نساء لا يجدن الخصوصية في المباني الحكومية

منذ 2 أشهر

تعمل ندى في القطاع التربوي بمدينة تعز، وتقضي كل يوم معظم ساعات النهار في مكتب حكومي

لا تشعر ندى بالراحة في مكان عملها، ولا تجد مكانا تستريح فيه حتى لبضع دقائق

تقول ندى لـ “المشاهد”: “أعمل في غرفة صغيرة، وتحيط بنا أكوام من الأوراق، وأشعر كأني محاصرة، ولا توجد فرصة للاسترخاء من ضغط العمل”

 أثناء تصحيح اختبارات الشهادة الثانوية، تتجمع أكثر من 70 تربوية من الموجهات، لتصحيح الاختبارات، ويقضين أوقاتا طويلة في المكاتب، بحسب ندى

وتضيف: “لا مكان للراحة، ولا توجد دورات مياه خاصة بالنساء

وفي حال أرادت إحداهن استخدام دورة المياه، فإنها تضطر إلى الانتقال إلى مبنى آخر لأن المكتب الذي نعمل فيه يحتوي على دورات مياه مشتركة لا تراعي خصوصية المرأة، ولا توجد أماكن للصلاة أو الأكل والراحة”

 ندى واحدة من النساء اللاتي يعلمن في المؤسسات الحكومية التي لا تضع اعتبارا لاحتياجات النساء في مكان العمل، مثل دورات مياه منفصلة وغرف خاصة بالاستراحة عند الحاجة

 شفيقة القدسي، معلمة بتعز، تقول لـ “المشاهد”: “عندما كنت أعمل معلمة في إحدى المدارس الحكومية، لم يكن هناك دورة مياه خاصة بالمعلمات، وكنا نضطر أحيانًا للخروج من المدرسة بحثا عن حمام قريب في منازل الزميلات اللواتي يسكن جوار المدرسة، وحتى- إن وجدت- دورات مياه في المدارس، إلا أنها ليست نظيفة أو ينقصها الماء”

  سارة، موظفة في إدارة الأمن بتعز، تقول لـ “المشاهد”: “لولا الدرجة الوظيفية والراتب، لن أعود مرة أخرى إلى هذا المكان

أشعر بالاختناق كلما أدخل من البوابة الرئيسية للمبنى”

وتوضح سارة بأن المرافق الحكومية لا تضع خصوصية المرأة بعين الاعتبار، حيث إن هناك العديد من المباني دون دورات مياه خاصة بالنساء

بحسب سارة، توجد دورة مياه واحدة في مركز حماية الأسرة والطفل بتعز، ما يجعل الكادر النسائي مضطرا للذهاب إلى دورة مياه في مبنى إدارة الأمن، برغم أنها غير مناسبة للاستخدام من قبل النساء

 الناشطة الشبابية علا السقاف تشير إلى العديد من المؤسسات الحكومية بمدينة تعز هي مبان تم استئجارها بشكل مؤقت، وهي غير مصممة كمبان حكومية، وحتى المباني الحكومية السابقة لم تكن مصممة بطريقة تراعي خصوصية النساء

تؤكد السقاف أن  تكتل وهج النسائي تنبه لهذا الأمر، بعد التركيز على إحدى العاملات في إدارة الأمن التي كانت تضطر كل يوم للعودة إلى بيتها لاستخدام دورة المياه، حيث لا توجد دورة مياه في المبنى الحكومي

 تضيف: “عملنا على دراسة بسيطة للمرافق الحكومية، لمعرفة مدى مراعاتها لخصوصية النساء، ووجدنا ضعفا كبيرا في هذا الجانب

تناقشنا مع صناع القرار، وجدنا أسباب كثيرة منها ضيق المباني، مع عدم اكتراث صناع القرار لهذا الأمر، أو عدم التركيز عليه

هذا يؤثر بشكل كبير على المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة لأنه يصنع بيئة صعبة للمرأة

إن استمرار تجاهل باحتياجات النساء في مكان العمل قد يقود إلى قلة تواجد النساء في القطاع العام والمرافق الحكومية مستقبلا”

 ووفقا لـعزية الحاشدي، إخصائية نفسية، إن تواجد المرأة في المكاتب الحكومية التي لا توفر لها الخصوصية، يبقيها قلقة على الدوام، ويشكل لها ضغطا نفسيا شديدا؛ لأنها لم تلق راحتها وخصوصيتها، ولا يتوفر لها أدنى سبب للأمان النفسي، وبالتالي يؤثر على مجهودها الذهني والجسدي في العمل

فالمرأة الموظفة، بحسب الحاشدي، تحاول أن تثبت ذاتها وتحقق أهدافها أولا، وخدمة المجتمع، وبالتالي قد تدخل في اضطرابات نفسية عندما تواجه بيئة عمل لا تساعدها على تحقيق النجاح

إن البيئة التي لا ترحب بالمرأة، ولا تساعد في تطويرها، تؤثر على حالتها النفسية”

 ينص الدستور اليمني في المادة (41) على أن “المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة” و تنص المادة (24) “أن الدولة تكفل تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتصدر القوانين لتحقيق ذلك”

على الرغم من القوانين الواضحة، إلا أن النساء لا يحصلن على حقوقهن، ومنها الحق في البيئة المناسبة في مكان العمل

ويعد تصميم المباني الحكومية بشكل لا يراعي خصوصية النساء، انعكاسا للسياسات العامة ذات الطابع الذكوري

في هذا السياق، ترى ذكرى العريقي، أستاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة تعز، أن كل مرفق يجب أن تتوفر فيه خصوصية بما يتناسب مع مهامه بعيد عن العشوائية، حيث إن كل شيء بالمجتمعات التقليدية يصممها للذكور حتى القوانين تصمم لأجلهم وهذا لا يحقق مساواة ويخلق تمييزا أكثر، ويجعل المرأة تشعر أنها في حالة اضطهاد

تضيف: “الموروث الذكوري لدى صناع القرار تجاه المرأة ودورها في المجتمع انعكس على تغييبها عند تصميم السياسات العامة، سواء في مرحلة البناء أو تصميم الخطط الاستراتيجية، ولا يتم النظر لها ككيان مستقل، ودائما ينظرون لها ك تابع”

 تختم العريقي حديثها، وتقول: “إن تمكين النساء، وإشراكهن في مواقع صنع القرار، يبدأ من إتاحة الحق للنساء في العمل، وتوفير بيئة عمل ملاءمة للاحتياجات الخاصة بالنوع الاجتماعي، بخاصة في مرافق العمل الحكومية التي تعد المكان الأول لإعداد النساء وتأهيلهن وإشراكهن في مواقع صنع القرار، بما يعزز من فرص المساواة في الحقوق وتقليص الفجوة القائمة بين الجنسين”

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصاديليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير