هذا ما قاله منصور عن الدكتور عبدالعزيز المقالح في أربعينيته (النص)

منذ سنة

كلمتي التي القيتها بمناسبة مرور أربعينة وفاة د عبد العزيز المقالح رحمه الله

 أ/ محمد عبدالسلام منصور  ====================================بسم الله الرحمن الرحيمأيها الأخوة والأخوات أصدقاء ومحبي المفكر التنويري الشاعر المتفرد الدكتور عبد العزيز المقالح رحمه الله

،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سيشترك، في هذه الكلمة: الشاعر الكبير أدونيس، وأنا

هو بنص أرسله طالبا مني قراءته، عليكم، وإما أنا، فبكلمتي هذه المتواضعة

أيها الأخوة أيتها الأخوات   كانت لحظة ثقيلة، كدهر مأساوي، حين أخبرني صديق المرحوم الطبيب د/عبد الكريم دماج أن روح الفقيد المطمئنة قد أجابت نداء الحق فرجعت إلى بارئها راضية مرضية بما قدمت لشعبنا اليمني وأمتنا العربية بل وللأنسانية بعامة

غرقت مع المتحلقين حوله من أسرته في ظلمات من الحزن والألم تكاثف بعضها فوق بعض، ومن أعماق هذه الظلمة الحالكة الجارحة؛ أضاءت، بملء الذاكرة، العديدُ من المجالات التي أثرتها أنشطة د المقالح: العملية، والفكرية، والإبداعية، التي مضى عليها، منذ ربيع عمره، أكثر من ستة عقود، دونَت أيامُها، حصيلةَ أعماله السياسية، والإدارية، التي أسهمت في إيقاظ المجتمع اليمني، من سباته التاريخي، ودفعت بأولى خطواته اليَقِظَة، نحو بوابة الحضارة المعاصرة، كما دونت تلك الأيام، ما قدم خلالها، لنا وللأجيال من بعدنا، ثمرات نشاطاته الأدبية والفكرية والإبداعية، التي أنجزها، بخطوات ممنهجة، وسعي دؤوب، وبرؤية إنسانية، وموقف عروبي تحرري، وفكر تنويري

إن هذا الكم المتنوع من حصاد سنين الفقيد، بقدر ما رفد، الجانبُ العملي منه، نهضةَ المجتمع اليمني وتحرره، من قيود التخلف، أسهم، جانبه الفكري والإبداعي، في إثراء الثقافة اليمنية، العربية، والإنسانية، إسهاما كبيرا، في عصرنة رؤى، القيم الجمالية، في الفنون والآداب، الأمر الذي كان له أثر في تطور وحداثة الإبداعات اليمنية، بخاصة منها، الإبداع الشعري والسردي، فارتقت، تبعا لذلك، الذائقة الجمالية، لدى النقاد والقراء، فانشبكت نشاطاته العملية والنظرية والإبداعية ، بآمال الناس وأحلامهم، في أن يحققوا لأنفسهم، بأنفسهم، حياة أرقى وأسعد

 كنت واحدا ممن عاشوا سنوات أنشطة الشاعر عبد العزيز المقالح المتعددة، يوما فيوما،: وكنت مع أصدقائه ومحبيه أكثر الناس تتبعا لحصاد ثمارها المتنوعة، حقلا، حقلا، وهي تتكاثر، في بيدر الوطن متشابكة الأنواع والألوان، وما انفك يغزلها، بعمله السياسي والإداري، خيوطا مضيئة، في طريق تحرر المجتمع اليمني سياسيا، وتنميته اقتصاديا وثقافيا، ويصوغها، بكتاباته الأدبية، نقدا فنيا حديثا، ويرسلها بمؤلفاته المتنوعة أفكارا تشع فضيلة، وحكمة وعرفانا، ويصدرها ترجمات لَأعلام الحرية والفكر اليمنيين، كما ترسمها، إبداعاته، قصائد رشيقة الصور باذخة الدلالة، تتشرد فيها روحه محبة للناس، وأحزانا تشف عن تعاسة حياتهم، ومآسي حروبهم، وآمالا فارهة، في تجاوز أسبابها، كي يتمكنوا من صنع حياة الحرية والسعادة والسلام

 هكذا اندمجت، أعمال الشاعر، بعضها في بعض، فقدمت لنا لوحة تشكيلية ذات أبعاد، وألوان متنوعة، لكنها محكمة البناء تسر الثائرين، السائرين في طريق تنمية اليمن المعاصر

 وأشير هنا إلى أمر لافت، في شخصية الفقيد رحمه الله، هو التزامه، بمواقيت أعماله المنتظمة، يوميا أو أسبوعيا أو شهريا، التزاما دقيقا، صيَّر بداياتها ونهايتها دقات ساعته البيولوجية، حتى عرف الناس أوقات تحركاته، وأماكن تواجده؛ فنال بهذا إعجاب الكثير، وصار مثالا للدقة التي لا يقدر عليها إلا المفكرون والمبدعون غزيرو الإنتاج

أنجز أعمالا أدبية حديثة، تفتحت لها، ولإبداعات اليمنيين، بوابات الذاكرة العربية، والعالمية، لتصير إحدى معالمها اللافتة، ظل رحمه الله مفكرا تنويريا، وداعيا إلى الأخذ بالمناهج الحديثة، في بناء حضارة يمنية معاصرة، وكان الرائدَ، في تطوير وتوسيع التعليم العالي، ونشر الثقافة الإنسانية الحديثة

  ظلت تتنامى إنجازات الشاعر والناقد د المقالح، وتنبني معها، في ذاكرة المجتمع اليمني، ملامح صورةٍ رامزة، تتزايد، مع مرور الأيام، إيماءاتُها إليه، فيتكاثر تحلق الوسط الثقافي والسياسي من حوله، وتتعالى، أعداد الراغبين، في أن يكون تقديمه لمؤلفاتهم، بمثابة الإجازة منه لما ألّفوه أو أبدعوه، ولأنه يعي مسئولية الدور التنويري، الذي اختاره لنفسه، وواجب العالِم الذي سعى بنفسه لامتلاكه، قدم للقراء، مِن كتب الفكر والإبداع ما يرى أنه ينفع الناس، أو أنه لناشئ واعد اكتملت لديه الأسس الأولية للكتابة أو الإبداع

هكذا كانت العلاقة التفاعلية بين المجتمع اليمني والدكتور عبد العزيز المقالح، بكونه مناضلا جسورا وسياسيا ماهرا ومفكرا إنواريا، ومثقفا وشاعرا، عربيا وإنسانيا، ليصبح، هو [إيقونة الثقافة الحديثة] التي علقها الوعي الجمعي على حائط التاريخ اليمني الحديث