هزاع البيل : القضاء تحت الوصاية الحوثية
منذ 4 ساعات
هزاع البيل في الوقت الذي يفترض أن يكون فيه القضاء ملاذًا للعدالة وحصنًا للحقوق، تعمل ميليشيا الحوثي الإرهابية على تحويله إلى سلاح لترهيب المجتمع وإسكات الأصوات الحرة، حيث أجرت ما تُسمى بـالنيابة العامة جلسات محاكمة لأكثر من 20 معتقلًا، من بينهم موظفون في وكالات أممية ومنظمات دولية ومحلية، بتهم ملفقة من نوع التخابر ورفع الإحداثيات، في محاولة بائسة لإضفاء شرعية على جرائمها المنظمة
لم تأتِ هذه الخطوات من فراغ، بل سبقتها سلسلة من الترتيبات المدروسة لإحكام السيطرة على مفاصل السلطة القضائية منتصف العام الماضي، حين نفّذت الميليشيا تعديلات على قانون السلطة القضائية، لمنحه صلاحيات واسعة في تعيين القضاة وعزلهم ووضع يدها رسميًا على المؤسسة التي يُفترض أنها الحامية للقانون، ولم تكتفِ بذلك، فقد عيّنت 83 معمّمًا مواليًا لها في عدد من المحاكم تحت لافتة التأهيل المهني، في خطوة تهدف إلى إحلال الولاء المذهبي محل الكفاءة القانونية
شرّعت الميليشيا في مراجعة أصول القضاة غير الموالين لها والتدقيق في انتماءاتهم العائلية في ممارسة أقرب إلى الفحص العقائدي، تمهيدًا لإقصائهم من مناصبهم واستبدالهم بعناصر تدين بالولاء الكامل لـالسيد والولاية، فلم يعد معيار البقاء في السلك القضائي هو النزاهة أو الخبرة، بل درجة الولاء للمشروع الحوثي
إن المحاكمات التي تُجريها الميليشيا بحق الموظفين الأمميين والناشطين ليست سوى واجهة قانونية لتصفية الحسابات، ومحاولة لتكميم المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية العاملة في اليمن، حيث تُدار الجلسات بسرية تامة، وتُعرض فيها اعترافات منتزعة تحت التعذيب، فيما تُمنع أسر المعتقلين ومحاموهم من الحضور أو الاطلاع على ملفات القضية
أفرغت الميليشيا الحوثية القانون من معناه بعد أن صار أداة لتقنين القمع وإضفاء شرعية شكلية على انتهاكات تُرتكب بدم بارد، وبهذا العبث، تقضي الميليشيا على آخر ما تبقى من ثقة اليمنيين بمؤسسات الدولة، لتفتح الباب أمام مرحلة الظلم باسم العدالة