مدير المكتب الفني للمشاورات محمد العمراني لـ«المشاهد»: لا توجد وثيقة تفصيلية شاملة عن خارطة السلام
منذ 10 أشهر
عدن – شذى سعيد تعثرُ المفاوضات بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي خلال ست جلسات علنية من المشاورات، جعل التكهن بموعد إيقاف الحرب في اليمن “أمرًا صعبًا”
الحرب التي بدأت عقب سيطرت جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/آيلول عام 2014، وخروج الرئيس عبد ربه منصور هادي منها إلى عدن، وطلبه التدخل العسكري لإنقاذ سلطته الشرعية؛ فتح النار على بلد من أفقر البلدان العالم
اليوم، وبعد مرور عقد من الحرب، تغيرت ملامح الوضع، كما تغير الرئيس، وارتفع الحديث عن خارطة السلام في اليمن وجاهزيتها، عقب إعلان المبعوث الأممي الوصول لتفاهمات بين الحوثيين والحكومة في ديسمبر/كانون أول الماضي، لم يفصح عن فحواها
جاء ذلك بالتزامن مع إعلان السعودية دعوتها الأطراف اليمنية للتوقيع على خارطة السلام، التي لا يعلم أحد ببنودها حتى الآن
مدير المكتب الفني للمشاورات ورئيس المركز الوطني للمعلومات، محمد العمراني، أوضح في حوار خاص مع «المشاهد» أن الخارطة المعلن عنها ما هي إلا إطار عام لتفاهمات بين الطرفين
وقال العمراني، إن تلك التفاهمات بدأت عبر وساطة سعودية بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، بعد تعثر المفاوضات؛ نتيجة ما وصفه بـ”الصلف الحوثي”
وأضاف: هذا الإطار قائم على ثلاث مراحل، تبدأ بتفاهمات تخص الجانب الإنساني، ثم الاقتصادي، وأخيرًا السياسي، وبما يرتبط به كل جانب من تفاصيل، ولكل محور فترة محددة
التصعيد الحوثيفتح ميناء الحديدة، ومطار صنعاء الدولي، أوحى ببدء تنفيذ تلك التفاهمات؛ بهدف التخفيف من وقع المعاناة الإنسانية -بحسب العمراني- غير أن التصعيد الاقتصادي للحوثي أعاق كل شيء
بدأ الحوثيون بضرب ميناء الضبة بمحافظة شبوة؛ ما منع تصدير النفط، مرورًا بسك العملة، وانخراطهم في الأعمال العسكرية ضد السفن بالبحر الأحمر؛ ما عقّد الوضع وجعله يتباطأ إن لم يكن توقف، وفقًا للعمراني
يصف العمراني الخارطة، بأنها أمور تم التفاوض حولها من قبل، عبر مكتب المبعوث الأممي، ولكنها تعثرت نتيجة لرفض الحوثيين كافة الخيارات المطروحة حينها
ويواصل: تضمنت الخارطة تفاصيل اقتصادية وسياسية، وستخضع لنتائج حوارات كان المفترض أن تتم بين الحكومة والحوثيين في مرحلة سابقة، وهذا لم يتم حتى الآن
وينفي العمراني تحفظ الحكومة على سرية الخارطة، موضحًا أن المبادرة السعودية جاءت من أجل اختبار فرضية السلام باعتبار أن الحرب خيار والسلام خيار، بحسب السعوديين، الذين اختاروا الذهاب للسلام عبر دور وسيط
القوى السياسية اليمنيةبادرت الرياض في الدفع بعجلة السلام، ووصل سفيرها محمد آل جابر إلى صنعاء مصافحا رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، مهدي المشاط
يأتي ذلك وسط عزوف جميع القوى السياسية اليمنية عن زيارة صنعاء؛ خشية ملاقاة مصير السياسي اليمني محمد قحطان المخفي قسرًا في سجون الجماعة منذ 10 سنوات
ووفقًا للعمراني، فالفريق التفاوضي يتم تشكيله بقرار حكومي يراعى فيه التمثيل السياسي والجغرافي والاختصاصي، بحسب حاجة التفاوض وموضوع التفاوض
ويضيف: الأحزاب السياسية لم تكن تشارك بشكل رسمي في كل فترات التفاوض السابقة، مشيرًا أن ما جرى هو وساطة سعودية، في محاولة لوضع إطار يقوم على أساس وقف الحرب واختبار هذا الخيار
العمراني كشف أن هذا الإطار يتم التداول بشأنه مع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في اليمن
قاعدة التفاوضتنازلات قدمتها الحكومة اليمنية في سبيل الوصول لاتفاق إيقاف الحرب، واستئناف صرف مرتبات موظفي الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين عبر إيرادات ميناء الحديدة، أخرها كان التراجع عن قرارات البنك المركزي بعدن بعد الضغط الأممي
وهنا، يبرز السؤال، ما هي الخطوط الحمراء التي لن تقبل الحكومة بتجاوزها؟، ليجيب العمراني أن قاعدة التفاوض تقوم على أساس أن هناك جماعة تفرض نفسها بقوة السلاح على الشعب اليمني عبر إسقاط عاصمة البلاد وتدمير مؤسسات الدولة وضرب هوية الوطن
مضيفًا: نحن بلد جمهوري يقوم على نظام ديمقراطي أساسه المواطنة المتساوية ويحكمه القانون، ولا يمكن القبول بما يتعارض مع هذه القواعد
المخلافي اعتبر أن أي عملية سلام تتعارض مع سيادة الشعب وحكم القانون وفرض قوة السلاح سيرفضها الشعب اليمني
وبالعودة لدور السعودية في الحرب، والتي تقدم نفسها فيها كوسيط، بينما يراها الحوثيون طرفًا يقول العمراني: “هذه المعركة منذ لحظتها الأولى كانت مفروضة على الشعب اليمني كله، وقامت قبل أن يكون هناك تحالف”
ويرى العمراني أن مشكلة الحوثيين هي في الأساس مع الشعب اليمني ومع مؤسسات الدولة اليمنية التي تمثله، معتقدًا أن أي حلول تتجاوز ما وصفها بـ”الحقيقة” ستكون غير واقعية
ويرجح العمراني سبب تأخير التوقيع على الخارطة إلى عدم وجود تفاوض بين الحكومة والحوثيين على التفاهمات المعدة مسبقًا، مشيرًا إلى غياب وثيقة تفصيلية شاملة حتى يكون هناك حديث عن التوقيع
متطلبات السلاميتفق الجميع على أن السلام ليس مجرد رغبة، بل يحتاج إلى استعدادات مثله مثل الحرب، وهذه هي أعقد مشكلة، بحسب العمراني، الذي أشار إلى أن الحوثيين لم يكونوا يومًا شريكًا حقيقيًا في السلام، وشبههم بـ«آلة حربية لا نفع لها إلا في الحرب»
ويطرح العمراني جملة من سلوكيات الجماعة تعكس –حد قوله- عقليه من لا يرغب بالسلام، وهي استمرار التحشيد العسكري، والاستثمار في السلاح والخنادق والاعتقالات وتعبئة المجتمع في المدارس والجوامع بالكراهية والتحريض
بالإضافة إلى تحويل المدن الواقعة تحت قبضتهم إلى معتقلات كبيرة كل أفرادها مشتبهون وجواسيس وخصوم ومنافقون ومرتزقة، واحتكار الوظيفة العامة على أساس النسب، وتصفية ما تبقى من الدولة ونهب المال العام وإفقار المواطنين ودفعهم للتجنيد
وقال العمراني: هذه المظاهر لا تشكل ظروفًا ملائمة لأي سلام
وأضاف: فرص نجاح السلام مع جماعة الحوثي تتضاءل؛ لأن هذه الجماعة ترى أن وجودها مرهون بالحرب والقتال، لاقتًا إلى أنها ستدمر كل فرصة للسلام وستقفز بالمجتمع من حرب إلى أخرى
وأشار العمراني إلى أن الحرب بالنسبة للجماعة هي “استثمار مربح” يجعل كل موارد البلاد في يدها، ولا يمكن لأحد أن يحاسبها دون أن يتحول لخائن أو جاسوس أو عميل ومرتزق
واختتم العمراني حديثه مع «المشاهد» بالإشارة إلى أن تغيير هذه العقلية هو من سيخلق السلام، وهي مسألة تجعل معظم اليمنيين يعتقدون بأن السلام في اليمن بعيد المنال حيث يجعل الحوثيون الطريق الوحيد إليه هو الحرب
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير