محمد مصطفى العمراني : قصة حقنة الولادة للرجل المريض
منذ 9 ساعات
محمد مصطفى العمراني حين انتهت الدورة التدريبية للمتطوعين في الإسعافات الأولية فوجئ الطبيب المصري ربيع ثروت بالشيخ أحمد ناجي يأتي إلى الوحدة الصحية قائلا:_ وأنا أشتي أوقع دكتور
صدم الطبيب بحديثه ونظر إلي فقلت للشيخ:_ يا شيخ هذه كانت دورة لمتطوعين ليقوموا بالاسعافات الأولية في قراهم
قاطعني:_ أشتي أوقع دكتور والا دكتور
ضحك الطبيب وقال له ممازحا:_ يا شيخ أحمد أنت أكبر من الكلام ده، أنت الكل بالكل
رمى الشيخ بعمامته وجمبيته إلى الأرض قائلا:_ بلا شيخ بلا زفت أشتي أوقع دكتور والا شتقع يوم جن
ثم أضاف مهددا الطبيب:_ إذا رفضت تعلمني الطب سأغلق الوحدة الصحية وأحول المبنى إلى مأوى للغنم
!ثم غادر الوحدة الصحية وهو يزفر غاضبا ووجهه أسود كالليل الأظلم
أمسك الدكتور ربيع برأسه قائلا:_ يا نهار أسود
والله وطبلت على دماغك يا ربيع يا بن تهاني دا مجنون ويعملها
ثم عاد يضرب كفا بكف فلم يكن يخطر بباله أن يركب الشيخ رأسه ويصر على أن يتحول في عشية وضحاها إلى طبيب والا سيغلق الوحدة الصحية
!!ووجدنا أنفسنا أمام مشكلة كبيرة فالشيخ اذا عصب وركب رأسه لن يتراجع أبدا
ونحن لا نريد مشاكل مع أحد ناهيك عن الشيخ
وغرقنا في تفكير مرهق ثم وجدت الحل
اقترحت على الطبيب أن نذهب بالشيخ إلى مكتب الصحة في مدينة إب، ونطرح عليهم القضية، ونطلب منهم إلحاقه بأي دورة تدريبية لمتطوعين، وبعدها يعمل في مساعدته بالوحدة الصحية
فرح الطبيب بهذا الحل ثم سألني:_ تفتكر الشيخ يوافق؟_ سيوافق
اترك الأمر لي وسأقنعه
حملنا عمامة الشيخ وجمبيته وذهبنا إليه حيث كان يجلس تحت شجرة ينتف لحيته وهو شارد
وحينها ناديته:_ أبشر يا شيخ تواصلنا بمكتب الصحة في إب وطرحنا عليهم رغبتك في تعلم الطب فوافقوا ولابد أن نتحرك الآن
وأشرق وجه الشيخ بفرحة فقير وجد رزمة دولارات في الطريق فقال:_ هيا تحركنا
قلنا له:_ لكننا نحتاج مصاريف وإمكانيات
_ تحركنا وكل طلباتكم علي
أغلقنا الوحدة الصحية وتحركنا بسيارة الشيخ إلى إب
وهناك أشترينا له عدة بدلات، ثم ذهبنا إلى مكتب الصحة وطرحنا عليهم الأمر فقالوا:_ هناك دورة تدريبية للمتطوعين في الإسعافات الأولية في مديرية السدة وستبدأ من غدا هنا في مدينة إب ويمكننا أن نلحق الشيخ بها بصفة استثنائية
وانتظم الشيخ في الدورة التدريبية واشترينا له بالطو أبيض وسماعة ونظارة طبية فبدا كأنه طبيب أفنى عمره في مهنة الطب
! عدنا إلى القرية وتركناه في إب وبعد أسابيع عاد الشيخ ومعه شهادة المشاركة في الدورة التدريبية وهو مزهوا بها وكأنها شهادة طبية من أرقى الجامعات الألمانية
!وفور عودته جاء إلى الوحدة الصحية بصفته طبيب جاهز للعمل وحينها أخذته جانبا وهمست له:_ أنت الآن يا شيخ دكتور أمام الجميع لكن نصيحتي لك بأن تستفيد من تجربة الدكتور ربيع وتساعده علشان تأخذ الخبرة منه
هز رأسه موافقا وهو يكاد يطير فرحا
ومن يومها تحول الشيخ أحمد ناجي إلى الدكتور أحمد وتحول الطبيب ربيع إلى أستاذه يأمره فينفذ فورا
وكان الشيخ يدعونا بشكل دائم إلى منزله ويمنع حضور أي شخص آخر قائلا:_ هذا اجتماع مغلق على الأطباء وصديقهم محمد مصطفى
وحين جاء ولده وناداه:_ يا أباه
قاطعه:_ أباه في عينك قل: يا دكتور
وكتمت والطبيب ضحكة كادت تنفجر منا فالشيخ صدق نفسه أنه طبيب فعلا
! وتخلى الشيخ عن حل مشاكل الناس وتفرغ للطب وكتب الطب فكان الناس يأتون إلى الوحدة الصحية فيطردهم فيعودون ثانية وثالثة مما اضطر الدكتور ربيع للتدخل أحيانا وحل مشاكل الناس كأنه شيخ قبلي
!وظل الشيخ على هذا الحال حتى سافر الدكتور ربيع إلى إب ليأتي بالأدوية وحينها جاء أحد المرضى يشكو من حمى شديدة فقام الدكتور أحمد وجس نبضه وحرارته ثم وضع السماعة في صدره ثم طمأنه قائلا:_ بسيطة سأضرب لك حقنة مهدئة وستهدأ فورا
وبدلا من أن يضرب له حقنة فولتارين أو ابروفين مهدئة للحمى أعطاه حقنة سينتوسينون المحفزة للطلق والتي تعطى للمرأة في حالة الولادة المتعسرة، وحينها دخل ذلك المريض في نوبة تشنجات شديدة وهو يكاد يخرج أمعاءه من معدته
!وخيم على الشيخ أحمد رعب مخيف وارتبك ولم يدر كيف يفعل؟!مررت بشكل عابر على الوحدة الصحية فتشبث بي وطلب نصيحتي فوجهته لاسعاف المريض إلى أقرب وحدة صحية فورا
حين شرعنا بنقله إلى السيارة وصل الدكتور ربيع كأنه نجدة جاءت من السماء، ولما رآه صرخ فينا:_ إيه اللي عملتوه في العيان ده الله يخرب بيوتكو؟! ثم أسرع يعطيه حقن أبطلت مفعول حقنة السينتوسينون، ثم أعطاه مهدئ وخافض للحرارة بعد ذلك، إضافة إلى مغذيات حتى تعافى
ومن يومها ترك الشيخ أحمد ناجي الطب وعاد إلى المشيخة
!