موسى المقطري : الدروز غموض عقائدي وطموح سياسي

منذ 11 ساعات

موسى المقطري ظهرت جماعة الدروز بدايات القرن الحادي عشر الميلادي خلال حكم الخليفة الفاطمي السادس الحاكم بأمر الله في القاهرة، وقد بدأت هذه الدعوة كتيار باطني ضمن المذهب الإسماعيلي الشيعي لكنها ما لبثت أن انفصلت عنه لتشكّل عقيدة دينية جديدة غامضة لا تقبل بالتحول إليها أو التبشير بها ، وجاءت التسمية نسبة إلى محمد بن إسماعيل الدرزي ، وهو أحد الدعاة الأوائل الذين دعوا لألوهية الحاكم بأمر الله غير أن أتباع المذهب يرفضون هذا الاسم ويُفضّلون تسمية أنفسهم بـالموحدين

 يتواجد الدروز بشكل رئيسي في لبنان خصوصا في جبل لبنان حيث يشكّلون قوة سياسية فاعلة ، وفي سوريا في منطقة جبل الدروز (جبل العرب) جنوب البلاد، وفلسطين المحتلة حيث يعيشون ضمن أراضي 1948، ويشاركون في بعض المؤسسات الإسرائيلية ومنها الجيش، وفي الأردن توجد أقلية درزية صغيرة ، إلى جانب تواجدهم في المهجر خصوصا في الأمريكيتين وأوروبا، ويُقدَّر عددهم عالمياً بما لا يتجاوز 1

5 مليون نسمة ما يجعلهم من الطوائف الصغيرة لكن المؤثرة في بعض المناطق

 عقيدة الدروز تُعد من أكثر العقائد الدينية غموضاً وتحفّظاً، وهي عقيدة باطنية سرّية لا يُفصح عن تفاصيلها إلا للنخبة التي يُطلق عليها لقب العُقّال، بينما يُطلق على البقية الجهّال ، من أبرز ملامح عقيدتهم ايمانهم بتناسخ الأرواح ، كما ينكرون الكثير من أركان الإسلام الظاهرة كالصلاة والصوم والحج على الشكل المعروف، ويعتبرونها رموزاً باطنية، ولديهم كتب خاصة أهمها رسائل الحكمة ، ويجلّون الحاكم بأمر الله، ويعتقدون بعودته آخر الزمان ، ولا يُسمح لأبناء الطائفة بالتحول إلى دين آخر، كما لا يُقبل أي شخص من خارج الطائفة في مذهبهم، ويمنعون التبشير والتوسّع

 رغم قلة عددهم إلا أن الدروز يتمتعون بنفوذ سياسي في بعض البلدان خاصة في لبنان، حيث يُمثّلون بطائفة مؤثرة يقودها اليوم وليد جنبلاط (ثم خلفه نجله تيمور) ، وفي سوريا كان لهم دور واضح في الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش، وما زالوا يمسكون بخيوط محلية في منطقة السويداء

 تاريخيّا فإن العلاقة بين الدروز وأهل السنة والجماعة متذبذبة تتأثر بالمناخ السياسي والبيئة الإقليمية ، فالدروز يرون أنفسهم طائفة متميزة فكرياً وعقائدياً عن باقي الفرق الإسلامية، ويعتبرون عقيدتهم خاصة ومغلفة بالسرّ ، وفي فترات من التاريخ وقع صدام دموي بين الطرفين، كما حصل في لبنان خلال الحرب الأهلية، إلا أن هذه العلاقة تأرجحت في العقود الأخيرة بين التحالف والتنافس، خصوصا في لبنان

 ولهم علاقة بإيران وهي ليست عضوية ولا عقائدية لكنها تتقاطع معهم في ملفات سياسية خاصة من خلال تحالفهم مع النظام السوري السابق وحزب الله اللبناني، لا سيما جناح طلال أرسلان الذي يُعدّ حليفاً محورياً لطهران ، كما الولايات المتحدة وفرنسا إبقاء قنوات التواصل مع الزعامات الدرزية، باعتبارهم عامل توازن في مناطق شديدة الحساسية مثل جبل لبنان أو السويداء

 في فلسطين المحتلة وخلال الانتداب بدأ الدروز التقارب مع القيادة الصهيونية خصوصاً خلال ثورات العرب في 1920 و1936 ورفض الدروز المشاركة في مقاومة الوجود اليهودي، وفي حرب 1948 قاتل العديد من الدروز ضمن صفوف القوات اليهودية وهو ما مثل نقطة تحول تاريخية في التحالف بين الطرفين ، وفي عام 1956 أصبح الشباب الدروز يؤدون الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي الأمر الذي عزز من اندماجهم وتمثيلهم في هيئات الكيان الغاصب المدنية والعسكرية

 يُعتبر الدروز الطائفة العربية الوحيدة الخاضعة لخدمة الجيش، والتي تخضع بعد ذلك لنظام البعثات والمنح وفرص العمل سواء في الجيش أو أجهزة الدولة الأمنية ، ويعيش حوالي 120–150 ألف درزي داخل إسرائيل معظمهم في مناطق الجليل والكرمل ومرتفعات الجولان ويشكلون نحو 1–2٪ من إجمالي السكان الإسرائيليين، ويُنتخبون في الكنيست ويشغلون مناصب في المستويات المختلفة

 في سوريا وخلال التطورات الاخيرة بعد سقوط نظام بشار افتقد الدروز كثيرا من الامتيازات التي كان يمنحهم اياها النظام السوري المنحل ، ومع رغبة الشرع والنظام الجديد في سوريا ببسط هيبة الدولة في الجنوب السوري استنجد الدروز باسرائيل لدعمهم عسكرياً، وتم تأسيس المجلس العسكري في السويداء بهدف تعطيل تواجد النظام السوري الحالي، وأبدى الدروز الاستعداد  للتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية وإسرائيل والولايات المتحدة، واستفادت اسرائيل من هذا الصراع للتدخل في الشان السوري وإرباك جهود النظام الجديد لتثبيت أركان الدولة وبسط سلطتها على مختلف الأراضي العربية السورية