مزارعو تعز: خطوات نحو الاكتفاء الذاتي
منذ 7 أيام
تعز – محمد القادريبدأ مزارعو ريف تعز (جنوب غربي اليمن) خطواتهم الأولى نحو الاكتفاء الذاتي، وتحقيق الأمن الغذائي لمناطقهم وقُراهم، وبالتالي لعموم اليمن
وتجلت تلك الخطوات بمبادرات ذاتية لمجموعة مزارعين في ريف تعز، استبدلوا (القات) بمحاصيل غذائية، حققوا من خلالها اكتفاءً ذاتيًا لمناطقهم
المزارع الستيني عبدالقادر شرف، من منطقة بني يوسف، بمديرية المواسط (جنوب شرقي تعز)، بادر باستبدال شجرة القات في أرضه بالخضروات
يأتي هذا ضمن توجهٍ عام للمزارعين هناك رغم غياب التشجيع والدعم الحكومي للقطاع الزراعي منذُ عقد من الزمن؛ بسبب الحرب
وقال شرف لـ«المشاهد» إنه اجتث شجرة القات من أرضه الزراعية الخاصة واستبدلها بمحاصيل الخضروات
كما قام باستئجار أراضي بعض المواطنين في منطقته، لزراعتها بـ(الكوسة) وغيرها من الخضروات
ويضيف: استبدلتُ شجرة القات بالطماطم، الكوسة، الكُزبرة، وخضروات أخرى؛ متمنيًا من بقية المزارعين أن يحذوا حذوي، والتخلص من آفة القات
بالإضافة إلى سعيه لتوجيه اهتمام المزارعين بزراعة كل ما يستفيد منه المجتمع، وبحسب مواطنين فإن شرف حقق بالفعل ما أراده
خطوة نحو الاكتفاء الذاتي يصف الناشط المحلي، من أهالي بني يوسف، أحمد الشريف، مبادرة المزارع عبدالقادر شرف بأنها “بادرة خير” حفَّزت المواطنين ودفعتهم لتكرارها
ويواصل: المنطقة تشهد تزايدًا مستمرًا للمحاصيل المُستبدلة يومًا بعد آخر، مثل الطماطم، الكوسة، الكُبزرة، الكُراث، واللوز، إضافة إلى شجرة البن
تشهد مناطق واسعة من ريف محافظة تعز تزايدًا في عملية استبدال نبتة القات بالمحاصيل الغذائية وشجرة البن، بما يقود إلى تحقيق اكتفاء ذاتي من الخضروات والمحاصيل الغذائيةويقول الشريف لـ«المشاهد»، إن مزارعي منطقته حققوا الاكتفاء الذاتي لمحصولي البن والطماطم لعامين متواليَين
وذلك بعد أن كان مواطنو بني يوسف يحصلون على الطماطم من أسواق خارج القرية، وبأسعار مرتفعة
واطلع «المشاهد» على إحصائية صادرة عن مكتب الزراعة بالمديرية تعزز هذه الحقيقة، وتفيد بزراعة نحو (عشرة آلاف شجرة بُن) بالمنطقة
وبحسب مزارعين، فإن الإكتفاء الذاتي في الطماطم نجح في المنطقة منذ عام 2022، وارتفع إنتاج المحصول في عام 2023
كما زاد إنتاج الطماطم عن اكتفاء المنطقة بسبب زيادة عدد المزارعين في هذا المجال، وفق أحاديثهم مع «المشاهد»
وبلغ حجم إنتاج محصول الطماطم في منطقة بني يوسف أكثر من 1300 سلة بوزن عشرين كيلوجرام للسلة الواحدة
الأمر الذي جعل المزارعين يصَدِّرون الكمية الفائضة من المحصول إلى أسواق العين (مركز المديرية)، والعزل المجاورة كعزلة قدس، ومديرية الصلو
معوقات الزراعة ورغم هذا الإنتاج الكبير، والإقبال على زراعة المحاصيل الغذائية، إلا أن المزارعين يواجهون تحدياتٍ تعيقهم عن الاستمرار بالتوسع وتنويع مزروعاتهم
وأبرزها تلك المتعلقة بارتفاع تكاليف المستلزمات الزراعية، كالمبيدات والأسمدة والبذور وغيرها من الاحتياجات الزراعية
وعن معوقات الزراعة، يقول المزارع الأربعيني عبدالواسع منصور، لـ«المشاهد»: “ارتفاع تكاليف الأجور اليومية للعمال له دور مهم في تزايد الصعوبات
وأضاف: تبلغ تكلفة الأجور اليومية عند حراثة الأرض، خمسة عشر ألف ريال يمني للعامل الواحد
مزارعون: ثمة جملة من التحديات تعيق عملية تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية، كتكاليف الأجور اليومية للعمال، وصعوبة الحصول على بذور محسنة وبمواصفات مطلوبة، وتوفير السماد العضويويشير منصور إلى جملة من التحديات الأخرى، مثل عدم وجود مشتل زراعي بالمنطقة والمديرية عمومًا؛ ما ضاعف الصعوبات التي يواجهونها
موضحًا: نذهب لسوق مفرق جبل حبشي والذي يبعد عن المنطقة مسافة 60 كيلومترًا وندفع تكاليف باهظة بالمواصلات؛ للحصول على البذور
ولفت منصور إلى أن هذه البذور لا تتوافر في منطقتهم، وتباع في أسواق المديريات الأخرى بأسعار خيالية
معتقدًا أنه إذا وفرت المنظمات المانحة والحكومة “حراثة زراعية” له ولزملائه المزارعين؛ فسيتم إزالة عقبة كبيرة أمام نشاطهم الزراعي
وكعادته في المبادرة، وضمن جهوده للتغلب على المعوقات، قام المزارع عبدالقادر شرف بتحضير سماد “الكومبست” العضوي من روث البقر المجفف
غير أن هذا السماد الذي قام بتحضيره غير كافِ ويضطر لشراء المزيد من الأسمدة بسبب توسع نشاطه الزراعي، حد قوله
غياب الدعم والإهتماميعتمد المزارعون اليمنيون، وقطاع الزراعة في اليمن عمومًا على مياه الأمطار الموسمية
وفي هذا الصدد، يكشف المزارع شرف افتقار المزارعين للدعم الحكومي، “ولم نتلقَ من مكتب الزراعة سوى بذور لمرة واحدة”
بالإضافة إلى شبكة مياه “بلاستيكية” لري الطماطم، سرعان ما تلفت وخرجت عن الخدمة”، يقول شرف
من جانبه، يبرر نائب مدير مكتب الزراعة بمديرية المواسط، بسام عبدالجليل، غياب المكتب الحكومي عن الاهتمام بالمزارعين بـ”قلة الإمكانيات”
وقال لـ«المشاهد»: “لا نملك ميزانية، ولم يعد لدينا مكتب خاص، حيث تم تفريغه وتسليم المبنى بالكامل لوحدة عسكرية قبل سنوات”
السلطات الحكومية: قلة الإمكانيات وغياب الموازنات المالية يحول دون دعم ورعاية توجهات المزارعين ومبادراتهم نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والمحاصيل الزراعيةويضيف: المساعدات التي قدمناها للمزارعين من بذور وشبكة ري وشتلات وغيرها كانت باعتماد كامل على منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)
مرجعًا أسباب سرعة تلف شبكة الري المُقدمة للمزارعين إلى الإهمال وسوء الاستخدام
فيما يوضح مندوب صرف المساعدات المقدمة من منظمة (الفاو) للمزارعين، عبدالودود حيدر، أنه تم صرف البذور لمائة حالة في بني يوسف
وأشار إلى أن النتيجة كانت ممتازة، حيث زارت المنظمة المناطق الزراعية في المنطقة، وانبهرتْ بما لامسته من نتائج في الإنتاج
لافتًا إلى أن النباتات المزروعة تنوعت بين الطماطم، البطاطس، الكوسة، الكُرّاث، الكُزبرة، البقل، البرتقال، اللوز، والليمون، إضافة إلى شجرة البن
ذكاء اقتصادي تعز أرض خصبة، ومناخاتها متعددة؛ ما يجعلها صالحة لزراعة كثير من المحاصيل الزراعية وتربية الثروة الحيوانية
إلا أن هناك معضلات تواجه القطاع الزراعي ممثلة بـ”قلة المياه، وزحف شجرة القات”، وذلك على حساب المحاصيل الأخرى، بحسب خبراء
ويرى المهتم بالشؤون الاقتصادية، نجم الدين شرف، أن تحول أراضي (بني يوسف) من زراعة القات إلى زراعة الخضروات “خطوة إيجابية”
معتبرًا، خلال حديثه مع «المشاهد»، أنها خطوة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، دعمًا للاقتصاد المحلي
واقترح الخبير الاقتصادي إنشاء ثلاجة مركزية لحفظ المحاصيل الزراعية الغذائية، كالخضروات وغيرها، وتسويقها بذكاء وتوزيعها على الأسواق بشكل مدروس
معتقدًا أن نزول المحاصيل إلى السوق دفعة واحدة؛ يتسبب بكسادها وازدياد المعروض منها؛ نتيجة قلة الطلب، وبالتالي التسبب بخسائر للمزارعين
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير