هزاع البيل : إيرادات تُنهب وحرب لا تنتهي

منذ 7 ساعات

هزاع البيل منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في أواخر 2014، لم تكتفِ ميليشيا الحوثي بتقويض مؤسسات الدولة والاستئثار بالسلطة، بل مارست سياسة ممنهجة لتجويع اليمنيين عبر احتكار الموارد العامة وتوجيهها نحو الحرب بدلاً من توفير الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين، تكشف التقارير الأممية استخدام الميليشيا لذرائع وحجج كـالحرب ونقص الموارد لتبرير فشلها في دفع الرواتب وتحسين أوضاع الناس

إن أخطر ما مارسته ميليشيا الحوثي بحق الدولة اليمنية هو تحويل مؤسساتها إلى أدوات لتمويل المشروع الحوثي الطائفي، فلم تعد الوزارات والمكاتب الحكومية في مناطق سيطرتها لتقديم الخدمات، بل باتت تمارس مهام الجباية وتحصيل الإتاوات لصالح المجهود الحربي، فوزارة التربية والتعليم تجمع الأموال من المدارس، ووزارة الأوقاف تبتز المساجد، ووزارة المالية تُدار وفق تعليمات ميليشيا غير خاضعة لأي رقابة أو قانون

ولإضفاء طابع شرعي على هذا النهب، استحدثت الميليشيا أنظمة وقوانين جديدة أبرزها هو قانون الخُمس الذي يمنح الحوثيين 20% من الثروات والموارد لصالح السلالة الهاشمية، إضافة إلى نظام الحارس القضائي الذي يُستخدم للاستيلاء على ممتلكات الخصوم والمعارضين تحت غطاء قانوني شكلي

وفقًا لتقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن بتاريخ 11 أكتوبر 2024، تحصل ميليشيا الحوثي على أموال طائلة من الجمارك وبيع الوقود والغاز والاتصالات والضرائب، ففي عام 2023 وحده حصلت الميليشيا على إيرادات ضخمة بلغت 3

3 تريليون ريال يمني واستخدمتها لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية، وهو مبلغ يكفي لتغطية رواتب موظفي الدولة لثلاث سنوات، بحسب بيانات وزارة الخدمة المدنية اليمنية

 ويشير التقرير الأممي إلى أن قطاع الاتصالات تحول إلى مصدر رئيسي لتمويل الحوثيين، حيث ارتفعت فيه الجبايات بنسبة 35%، إلى جانب استخدام شبكة الاتصالات لإرسال ملايين الرسائل التعبوية وتوليد أرباح ضخمة لا تخضع لأي رقابة

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أجبرت مكاتب التربية والتعليم في مناطق سيطرة الميليشيا على دفع مبالغ مالية منتظمة توجه لدعم المجهود الحربي، ففي 12 مارس 2024م تلقى مكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة مبلغ وقدره 20 مليون و 956 الف ريال يمني من مدارس أمانة العاصمة بهدف دعم الطيران المسير

ولعل أحد أساليب الميليشيا الحوثية في النهب لاستمرار حربها هو الحراسة القضائية، التي شُرعت في 2017 لتبرير الاستيلاء على ممتلكات المعارضين والمؤسسات الاقتصادية، فقد استخدم الحوثيون هذه الآلية للاستيلاء على منزل محافظ البنك المركزي في عدن، وكذلك على شركات وطنية كبرى مثل الخطوط الجوية اليمنية، التي لا تزال الميليشيا تحتجز من حساباتها أكثر من 100 مليون دولار حتى اليوم

 لا تقتصر عمليات التمويل على استنزاف موارد الداخل فحسب، بل تعتمد الميليشيا على شبكات تمويل خارجية وشركات شحن وصرافة وبنوك تعمل في دول مختلفة مثل إيران، وتركيا، وجيبوتي، والعراق، وأكد ذلك الجنرال الإيراني رستم قاسمي مساعد قائد فيلق القدس حين قال بأن جميع الأسلحة التي يمتلكها اليمنيون هي نتيجة مساعداتنا، في اعتراف صريح بدور إيران في دعم الانقلاب وتمويل الصراع

يؤكد تقرير لجنة الخبراء أن الحوثيين حصلوا على 994 مليار ريال من الجمارك على واردات الوقود، إضافة إلى أرباح تبلغ 1

34 تريليون ريال بين أبريل 2022 ويونيو 2024، لكن هذه العائدات لم تنعكس إيجابًا على تحسين أسعار الوقود أو خدمات النقل أو الكهرباء، بل ذهبت لدعم الحرب وتمويل أذرع المليشيا العسكرية والإعلامية

ما يجري في مناطق سيطرة الحوثي ليس نتيجة حصار خارجي، بل نتيجة سياسة ممنهجة لنهب الداخل وإضعاف المجتمع، فقد أصبحت كل مؤسسة وكل مورد وكل قطاع خاضعًا لعقلية النهب والسيطرة، بينما يعيش المواطن بين الجبايات والفقر