مصطفى غليس : نظرية الفائض للدكتور حمود العودي من منظور حوثي

منذ 3 ساعات

حين وضع الدكتور حمود العودي نظريته الاجتماعية المعروفة بـنظرية الفائض، أراد أن يفسّر كيف يتطور الإنسان والمجتمع حين ينتج أكثر من حاجته، فيتحول الفائض من وسيلة للبقاء إلى رافعة للتقدم والمعرفة والحضارة

‏لكن ما يجري اليوم في مناطق سيطرة الحوثي يقدم نموذجًا مقلوبًا ومشوهًا لتلك النظرية، مع كل الاحترام للدكتور حمود ونظريته الرائدة لاضطراري لهذه المقارنة الفجة، إذ تحول الفائض من طاقة للإنتاج إلى طاقة للبطش والتوحش، ومن فائض للوعي إلى فائض للغيبوبة، ومن فائض للعدل والمساواة إلى فائض للظلم والعبودية

‏رأى العودي أن المجتمعات ترتقي حين يتحول فائض العمل والمعرفة إلى قيمة اجتماعية عامة، تدفع الناس نحو الإبداع والاكتشاف وتوسيع المدارك

هو الفائض الذي يجعل الإنسان يستخدم عقله أكثر من عضلاته، وينتج الفكرة بدلًا من العصا، ويبني الدولة بدلًا من الفوضى

‏ذلك الفائض الذي أنجب الفن واللغة والمدنية، وحرر الإنسان من دائرة الحاجة البدائية

‏أما الحوثي، فقد أعاد تعريف الفائض بطريقته الخاصة:‏فائض في الشعارات، فائض في الشعوذة، فائض في الجهل، فائض في الكراهية، وفائض في السجون، فائض في القتل

‏يتفاخر الحوثي بفائض من الميليشيات والصرخات، ويعتبر فائض السجون والجبايات إنجازًا، وفائض القبور نصرًا إلهيًا

‏الحوثي حوّل فائض الخطاب الديني إلى خطاب كراهية، وفائض القوة إلى آلة للقتل، وفائض المال المنهوب إلى ريعٍ للخراب

‏صار اليمني الذي كان ينتج ويصدر فائض البن والبخور والتاريخ، يرزح اليوم تحت فائض من القهر والجبايات والسجون والمقابر

‏في مشروع الحوثي، يتحول الإنسان من منتج للحياة إلى وقود للموت، ومن حامل للقلم إلى ضحية للسلاح، ومن مواطن حر إلى تابع ذليل في خدمة السلالة

‏في منطق العودي، حين يتراكم الفائض في يد المجتمع، يولّد التنمية

‏وفي منطق الحوثي، حين يتراكم الفائض في يد السلالة، يولّد الهيمنة

‏ولذلك لم تنتج سلطته دولة، بل إقطاعية مغلقة يديرها فائض من المتسلطين، يتغذون على جوع الناس وجهلهم ودمائهم

‏إنه فائض لا يضيف شيئًا للحياة سوى المزيد من الخراب

‏ما بين نظرية الفائض للعودي كطريقٍ إلى التطور، وفائض التوحش الحوثي كطريقٍ إلى التدمير، تكمن المفارقة التي تختصر المشهد اليمني الراهن

‏فالدكتور العودي أراد أن يشرح كيف تُبنى المجتمعات، بينما الحوثي يقدّم المثال الحي على كيف تُهدم الأمم حين يتحول الفائض من إنتاجٍ للمعرفة إلى إدمانٍ للسلطة، ومن طاقةٍ للبناء إلى وقودٍ للقتل والتوحّش

‏لقد آن لليمن أن يستعيد فائضه الحقيقي: فائض الوعي، وفائض الحياة، وفائض الكرامة

‏آن لهذا الشعب أن يوظّف طاقته لا في التقديس الأعمى، بل في التفكير الحرّ، ولا في الحرب، بل في البناء

‏فما بين فائض العودي وفائض الحوثي يقف اليمن اليوم على مفترق طريقين:‏طريقٌ يقود إلى الإنسان، وآخر يقود إلى الوحش

‏والاختيار – كما كان دائمًا – بيد اليمنيين

  حين وضع الدكتور حمود العودي نظريته الاجتماعية المعروفة بـنظرية الفائض، أراد أن يفسّر كيف يتطور الإنسان والمجتمع حين ينتج أكثر من حاجته، فيتحول الفائض من وسيلة للبقاء إلى رافعة للتقدم والمعرفة والحضارة

‏لكن ما يجري اليوم في مناطق سيطرة الحوثي يقدم نموذجًا مقلوبًا ومشوهًا لتلك النظرية، مع كل الاحترام للدكتور حمود ونظريته الرائدة لاضطراري لهذه المقارنة الفجة، إذ تحول الفائض من طاقة للإنتاج إلى طاقة للبطش والتوحش، ومن فائض للوعي إلى فائض للغيبوبة، ومن فائض للعدل والمساواة إلى فائض للظلم والعبودية

‏رأى العودي أن المجتمعات ترتقي حين يتحول فائض العمل والمعرفة إلى قيمة اجتماعية عامة، تدفع الناس نحو الإبداع والاكتشاف وتوسيع المدارك

هو الفائض الذي يجعل الإنسان يستخدم عقله أكثر من عضلاته، وينتج الفكرة بدلًا من العصا، ويبني الدولة بدلًا من الفوضى

‏ذلك الفائض الذي أنجب الفن واللغة والمدنية، وحرر الإنسان من دائرة الحاجة البدائية

‏أما الحوثي، فقد أعاد تعريف الفائض بطريقته الخاصة:‏فائض في الشعارات، فائض في الشعوذة، فائض في الجهل، فائض في الكراهية، وفائض في السجون، فائض في القتل

‏يتفاخر الحوثي بفائض من الميليشيات والصرخات، ويعتبر فائض السجون والجبايات إنجازًا، وفائض القبور نصرًا إلهيًا

‏الحوثي حوّل فائض الخطاب الديني إلى خطاب كراهية، وفائض القوة إلى آلة للقتل، وفائض المال المنهوب إلى ريعٍ للخراب

‏صار اليمني الذي كان ينتج ويصدر فائض البن والبخور والتاريخ، يرزح اليوم تحت فائض من القهر والجبايات والسجون والمقابر

‏في مشروع الحوثي، يتحول الإنسان من منتج للحياة إلى وقود للموت، ومن حامل للقلم إلى ضحية للسلاح، ومن مواطن حر إلى تابع ذليل في خدمة السلالة

‏في منطق العودي، حين يتراكم الفائض في يد المجتمع، يولّد التنمية

‏وفي منطق الحوثي، حين يتراكم الفائض في يد السلالة، يولّد الهيمنة

‏ولذلك لم تنتج سلطته دولة، بل إقطاعية مغلقة يديرها فائض من المتسلطين، يتغذون على جوع الناس وجهلهم ودمائهم

‏إنه فائض لا يضيف شيئًا للحياة سوى المزيد من الخراب

‏ما بين نظرية الفائض للعودي كطريقٍ إلى التطور، وفائض التوحش الحوثي كطريقٍ إلى التدمير، تكمن المفارقة التي تختصر المشهد اليمني الراهن

‏فالدكتور العودي أراد أن يشرح كيف تُبنى المجتمعات، بينما الحوثي يقدّم المثال الحي على كيف تُهدم الأمم حين يتحول الفائض من إنتاجٍ للمعرفة إلى إدمانٍ للسلطة، ومن طاقةٍ للبناء إلى وقودٍ للقتل والتوحّش

‏لقد آن لليمن أن يستعيد فائضه الحقيقي: فائض الوعي، وفائض الحياة، وفائض الكرامة

‏آن لهذا الشعب أن يوظّف طاقته لا في التقديس الأعمى، بل في التفكير الحرّ، ولا في الحرب، بل في البناء

‏فما بين فائض العودي وفائض الحوثي يقف اليمن اليوم على مفترق طريقين:‏طريقٌ يقود إلى الإنسان، وآخر يقود إلى الوحش

‏والاختيار – كما كان دائمًا – بيد اليمنيين