هل ينجح المبعوث الأممي في استكمال عملية السلام في اليمن؟

منذ 7 أشهر

تعز – عاصم الخضمي :تسبب دخول الحوثيين على خط الحرب في غزة عبر استهداف السفن في البحر الأحمر، في تعطيل جهود سنوات طويلة من المشاورات التي كادت أن تنهي الحرب في اليمن

تتزايد التساؤلات حول مدى قدرة المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، على إنجاح عملية السلام ووقف الحرب في ظل التحديات المتصاعدة، تأتي هذه التساؤلات في ضوء هجمات الحوثيين على السفن، حيث كانت هجمات الحوثيين المتصاعدة على السفن بمثابة المعضلة التي أعادت جهود إحلال السلام في اليمن إلى نقطة الصفر، بعد سنوات طويلة من المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة، هذا الأمر صعّب جهود المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في إحداث اختراق لإنجاح عملية السلام

عمل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ منذ توليه المنصب في 2021 على عدة ملفات وصولاً إلى الإعلان عن خارطة الطريق في ديسمبر؛ إلا أن تلك الجهود تعرضت لانتكاسة كبيرة بسبب استهداف الحوثيين للسفن، وتحويل البحار اليمنية إلى منطقة صراع دولية، وتعزيز النفوذ الإيراني باليمن، وأبدى المبعوث قلقه من “التباعد المتزايد والواضح بين أطراف الصراع” في البلاد بدلاً من تضييق الخلاف وبناء الثقة، وأكد على ضرورة عدم جعل حل الصراع في اليمن مشروطًا بحل القضايا الأخرى، مثل قضية هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، ومع ذلك، فإن المؤشرات تؤكد أنه لن يكون هناك حل للأزمة اليمنية بمعزل عن حرب البحر الأحمر التي بذلت الدول الغربية جهودًا كبيرة في الرد عليها، رغم الموقف السعودي المحايد تجاه الحوثيين لأول مرة منذ 9 سنوات

أدخلت هجمات الحوثيين على السفن اليمن في صراع جديد مع العالم الغربي الذي شن ضربات جوية ضدهم؛ وهو ما شكل تهديدًا لجهود المبعوث الأممي في إحلال عملية السلام، ومع ذلك، صرح كبير مفاوضي الحوثيين في بداية فبراير الماضي أن “عمليات البحر الأحمر منفصلة، هدفها واضح، وجاءت ضرورة للاستجابة للوضع الفلسطيني”، وأنها لن تؤثر على مسار عملية السلام في اليمن، غير أن مسؤولًا بوزارة الخارجية الأمريكية أكد على عدم المضي نحو السلام في اليمن ما لم يوقف الحوثيون هجماتهم على السفن، وقد برز مؤخرًا تهديد حقيقي لنجاح عملية السلام يتمثل في الضغوط الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الشرعية ضد الحوثيين وتم التراجع عنها، جاءت هذه الضغوط برغبة دولية لممارسة نوع من العقاب على الحوثيين نتيجة لاستهدافهم السفن وردعهم عن عملياتهم في البحر الأحمر

يواجه المبعوث تحديات جديدة تهدد خارطة الطريق التي أعلن عنها في ديسمبر، مثل تهديد زعيم الحوثيين في بداية يوليو الجاري باستهداف الموانئ والمطارات والمنشآت النفطية والبنوك السعودية، متهمًا إياها بتنفيذ الأجندة الأمريكية وتجويع اليمنيين عبر نقل البنوك، وإغلاق مطار صنعاء أمام الرحلات المحدودة، في وقت صرح فيه وزير الخارجية السعودي بأن “خارطة الطريق اليمنية جاهزة ومستعدون للعمل وفقًا لها، ونتمنى أن نتمكن من التوقيع عليها في أقرب وقت ممكن”، تفسر تصريحات السعودية وجود رغبة قوية لإنجاح جهود المبعوث الأممي رغم استمرار هجمات الحوثيين في البحر الأحمر التي قد تعرقل التوقيع على الخارطة وعودة التصعيد مجددًا

يرى الباحث بمعهد الفكر الاستراتيجي SDE التركي، إبراهيم با مطرف، أن المشهد السياسي في اليمن معقد جدًا، ويمكن أن يتم الإعلان عن توقيع خارطة الطريق في أي لحظة بضغوط قوية من السعودية التي تريد إنهاء الحرب في اليمن قبل الانتخابات الأمريكية والخلاص من ملف الحرب اليمنية الذي أصبح يؤرقها كثيراً، ومع ذلك، قد تواجه هذه الخارطة رفضًا من قبل العديد من الأطراف المحلية، على رأسها المجلس الانتقالي والقوى الحضرمية، مؤكدًا أن تقاطع المصالح بين القوى حتى بعد التوقيع على الخارطة يجعل من الوصول إلى حل سلمي دائم عملية شديدة التعقيد

في ظل المناخ السياسي المعقد وبعد الضغوط الاقتصادية التي اتخذت ضد الحوثيين، قام الأخيرون في منتصف يونيو بتخفيف الحصار على محافظة تعز من خلال فتح إحدى الطرق الرئيسية المغلقة منذ سنوات طويلة، وهو ما يعد مؤشرًا إيجابيًا لصالح جهود المبعوث في إحلال السلام

لقد غيرت هجمات البحر الأحمر معادلة الحرب في اليمن، كانت الحكومة الشرعية تسير بأوامر سعودية خالصة؛ إلا أن هذا الحال تغير لصالح الحوثيين بعد اتخاذ السعودية موقف الحياد رغم تصاعد الحرب في البحر الأحمر،،نجحت إيران في إيصال رسائل قوية للعالم الغربي بأنها تحكم قبضتها على اليمن أكثر من أي وقت مضى من خلال استهداف حليفها للسفن في البحر الأحمر وتهديد أمن الملاحة عالميًا، ومع ذلك، سيكون لهذا تبعات كثيرة على اليمن مستقبلًا، وقد يكون مبررًا لتواجد قوات عسكرية في البحر بشكل أكبر من أي وقت مضى، وعزل اليمنيين عن العالم

أظهرت الخلافات الأخيرة بين طرف الحكومة الشرعية حول المشاركة من عدمها في مفاوضات مسقط المتعلقة بالأسرى والمعتقلين، مدى صعوبة استمرار عمليات التفاوض بين الحوثيين والشرعية، ومن الواضح أن مهمة المبعوث الأممي أصبحت أكثر صعوبة من أي وقت مضى، ولن ينجح في إنهاء الحرب قريبًا، وذلك لاستمرار هجمات الحوثيين على السفن المتعلقة بحرب غزة، وفشل الدول الغربية في ردعهم، وعودة المعارك العسكرية في بعض الجبهات، بالإضافة إلى انشغال الولايات المتحدة بالسباق الانتخابي

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير