مذبحة عدن 1986: كيف تم اغتيال عبد الفتاح إسماعيل وتصفية قيادات الحزب الاشتراكي؟

منذ 8 ساعات

شهدت عدن في 13 يناير/كانون الثاني 1986 واحدة من أكثر الفصول دموية وتعقيدًا في تاريخ اليمن الجنوبي، حين اندلع صراع مسلح داخل الحزب الاشتراكي اليمني، أسفر عن مذبحة قضت على عدد كبير من قيادات الحزب، وأدت إلى مقتل الرئيس السابق عبد الفتاح إسماعيل، مؤسس الحزب ومهندس مشروعه الأيديولوجي

جاء هذا الصراع في سياق صراعات سياسية عميقة نشأت منذ استقلال جنوب اليمن في 1967، بين جناحين متصارعين داخل الحزب الاشتراكي: تيار راديكالي بقيادة عبد الفتاح إسماعيل، الذي تبنى مشروعًا ماركسيًا صارمًا، وتيار معتدل يقوده علي ناصر محمد، الذي حاول إعادة السياسة نحو اعتدال وبراغماتية

رغم محاولة التفاهمات وإعادة توزيع السلطة في 1985، إلا أن الانقسامات بقيت عميقة، وبلغت ذروتها في الأحداث العنيفة عام 1986

في 13 يناير، شن الحراس الشخصيون للرئيس علي ناصر محمد هجومًا مفاجئًا خلال اجتماع المكتب السياسي للحزب، مستهدفين أبرز القيادات، مما أدى إلى اشتباكات مسلحة اندلعت بسرعة داخل المدينة

قتل في الاشتباك الأولي نائب الرئيس علي أحمد ناصر عنتر، ووزير الدفاع صالح مصلح قاسم، ورئيس دائرة الانضباط الحزبي علي شائع هادي

بينما نجا عبد الفتاح إسماعيل من الهجوم المباشر، لكنه قتل لاحقًا في ذات اليوم، على الأرجح نتيجة قصف مدفعي شنته وحدات بحرية موالية لعلي ناصر محمد

امتدت المعارك في عدن لأكثر من 12 يومًا، مخلفة بين 4 آلاف إلى 10 آلاف قتيل، ودمارًا واسعًا، فيما فرّ علي ناصر وأنصاره إلى اليمن الشمالي، حيث حظوا بدعم سياسي ولوجستي

في أعقاب المذبحة، برز علي سالم البيض كأحد الناجين القلائل من تيار إسماعيل، ليصبح شخصية مركزية في مرحلة ما بعد الحرب وحتى الوحدة اليمنية

في السنوات الأخيرة، وتحديدًا في تصريحات عام 2021، ألمح حيدر أبو بكر العطاس، آخر رئيس لجنوب اليمن، إلى تورط علي سالم البيض وبعض القيادات في استدراج عبد الفتاح إسماعيل إلى موقع مقتله، في خطوة اعتبرها مراقبون إشارة قوية إلى أن المذبحة لم تكن مجرد تصعيد عفوي، بل مؤامرة داخلية مدبرة

في 2022، أظهرت تحقيقات استقصائية أجرتها الجزيرة، وشهادات شهود عيان من بينهم الصحفي والمؤرخ سعيد الجناحي، أن عملية تصفية القيادات كانت مخططة بدقة، وأن علي سالم البيض، إلى جانب سعيد صالح وسالم صالح، كان لهم دور محوري في الإعداد والتدبير لهذه الأحداث الدامية

تعد هذه المذبحة نقطة تحول درامية في تاريخ اليمن الجنوبي، حيث لم تؤثر فقط على التوازنات السياسية داخله، بل أثرت على مسار الوحدة اليمنية ومشهد الصراع الإقليمي لعقود لاحقة