الخزان النفطي الاستراتيجي للبلاد، وتعتبر سيئون والمديريات المجاورة لها مناطق امتياز للشركات النفطية التي ترفد خزينة الدولة ٨٠% من موازنتها العامة”

تتمتع حضرموت بإطلالة واسعة ومهمة على بحر العرب والمحيط الهندي، ويوجد فيها أهم القطاعات الإنتاجية النفطية ضمن حوض المسيلة – سيئون الذي تعمل فيه شركات بريطانية ونرويجية وكندية في إنتاج النفط والغاز

ونظرًا لهذه الأهمية الاقتصادية لحضرموت، تهتم الولايات المتحدة الأمريكية بهذه المحافظة لتحقيق مصالح غير مباشرة تستفيد منها على الأقل في توازنات وأسعار سوق الطاقة العالمي

 بالإضافة إلى ذلك، فإن التداعيات الناتجة عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا أضافت أبعاد اقتصادية أخرى لهذا الاهتمام الغير المسبوق بحضرموت خصوصًا فيما يتعلق بالحاجة إلى موارد الطاقة

زيارة فاغن “التاريخية”  – حسب وصف سفارة واشنطن في اليمن – إلى مدينة سيئون التي تعد مركزًا لمديريات وادي وصحراء حضرموت، ناقشت الملف الأمني والعسكري، حيث كان هناك لقاء بين فاغن ووزير الداخلية إبراهيم حيدان، وقائد المنطقة العسكرية الأولى اللواء صالح طيمس

طوال السنوات الماضية، ظلت سيئون التي يطلق عليها سكانها اسم “مدينة السلام” مكانًا بعيدًا عن الصراع وملاذًا لاستقرار النازحين ومساحة آمنة لـ”كثير من الوزارات التي تلجأ إليها عندما يحتدم الصراع في مناطق أخرى من البلد”، بحسب باظريس

لكن التوترات التي تحدث بين فترة أخرى في وادي حضرموت على خلفية مطالبة المجلس الانتقالي الجنوبي بخروج المنطقة العسكرية الأولى تهدد بعدم استقرار الوضع هناك

ويرى محللون أن زيارة السفير الأمريكي إلى وادي حضرموت كانت بمثابة رسالة واضحة لجميع الأطراف بإيقاف افتعال الصراعات الداخلية هناك، وأنه ينبغي أن تكون حضرموت مرتكزًا للسلام

مكافحة الإرهابوبالنظر إلى اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بحضرموت فإننا نرى أنه يتمحور وفق دوافع رئيسة أبرزها مكافحة الإرهاب، ويعد هذا الملف أولوية قصوى لها، وأهم المحركات التي تقف خلف الزيارات المتكررة لمسؤوليها إلى هذه المحافظة

في هذا السياق، يرى أستاذ إدارة الأزمات والصراعات نبيل الشرجبي أن “مواجهة تنظيم القاعدة هو أحد أسباب الاهتمام الأمريكي، خاصة بعد انتهاء الحرب في افغانستان وهروب عديد من قيادات القاعدة إلى اليمن وحضرموت خاصة، ويقال إن إيران لعبت دورًا في ذلك الأمر لخلط الأوراق ضد الحكومة المتعرف بها دوليًا”

 كما أن الاهتمام الأمريكي بالمحافظة يأتي في إطار “مواجهة النشاط الصيني المتزايد في إفريقيا أو في المحيط الهندي الذي يعتبر منطقة الصراع القادم في القرن الواحد والعشرين بين الصين والولايات المتحدة”، بحسب الشرجبي

وأوضح الشرجبي في حديثه لـ”المشاهد”، أن هذا الاهتمام يأتي ضمن أنشطة الولايات المتحدة “للقيام بعمليات تدريب لبعض العناصر اليمنية تتعلق بمواجهة الارهاب والتعامل مع عمليات الإبرار البحري ورفع قدرات العناصر اليمنية في استخدام مختلف الأسلحة البحرية”

لكنه يقول: “لا يستبعد أن تظل تلك القوات الأمريكية والبريطانية لفترة طويلة في حضرموت تحت غطاء التدريب”

“ثقل سياسي واستراتيجي”الصحافي اليمني عمار بن جوهر يرى أن دخول القوات الأجنبية أو الدبلوماسيين الأجنبيين إلى البلد يعد أمرًا غير مستغرب في ظل اختطاف القرار اليمني، وفي ظل وضع اليمن تحت البند السابع

وفي عام 2016، اعتمد مجلس الأمن القرار 2216 وفرض بموجبه عقوبات ضد بعض قادة جماعة الحوثي، والقوات الموالية للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، ويتم تجديدها سنويًا

يضيف بن جوهر لـ “المشاهد” أن “الثقل السياسي والاستراتيجي” الذي تمثله حضرموت للبلاد هو أحد أسباب الاهتمام الأمريكي، وليس دقيقًا أن ننظر إلى هذا الأمر وكأنه مؤامرة

يتوقع بن جوهر أن تنعكس الزيارات المتكررة للمسؤولين الأوروبيين والأمريكيين إلى حضرموت إيجابًا على مسار العملية السياسية في اليمن، وتحديدًا فيما يتعلق بمستقبل مجلس حضرموت الوطني أو مشروع المجلس الانتقالي في محافظة حضرموت”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير