معركة “حنكة آل مسعود”
منذ 15 أيام
البيضاء – عدي الدخينيشهدت منطقة حنكة آل مسعود، مديرية القريشية، محافظة البيضاء، وسط اليمن، خلال النصف الأول من يناير الماضي، معركة عسكرية عنيفة
دار القتال في المنطقة بين قوات جماعة الحوثي مدعومة بأسلحة ثقيلة ومسلحين من أبناء المنطقة
تأتي منطقة حنكة آل مسعود ضمن أكثر التجمعات السكانية التابعة لقبيلة قيفة
تقول منظمة سام للحقوق والحريات أن المنطقة يقطن فيها حوالي عشرة آلاف نسمة
شهدت المنطقة في يناير الماضي، حملة عسكرية عنيفة لجماعة الحوثي “أنصار الله” التي تسيطر على صنعاء وغالبية شمال اليمن منذ سبتمبر 2014
حسب مصدر محلي من المنطقة طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، فإن السكان هناك تعرضوا لسلسلة من الانتهاكات شملت القتل، تفجير المنازل، الاختطاف، الحصار وقطع الاتصالات بحجة البحث عن مطلوبين لسلطاتها
في أواخر ديسمبر الفائت، كان السكان في منطقة حنكة على موعد بالإفراج عن أربعة معتقلين من منطقتهم تم تسليهم قبل سنوات بوساطة قبيلة
تقول منظمة سام أن جماعة الحوثي أفرجت عن 16 معتقلا من أصل 20 شخصا، من منطقة حنكة عقب الأحداث في سوريا
وأمرت النيابة الجزائية في صنعاء، الخاضعة لسلطة جماعة الحوثي في 3 ديسمبر 2024، بإطلاق سراح الأربعة المعتقلين الآخرين
وبدلا من الإفراج عن بقية المعتقلين بأمر النيابة، شنت الجماعة في يناير الماضي حملة عسكرية على المنطقة انتهت بمقتل 16 مدنيا بينهم أطفال ونساء، وتفجير منازل مدنيين
تتهم جماعة الحوثي بعض السكان في منطقة حنكة بالانتماء إلى تنظيم “داعش” وتقول أن مسلحين من المنطقة هاجموا دورة أمنية للشرطة في 4 يناير 2025
كما أن جماعة الحوثي تتهم مسلحين في المنطقة نفسها بقتل زعيم قبلي موالي لهم والتحريض على سلطاتها
اعترفت جماعة الحوثي في وكالة سبأ الخاضعة لهم في صنعاء باعتقال العشرات من أبناء منطقة حنكة دون أن توضح عدد المعتقلين
علاوة على ذلك، نقلت الوكالة نفسها عن وزارة داخلية جماعة الحوثي قتل عدد من المسلحين في منطقة حنكة بتهمة الإنتماء إلى “داعش”
المصدر المحلي الذي تحدث مع ” المشاهد” قال إن الأهالي رفضوا التعاون مع جماعة الحوثي بتسليم ممن تسميهم “مطلوبين” لأنه لم يفرج عمن تم تسليمهم سابقا قبل سنوات
هناك أربعة أشخاص لم يفرج عنهم الحوثيون حتى الآن، حسب منظمة سام
يعود تاريخ الصراع بين جماعة الحوثي وقبائل قيفة رداع بالبيضاء، إلى فترة توسع جماعة الحوثي خارج العاصمة صنعاء في 2014
حيث أعاق حينها مسلحون في قيفة سيطرة الجماعة على المنطقة التي تحمل معارضة لجماعة الحوثي
تزامنت معركة حنكة آل مسعود مع سقوط نظام الأسد في سوريا التي كانت جماعة الحوثي تدعم بقائه في السلطة ضمن تحالفها مع إيران
وفي هذا الصدد، يقول الباحث الزائر في جامعة توركو، فنلندا، عادل دشيلة، أنه أصبح لدى الحوثيين مخاوف كبيرة من قبائل البيضاء
تعود تلك المخاوف إلى الخلفية التاريخية لقبائل البيضاء في مقارعة نظام الإمامة ونضالها في نصرة ثورة 26 سبتمبر
وأضاف دشيلة في حديثه لـ«المشاهد»، أن الموقع الاستراتيجي لمحافظة البيضاء، وتوسطها بين ثماني محافظات يمنية يزيد مخاوف الحوثيون من خسارتها
كما أنهم يدركون معارضة قبائل البيضاء لوجود الحوثيين، وأن أي تحرك عسكري من قبلهم ستتم مواجهته من جميع القبائل
ويواصل: لذلك قام الحوثيون بهذه الخطوة كإجراء استباقي؛ بهدف تركيع الناس، وإيصال رسائل بأن من سيقاوم سيلاقي مصير آل مسعود
”الباحث عادل دشيلة: الموقع الاستراتيجي لمحافظة البيضاء، وتوسطها بين ثماني محافظات يمنية يزيد مخاوف الحوثيون من خسارتها
كما أنهم يدركون معارضة قبائل البيضاء لوجود الحوثيين، وأن أي تحرك عسكري من قبلهم ستتم مواجهته من جميع القبائل
لذلك قام الحوثيون بهذه الخطوة كإجراء استباقي؛ بهدف تركيع الناس
”المصدر المحلي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، يعتقد أن الجماعة، ومنذ سيطرتها على محافظة البيضاء، تسعى لإخضاع القبائل وضمها لصفوفها
مستدركًا: إلا أن الجماعة فشلت في ذلك رغم لجوئها لطرقٍ وأساليب شتى
”قال المصدر أن الحوثيين عاودوا التحرش بأبناء القبائل ومداهمة واقتحام منازلهم مرارًا، وكرروها مؤخرًا في منطقة قيفة رداع
مضيفًا أن الجماعة اعتقلت نحو 500 مدنيا، وفجّرت وأحرقت 13 منزلًا كليًا، بينما تضررت 10 منازل جزئيًا
وتابع: الحوثيون استخدموا في القتال أسلحةً ثقيلة ومسيرات
ودارت الاشتباكات بالقرب من معسكر القصير 139 التابع للجماعة
فيما تقع القرية على بعد نحو ستة كيلومترات من مدينة رداع، وتبعد عن معسكر القصير 2 كيلومتر
بدوره، قال الناطق الرسمي باسم مجلس اتحاد قبائل اليمن، الشيخ عبدالقوي العمري، إن الحوثيين استخدموا الطيران المسيّر والدبابات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة
كما قاموا بقصف القرية بطريقة وحشية
وأضاف العمري -وهو من أبناء مدينة رداع- في تصريح لـ«المشاهد»، أن الوساطة القبلية كانت تسعى إلى تهدئة التوتر
لكن المساعي بين جماعة الحوثي وقبيلة آل مسعود لم تنجح حتى اللحظة، بحسب العمري
وواصل: لا تزال جماعة الحوثي تمارس انتهاكاتها بحق المدنيين في حنكة آل مسعود دون رادع
وأشار إلى أن قبائل آل مسعود أحرقت، خلال الاشتباكات، خمسة أطقم عسكرية تابعة لجماعة الحوثي
ولفت إلى أن أحد تلك الأطقم كان يحمل على متنه ذخائر وأسلحة
بالأضافة إلى اغتنام طقم آخر يحمل على متنه رشاش 23 مزدوج
وثقت منظمة سام للحقوق والحريات في تقرير نشر في فبراير الجاري الانتهاكات التي رافقت الحملة العسكرية لجماعة الحوثي على قرية حنكة آل مسعود، البيضاء
ووصفت المنظمة ما شهدته المنطقة بأنها “واحدة من أسوأ الجرائم التي شهدها اليمن
”وبيّن التقرير أن الجماعة استخدمت ذريعة مكافحة الإرهاب لتبرير عمليتها العسكرية
وذكر التقرير أن الجماعة اتهمت السكان المحليين بإيواء عناصر متطرفة
لافتًا إلى أن الحوثيين فرضوا حصارًا مشددًا على المنطقة، ومنعوا دخول المواد الغذائية والدوائية؛ مما جعل السكان في عزلة تامة
وأضاف التقرير: في 9 يناير قصفت الجماعة المنطقة بالمسيّرات والأسلحة الثقيلة؛ مما تسبب باحتراق منزل بالكامل وتضرر عشرات المنازل الأخرى
إضافة إلى إحراق مسجد القرية، كما أسفر القصف عن مقتل شخصين وإصابة 11 آخرين، بينهم ثلاث نساء
وفي 10 يناير، أرسل الحوثيون تعزيزات عسكرية ضخمة، شملت دبابات وعربات مدرعة
وفي 11 و12 يناير، نفذت الجماعة حملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من 500 مدني، بينهم أطفال وكبار سن
وتم نقل المعتقلين إلى سجون في رداع وصنعاء، وسط تقارير عن تعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب
ووصف التقرير ما جرى في حنكة آل مسعود بأنه “جريمة حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”
حيث أسفرت الحملة عن مقتل أكثر من 15 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة العشرات بجروح بليغة
كما وثق التقرير القصف العشوائي والتدمير الممنهج الذي تعرضت له المنطقة، وإحراق مسجد ومدرسة لتحفيظ القرآن
وبين التقرير أن الحملة العسكرية تسببت بكارثة إنسانية وأضرار اقتصادية جسيمة
حيث فقد مئات السكان مصادر رزقهم بسبب تدمير مزارعهم
وفي ختام تقريرها، دعت “سام” المجتمع الدولي إلى رفع الحصار فورًا عن منطقة حنكة آل مسعود، وضمان وصول المساعدات الإنسانية
وطالبت بفتح تحقيق دولي شفاف في الجرائم المرتكبة، وإحالة المسؤولين عنها إلى المحكمة الجنائية الدولية
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير