هل تحسّن حادثة “العرقوب” تطبيق معايير سلامة النقل باليمن؟
منذ 2 ساعات
أبين- فهمي عبدالقابضبدا يوم الأربعاء الماضي، كيومٍ أسودٍ لقرابة 24 أسرةٍ يمنية، كان أربابها قد عزموا العودة من أرض الغربة في المملكة العربية السعودية إلى اليمن بعد سنوات اغترابٍ
جهّز الجميع حقائب العودة ووثقوا لحظات عودتهم فرحًا، لكن الموت ترقّب ببعضهم، بعد حادث انقلاب حافلتهم، في نقيل العرقوب بمحافظة أبين، جنوبي اليمن، فمنهم من قضى حرقًا وبعضهم نجا بأعجوبة
وتمثل الحوادث المرورية في اليمن أحد أهم الأسباب الرئيسية للوفاة
وفي العام الماضي سجّلت وزارة الداخلية بعدن وفاة 663 شخصا وإصابة 4,261 آخرين، في مناطق سيطرة الحكومة لوحدها
وأصبح النقل البري، الممتد لآلاف الكيلومترات، هو الخيار الرئيسي للتنقل بين السعودية واليمن في ظل محدودية الرحلات الجوية وارتفاع أسعار التذاكر واستمرار إغلاق أغلب المطارات اليمنية منذ بدء الصراع في 2015
وحتى النقل البري إلى السعودية متاح عبر منفذٍ وحيد، هو الوديعة، في أقصى الشمال الشرقي لليمن مع استمرار إغلاق منفذ حرض الحدودي، شمال غربي اليمن، منذ بدء النزاع عام 2015
“قبل الحادث بخمس دقائق بدأت الحافلة بالتحرك بشكل غير معتاد، وكنت حينها أنادي على السائق وأخبره بغرابة الحركة، فيرد أن الأمر طبيعي”
يقول عبداللطيف أحمد علي، أول الناجين من الحادث، وبطل الحادثة، كما أطلق عليه روّاد مواقع التواصل الاجتماعي
عبداللطيف أحمد علي، أول الناجين من الحادث: قبل الحادث بخمس دقائق بدأت الحافلة بالتحرك بشكل غير معتاد، وكنت حينها أنادي على السائق وأخبره بغرابة الحركة، فيرد أن الأمر طبيعي”ويضيف في حديثه لـ”المشاهد” أن الحافلة استمرت بالسير بشكل غير معتاد حتى اصطدمت بحافلةٍ صغيرة وانقلبت، حينها بدأ الحريق بالاشتعال، في حين كنتُ أنادي على الركاب والسائق، وتمكنتُ في هذه اللحظة من كسر الزجاج الخلفي للحافلة برأسي وأنقذتُ نفسي وخمسة ركاب آخرين
ويتابع: “لا نعرف ما إذا كانت الحافلة مجهزة بأدوات سلامة من عدمه حتى نستطيع إطفاء الحريق الذي كان قد بدأ بالاشتعال من المقدمة، لكن ما أتذكره أني حطمتُ الزجاج برأسي ومن بعده لا أتذكر شيئًا”
بدوره يقول صادق أبو فريد، مسافر على متن حافلة أخرى: “كنا على متن حافلة ركاب أخرى قادمين من السعودية إلى اليمن، وأثناء مرورنا في نقيل العرقوب شاهدنا حافلة نقلٍ تحترق، كان المشهد مرعبًا ومحزنًا”
صادق أبو فريد، مسافر على متن حافلة أخرى: “كنا على متن حافلة ركاب أخرى قادمين من السعودية إلى اليمن، وأثناء مرورنا في نقيل العرقوب شاهدنا حافلة نقلٍ تحترق، كان المشهد مرعبًا ومحزنًا”
ويضيف لـ”المشاهد” أن الحافلة استمرت بالاحتراق ولم تصل عمليات الإنقاذ من دفاعٍ مدني وعربات إطفاء، وإنما كان هناك “وايت ماء” صهريج، فقط، بالإضافة لعربةٍ تابعةٍ لشرطة السير وصلت متأخرة، فالمنطقة نائية، بحسب أبو فريد، ومن الصعوبة أن تصل عربات الإطفاء بسرعة حتى وإن وصلها بلاغٌ بالحادث
الحادث تسبب بوفاة 17 مسافرٍ وإصابة سبعةٍ آخرين، بحسب نائب مدير شرطة السير بمحافظة أبين، رئيس قسم الحوادث، المقدم أحمد علوي الحدي
ويضيف الحدي لـ”المشاهد” أن الحادث نجم عن تصادم حافلة نقل جماعي كبيرة بسيارة أخرى، في إحدى منعطفات نقيل العرقوب بمديرية شقرة، محافظة أبين، جنوب اليمن؛ ما أدى إلى اشتعالها على الفور
وأوضح أن حادثة الاصطدام أدّت إلى انقلاب حافلة النقل المملوكة لإحدى شركات السفريات، وتعطل نظام فتح الأبواب؛ ليتسبب ذلك باحتجاز الركاب بالكامل ووفاة 17 راكبًا منهم، وإصابة سبعةٍ آخرين، بينهم نساء وأطفال
وعقبة “العرقوب” الجبلية في محافظة أبين، إحدى أخطر الطرق المرورية، نظرًا للانحدارات الشديدة والمنعطفات الحادة؛ التي تسببت بالكثير من الحوادث المرورية خلال الفترات الماضية
يقول نائب مدير شرطة السير في محافظة أبين، المقدم زهير المحروق، إن الحادث نجم عن السرعة الزائدة والاصطدام بحافلةٍ صغيرة نوع “فوكسي”
ويضيف في حديثه لـ”المشاهد” أن هذه الحادثة ليست الأولى في محافظة أبين بالنسبة لحافلات النقل الكبيرة، وإنما سبقتها حوادث أخرى خلال فترةٍ قصيرة
لكن الحوادث السابقة لم تسجل خسائر بشرية وإنما خسائر مادية تمثلت باحتراق حافلة نقل في منطقة المعجلة، والآخر في حسّان، والثالث في الشيخ عبدالله وغيره، وإنما هذه الحادثة كانت أكثرها بشاعةً، حد وصفه
يقول نائب رئيس الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري، سند بن ذيبان، إنه تم تشكيل لجنة عقب الحادث مباشرةً، ونزلت إلى موقع الحادث وتوصلت إلى أن الحادث نتج عن مضايقة حافلة صغيرة “فوكسي” لحافلة الركاب القادمة من السعودية؛ ما اضطر سائقها للضغط على الفرامل بقوة وبشكل مفاجيء؛ ما تسبب بارتطام رأسه بزجاج الحافلة وفقدانه للوعي
نائب رئيس الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري، سند بن ذيبان: تم تشكيل لجنة عقب الحادث مباشرةً، ونزلت إلى موقع الحادث وتوصلت إلى أن الحادث نتج عن مضايقة حافلة صغيرة “فوكسي” لحافلة الركاب القادمة من السعودية؛ ما اضطر سائقها للضغط على الفرامل بقوة وبشكل مفاجيء؛ ما تسبب بارتطام رأسه بزجاج الحافلة وفقدانه للوعي
”ويضيف لـ”المشاهد” أن مساعد السائق حاول السيطرة على الحافلة ولم يسعفه الوقت حتى انقلبت واحترقت وحدث ما حدث
ويشير إلى أن موديل الحافلة حديث، والحافلة مطابقة للمواصفات المعمول بها، وفيها أدوات سلامة “تأتي معها عادة من وكالتها”
وعن أسباب عدم وصول فرق الإنقاذ إلى موقع الحادث يقول بن ذيبان: “إن الحادث وقع في منطقةٍ نائيةٍ تبعد عن مركز المديرية من 20 إلى 25 دقيقة، ومعها تصعب عملية الإنقاذ كون مثل هذه الحوادث تحدث خلال دقائق”
يقول بن ذيبان إنه لا يتم منح أي شركة نقل ترخيص للعمل ولا يسمح لأي حافلة نقل بالتحرك إلا بعد استكمال كافة الاشتراطات
وبحسب بن ذيبان، فإن هذه الاشتراطات تشمل أن يكون موديل الحافلة حديث لا يتعدى العامين، وأن تحوي أدوات السلامة اللازمة فيها، وأن تكون مؤمّنة، وتحمل فحصًا فنيًا من المملكة العربية السعودية، كون هذه الفحوصات لا تتواجد في اليمن، وأن تسير وفق مسار الرحلات المحدد من الهيئة، وأن تخضع للفحص الفني دوريًا
عقب الحادثة أصدرت الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري بيانًا أوضحت من خلاله أن حافلة نقل الركاب المعنية التي تحمل لوحة رقم (8830 أ
س
أ) موديل (2023) تابعة لشركة صقر الحجاز، والقادمة من المملكة العربية السعودية، حافلة مرخصة ومستوفية لكافة اشتراطات ومعايير السلامة والفحص الفني لدى المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية، إلا أن مثل هذه الحوادث المفجعة تبقى “قضاء وقدر”
وأكدت في بيانها، الذي حصل “المشاهد” على نسخةٍ منه، متابعتها الحثيثة لسير التحقيقات للوقوف على كافة ملابسات الحادث وتحديد أسبابه بدقة، تمهيدًا لاتخاذ ما يلزم من إجراءات
كما أصدر رئيس الوزراء اليمني، سالم صالح بن بريك، قرارًا بتشكيل لجنة عليا للتحقيق في حادثة العرقوب وتقديم الدعم للضحايا
وأكد بن بريك أن هذا القرار يأتي انطلاقًا من مسؤولية الحكومة تجاه المواطنين، وحرصها على سلامتهم، مشددًا على ضرورة التحقيق الشفّاف وتحديد أوجه القصور والمحاسبة العادلة لأي جهة يثبت تقصيرها، وتحديد أوجه القصور والمسؤوليات الإدارية والفنية، والرفع بتقريرٍ شاملٍ يتضمن النتائج والتوصيات العملية إلى مجلس الوزراء خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ صدور القرار
ووجّه قرار رئيس الوزراء بصرف مساعدات مالية وإنسانية عاجلة لأسر المتوفين والمصابين جرّاء الحادث وفق آليةٍ تعتمدها وزارة المالية
فيما وجّه وزير النقل، الدكتور عبدالسلام حُميد، في 5 نوفمبر 2025، بتشكيل لجنةٍ لكشف ملابسات حادث العرقوب والرفع بتقريرٍ شاملٍ عن نتائج التحقيق، واتخاذ الإجراءات اللازمة
وأعلنت الهيئة العامة للنقل البري في اليمن عن تغييرٍ إلزامي لمسار رحلات النقل البري من وإلى المملكة العربية السعودية، ابتداءً من يوم الأحد الموافق 9 نوفمبر 2025
ووجّهت الهيئة شركات النقل البري باعتماد المسار الساحلي الذي يمر عبر: عدن، شقرة، أحور، عين بامعبد، عتق، العبر ، الوديعة؛ وذلك تجنبًا للمرور عبر نقيل العرقوب، مسرح حادث سير الحافلة الذي أودى بحياة 17 راكبًا
وأكدت الهيئة ضرورة الالتزام الصارم بالمسار المحدد، محذّرةً من أن أي شركة تخالف هذا التوجيه ستتحمل كامل المسؤولية القانونية، مشددةً على أن هذا القرار يهدف إلى تنظيم حركة النقل، وضمان سلامة المسافرين، وتسهيل انسيابية الحركة عبر الطرق المعتمدة رسميًا
وختامًا، فإن الحادثة توحي بتبعات ثقيلة على المغتربين اليمنيين في السعودية وقرارات زيارتهم لأحبتهم في اليمن
فمن كان قد خطط للسفر يفكر جديًا ومليًا في تطبيق شركات النقل شروط السلامة حتى لا تتحول العودة إلى خبر وفاةٍ مأساويةٍ لأسرته
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن